يعيش نحو ألف فلسطيني في تجمع رأس العوجا البدوي شمال أريحا، يعيشون منذ أكثر من أسبوع، بدون مصدر مياه، إثر إقدام مستوطنين على تحويل مجرى نبع العوجا إلى مسارات جانبية، وهو المغذي الوحيد لهم من المياه.
وقال أحد سكان التجمع البدوي فرحان غوانمة، لـ وكالة سند للأنباء، إن التجمع يعيش منذ أكثر من أسبوع بدون مصدر مياه، سواء للشرب أو الري أو سقي المواشي، بعد قيام مستوطنين بمنع تدفق مياه النبع في المجرى الأساسي له، وتحويلها لمسارات جانبية.
وأشار غوانمة إلى أن الأهالي يضطرون للتوجه يوميا إلى بلدة العوجا المجاورة، للحصول على كميات المياه، التي لا تكفي حاجتهم، فيما يترصد المستوطنون لهم في طريق العودة، ويحاولون الاعتداء عليهم.
وبين أن الاحتلال أغلق مع بداية الحرب على غزة، قبل أكثر من عام ونصف، مصدر المياه للمزود للتجمع من محطة "ميكروت"، وبقي نبع العوجا منذ حينه المصدر الوحيد.
ولفت غوانمة أن جفاف مياه نبع العوجا، يهدد حياة 130 عائلة تعيش في التجمع، وهو جزء من انتهاكات المستوطنين المستمرة، بهدف تهجير سكان التجمع، مناشدًا الضغط على الاحتلال لإعادة تزويد التجمع بالمياه.
بدورها، قالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، إن مياه نبع العوجا، الواقع شمال مدينة أريحا، قد انقطعت منذ أسبوع بشكل كامل، لأول مرة منذ عام 2019.
واعتبرت في بيان لها، أن انقطاع المياه يمثل واحدة من أخطر التطورات البيئية والإنسانية التي تشهدها الأغوار الفلسطينية وأ.
وبينت أن المعلومات المتوفرة تشير إلى تدخل استيطاني مباشر تسبب في قطع المياه، وتمثل في سحب المياه من قبل الاحتلال وتحويل مجرى النبع لمنع وصولها إلى التجمعات الفلسطينية القريبة.
وأكدت منظمة البيدر أن وتيرة تدفق المياه في نبع العوجا بدأت بالتراجع بشكل تدريجي خلال الأيام الماضية، حتى توقفت كليًا خلال الساعات الأخيرة.
وأشارت إلى أن هذا التوقف لا يمكن تفسيره ضمن العوامل الطبيعية، بل تؤكد المعطيات الميدانية أن ما حدث جاء بفعل فاعل، وسط مؤشرات قوية على أن المستوطنين أقدموا على إغلاق مجرى النبع، وتحويله إلى مسارات جانبية، وهو ما حرم عشرات العائلات من حقها الأساسي في المياه.
وبحسب إفادات السكان التي رصدتها البيدر، فإن المستوطنين أغلقوا مجرى النبع عند نقطة قريبة من منحدر الوادي، بحيث لم تعد المياه تصل إلى القرى المحيطة ولا إلى خطوط السحب والأنابيب التي يستخدمها السكان.
وأشارت البيدر أن نبع العوجا يُعد من أقدم وأهم مصادر المياه الطبيعية في منطقة الأغوار، وكان يغذي طوال العقود الماضية مساحات زراعية واسعة تمتد من شمال أريحا وحتى الأراضي المحاذية للحدود الشرقية.
وقالت إن تجفيف مصادر المياه يجب أن يُعامل بوصفه "جريمة بيئية وإنسانية"، تندرج ضمن سياسة التهجير القسري، وتهدف إلى إعادة رسم المشهد الديمغرافي في مناطق مصنفة (ج) تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وحذّرت منظمة البيدر من التداعيات الكارثية لهذا الانقطاع، في وقت تمر فيه الأغوار الفلسطينية بمرحلة مناخية شديدة الجفاف، ومع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، الأمر الذي ينذر بتدهور حاد في القطاع الزراعي الذي يعد المصدر الأساسي للدخل في هذه المناطق.
وأشارت المنظمة إلى أن هذه ليست الحادثة الأولى التي تُسجل فيها انتهاكات بحق نبع العوجا أو غيره من مصادر المياه الفلسطينية، حيث تم توثيق حالات سابقة من سيطرة المستوطنين على آبار ونقاط مياه عبر شبكات تحويل غير قانونية.
وطالبت المنظمة الحكومة الفلسطينية بالتحرك العاجل لمواجهة هذه الكارثة، من خلال إرسال فرق هندسية لإعادة فتح مجرى النبع، وتوفير صهاريج مياه عاجلة للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية.