قالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن المزاج العام يتغير في دولة الاحتلال الإسرائيلي مع تصاعد الغضب إزاء سلوك حرب الإبادة في غزة وتزايد الأصوات داخل البلاد للحديث ضدها وضد الطريقة التي يتم بها خوضها.
وقد أثار يائير جولان، السياسي اليساري ونائب القائد السابق لقوات الاحتلال غضبا شديدا يوم الاثنين عندما قال: "(إسرائيل) في طريقها إلى أن تصبح دولة منبوذة، مثل جنوب أفريقيا، إذا لم نعد إلى التصرف كدولة عاقلة".
وأضاف جولان "الدولة العاقلة لا تشن حرباً ضد المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها هدف إخلاء السكان".
وسرعان ما رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هذه التصريحات ووصفها بأنها "افتراء دموي".
لكن يوم الأربعاء، ذهب وزير الجيش الإسرائيلي السابق ورئيس أركان الجيش سابقا موشيه يعالون إلى أبعد من ذلك، بالقول "هذه ليست هواية، بل سياسة حكومية، هدفها النهائي هو التمسك بالسلطة. وهي تقودنا إلى الدمار".
وأشارت بي بي سي إلى أنه قبل 19 شهراً فقط عندما بدأت حرب الإبادة في غزة، بدت مثل هذه التصريحات غير واردة تقريباً.
لكن الآن وقد تحولت غزة إلى أنقاض، شنت دولة الاحتلال هجوماً عسكرياً جديداً، ورغم أنها وافقت أيضاً على رفع حصارها المستمر منذ 11 أسبوعاً على القطاع، فإن ما دخل إلى القطاع حتى الآن كان مجرد قدر ضئيل من المساعدات.
وأظهر استطلاع رأي حديث أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن 61% من الإسرائيليين يرغبون في إنهاء الحرب وعودة الأسرى. بينما يؤيد 25% فقط توسيع نطاق القتال واحتلال غزة.
اليأس والصدمة
يروج نتنياهو أنه قادر على تحقيق "نصرٍ كامل" وهو يُحافظ على قاعدةٍ قويةٍ من المؤيدين. لكن المزاج السائد في المجتمع الإسرائيلي "هو اليأس والصدمة والافتقار إلى الشعور بالقدرة على تغيير أي شيء"، كما يقول المفاوض الإسرائيلي السابق بشأن الأسرى جيرشون باسكين.
ويضيف أن "الغالبية العظمى من عائلات الأسرى تعتقد أن الحرب يجب أن تنتهي، ويجب أن يكون هناك اتفاق".
وقد واصل المتظاهرون المطالبة بوقف إطلاق النار وإعادة الأسرى الإسرائيليين.
وفي يوم الأحد، حاول نحو 500 متظاهر، كثير منهم يرتدون قمصانا تحمل شعار "أوقفوا الأهوال في غزة" ويحملون صور أطفال رضع قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية، السير من بلدة سديروت إلى حدود غزة، احتجاجا على الهجوم الإسرائيلي الجديد.
وقد قادتهم مجموعة "الوقوف معًا"، وبعد محاولتهم قطع طريق، أُلقي القبض على قائد المجموعة، ألون لي غرين، مع ثمانية آخرين.
من داخل إقامته الجبرية، قال غرين لبي بي سي: "أعتقد أنه من الواضح أن هناك صحوة لدى الرأي العام الإسرائيلي. ترون أن عدداً متزايداً من الناس يتخذون مواقف متشددة".
وقال ناشط آخر في حركة "الوقوف معًا"، أوري فيلتمان، إنه يعتقد أن هناك اعتقادًا متزايدًا بأن استمرار الحرب "لا يضر بالسكان المدنيين الفلسطينيين فحسب، بل ويعرض حياة الأسرى والجنود للخطر، ويعرض حياة كل منا للخطر".
وفي شهر إبريل/نيسان، وقع آلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين ــ من جميع فروع الجيش ــ على رسائل تطالب حكومة نتنياهو بوقف القتال والتركيز بدلا من ذلك على التوصل إلى اتفاق لإعادة الأسرى المتبقين.
وأعلنت المملكة المتحدة يوم الثلاثاء عن فرض عقوبات جديدة على بعض أكثر قطاعات المجتمع الإسرائيلي تطرفاً ـ جماعات المستوطنين .
وفي أقوى خطوة لها حتى الآن، علقت المملكة المتحدة أيضا المحادثات بشأن اتفاق تجاري مع دولة الاحتلال واستدعت سفيرها - ووصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي التصعيد العسكري في غزة بأنه "غير مبرر أخلاقيا" .
وقال الاتحاد الأوروبي إنه يقوم بمراجعة اتفاقية الشراكة مع دولة الاحتلال، التي تحكم علاقاته السياسية والاقتصادية، حيث قالت مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس إن "أغلبية قوية" من الأعضاء يفضلون إعادة النظر في الاتفاقية التي مضى عليها 25 عاما.
وفي ليلة الاثنين، انضمت المملكة المتحدة إلى فرنسا وكندا في التوقيع على بيان مشترك شديد اللهجة، أدان العمل العسكري الإسرائيلي وحذر من "إجراءات ملموسة أخرى" إذا لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة.
يقول فيلتمان: "المزاج يتغير، بدأت الرياح تهب في الاتجاه الآخر".