الساعة 00:00 م
الأحد 01 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.73 جنيه إسترليني
4.95 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.99 يورو
3.51 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

غزة في قلب نهائي دوري أبطال أوروبا 2025

مصائد موت وإذلال المُجوَّعين.. مساعدات مغمسة بدماء الباحثين عنها في غزة

مكتبة الأسير بنابلس.. إرث ثقافي يوثّق نضال الحركة الأسيرة

حجم الخط
مكتبات نابلس
نابلس- نواف العامر- وكالة سند للأنباء

في أحد أروقة مكتبة بلدية نابلس العامة، تقف مكتبة الأسرى كشاهد حي على تجربة نضالية وإنسانية فريدة، وثّقتها كتب وكراسات خرجت من رحم الزنازين، خطّها الأسرى الفلسطينيون على مدى عقود، لتتحول إلى إرث ثقافي ووطني يعكس عمق معاناتهم وغنى تجربتهم.

في رواق مكتبة الأسرى بمكتبة البلدية بنابلس، استعاد الأسير المحرر والقيادي الفلسطيني خليل عاشور، ذكريات اعتقاله الأول عام 1969، حين بدأت تتشكل مكتبات الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال.

يقول عاشور لـ "وكالة سند للأنباء": "كانت البداية من خمسة مصادر رئيسية للكتب: منها ما كان موجوداً في السجون خلال العهد الأردني، ومنها ما وصل عبر زيارات المؤسسات والأهالي، أو عبر الصليب الأحمر الدولي، إضافة إلى السماح التدريجي بإدخال الكتب مع الزوار، وصولًا إلى الكتب الإسرائيلية المترجمة إلى العربية."

وأضاف أن الراحل وديع حداد كان أول من ألقى محاضرات فكرية في السجون، مع دخول كتب الفكر الماركسي واليساري، لا سيما في سبعينيات القرن الماضي.

نواة فكرية..

يوضح عاشور أن مكتبة الأسرى في نابلس تضم اليوم نحو 8000 كتاب و6000 وثيقة وكراسة، جُمعت من سجني الجنيد ونابلس المركزي بعد انسحاب الاحتلال من المدينة عام 1995، وتم نقلها إلى مكتبة البلدية بقرار من رئيسها الأسبق غسان الشكعة، حفاظًا على هذا الموروث الوطني.

ويشير إلى أن الأسير عبد الله أبو غضيب، الذي كان مسؤول المكتبة في سجن نابلس المركزي، تولى مهمة تجليد الكتب مستخدمًا مواد هُرّبت من مصنع الألعاب داخل السجن.

ويتحدث عاشور عن تنظيم مكتبات الأسرى داخل السجون رغم القيود، مشيرًا إلى أن "مكتبة سجن بئر السبع كانت أول مكتبة منظمة، وبلغ عدد كتبها أكثر من عشرة آلاف كتاب"، مضيفًا أن قيادة الحركة الأسيرة كانت تقوم بنسخ كل كتاب أربع مرات لتوزيعها على سجون أخرى تفتقر للمحتوى الثقافي.

كنز ثقافي..

من جانبه، يقول مدير مكتبة بلدية نابلس، بشار التمام، إن مكتبة الأسرى تحتضن كنزًا ثقافيًا نادرًا، مضيفًا في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن المكتبة تحوي 7578 كتابًا، منها 2372 من مكتبة سجن نابلس المركزي، و5206 من مكتبة سجن الجنيد، إلى جانب 875 كراسة "دفاتر" للأسرى، موضحًا أن هذه الكتب تعامل معاملة المراجع، حيث الإعارة والاستخدام داخل المكتبة فقط.

ويبيّن التمام أن الكتب تنوّعت بين الفكر والفن والآداب والمعارف العامة واللغات وغيرها من العلوم النظرية والتطبيقية والعلوم الاجتماعية، مؤكّدًا أنها زبدة ما تم نقله من سجن نابلس المركزي وسجن الجنيد بعد انسحاب الاحتلال من مدينة نابلس في العام 1995، مشيرًا إلى مكتبة بلدية نابلس العامة، احتضنت هذه التركة الإنسانية والأدبية والفكرية والمعرفية، التي منحها الأسرى لتاريخ القضية الفلسطينية، وفق تعبيره.

ويوضح التمام أن المكتبة تحوي كتبًا نادرة وقيمة، ويضيف: "بعض الكتب تحمل آثار الزمن والاستخدام، لكنها ما تزال صامدة، واصفًا إياها بأنها "كتبًا لم يعفُ عليها الزمن، لأن القضية التي كُتبت لأجلها ما تزال حيّة".

ويشير إلى أن عددًا من الأسرى المحررين ما زالوا يترددون على المكتبة بحثًا عن كتاب أو شيء يعنيه ويوثّق جزءًا من ذاكرتهم وتجربتهم الشخصية.

نضال وإنتاج الفكري..

القيادي والعضو في المجلس الثوري لحركة فتح تيسير نصر الله، يرى أن مكتبات الأسرى في بداياتها شكلت النواة الأولى لمكتبة الأسير اليوم، ويقول: "رغم الرقابة الإسرائيلية، تحوّلت هذه المكتبات إلى منارات علمية وثقافية للأسرى والباحثين."

ويضيف نصر الله، أن متحف "أبو جهاد" في جامعة القدس، يمثل نموذجًا مؤسسيًا لحفظ إنتاج الأسرى الفكري، ويوفر للطلبة والباحثين فرصة الاطلاع على ما كتبه الأسرى في السجون.

وتأسست مكتبة بلدية نابلس العامة عام 1960، وتعد اليوم أحد أبرز الصروح الثقافية في فلسطين، حيث تضم أكثر من 130 ألف كتاب في مختلف مجالات المعرفة، وواصلت تطورها لتحتضن اليوم مكتبة الأسرى كجزء أصيل من الذاكرة الوطنية الفلسطينية.