في خاصرة مدينة نابلس الشرقية يقع "تل بلاطة"، بين جبلي جرزيم وعيبال، ويرتفع حوالي 520 مترًا فوق مستوى سطح البحر.
وقد كانت الطرق الرئيسة في فلسطين تمر بالقرب منه، وتميز بوفرة مصادر المياه وخصوبة الأرض المحيطة به.
شكيم الكنعانية
ويعرف هذا التل حسب- المشرفة على موقع "تل بلاطة" من وزارة السياحة، رهام عيسى- بأنه مدينة شكيم الكنعانية التي ورد ذكرها في العديد من المصادر القديمة، كنقش خو-سباك الذي يعود إلى القرن 19 قبل الميلاد.
وذكرت في تصريح لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه يسجل لإحدى أقدم الحملات العسكرية المصرية إلى أرض كنعان في عهد الملك سنوسرت الثالث.
و"ذكرت أيضًا في نصوص اللعنات المصرية، ورسائل تل العمارنة في القرن 14 قبل الميلاد كإحدى دويلات المدن الكنعانية، وكان يحكمها الملك لبايو".
وقديمًا أطلق على مدينة "شكيم" (نابلس)، نظرًا لتاريخ المدينة الهام اسم "ملكة فلسطين غير المتوجة".
نقطة سياحية
يعتبر تل بلاطة نقطة جذب سياحية رئيسية في فلسطين، وهو مدرج على القائمة التمهيدية لمواقع التراث الثقافي والطبيعي ذات القيمة العالمية تحت اسم مدينة نابلس القديمة.
ويشمل محيطها مدينة نيابولوس الرومانية والبيزنطية ومباني البلدة القديمة من الفترة المملوكية والعثمانية التي تقدم مثالًا متميزًا للهندسة المعمارية الحضرية التقليدية في فلسطين.
ويمكن للزائر بعد الانهاء من جولته في تل بلاطة التوجه لمواقع مجاورة أخرى، ومنها كنيسة بئر يعقوب المقامة على البئر الذي تشير التقاليد الدينية بأن يعقوب عليه السلام هو من قام بحفره.
بالإضافة إلى مقام يوسف، وهو مقام إسلامي أقيم في الفترة العثمانية.
كذلك يمكن للزائر زيارة موقعين بارزين آخرين في محافظة نابلس، وتم إدراجهما أيضًا على القائمة التمهيدية لمواقع التراث الثقافي والطبيعي ذات القيمة العالمية في فلسطين.
جبل جرزيم المقدس لدى الطائفة السامرية؛ وهي أصغر طائفة في العالم، وتقيم على قمة الجبل، وتقدم تاريخها للزوار من خلال متحف أقاموه في منطقتهم السكنية بدعم وتمويل من وزارة الساحة والآثار.
وبالإمكان التوجه الى موقع سبسطية الذي يبعد 12 كيلومترًا شمال غربي مدينة نابلس والتعرف على تاريخها العريق.
بداية السكن في تل بلاطة
كشفت التنقيبات الأثرية في الموقع عن بداية سكنه خلال العصر الحجري النحاسي (4500-3500 ق.م)، وأظهرت بأن أبرز الاكتشافات تعود إلى مدينة العصر البرونزي الوسيط والمتأخر (1800-1200 ق.م)، التي تمثلت بالمعبد المحصن، ويقع في الجهة الشمالية الغربية من الموقع.
تشتمل تحصينات المدينة الدفاعية على سور المدينة الضخم والبوابات كالبوابة الشمالية-الغربية والبوابة الشرقية؛ وهي من النماذج الفريدة التي عثر عليها في منطقة بلاد الشام.
كما كشف عن مبنى إداري والعديد من المباني السكنية.
وظهرت بقايا من العصر الحديدي (الذي بدأ عام 1200 ق.م)، إلا أن الموقع تعرض للتدمير على يد الآشوريين عام 721 ق.م. استعادت شكيم دورها الإداري خلال الفترة الهلنستية 332 ق.م، وعثر فيها على مباني سكنية.
وقد هجرت في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، وأسست مدينة رومانية إلى الغرب من تل بلاطة في سنة 72م، عرفت باسم فلافيا نيابولوس، ثم تحول هذا الاسم إلى نابلس بعد الفتح الإسلامي لفلسطين عام 636م، واستمرت مدينة نابلس كمركز حضري رئيس في شمال فلسطين.
التأهيل
وتم تأهيل الموقع خلال السنوات (2010-2014) ضمن مشروع تل بلاطة بهدف المساهمة في حماية التراث الثقافي في فلسطين وتعزيز التنمية السياحية.
وجاء ذلك ضمن عمل مشترك ما بين وزارة السياحة والآثار وجامعة لايدن الهولندية وبتمويل من الحكومة الهولندية، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وبالشراكة مع المجتمع المحلي.
وجرى تأسيس مركز تفسير في الموقع والذي احتوى على قاعة للعرض، ومتحف موقع وغرف لإدارة والخدمات، بالإضافة لتوفير لافتات ارشادية ومعلومات للتعريف بالموقع، وإصدار مطبوعات ونشرات من أجل توفير المعلومات العلمية للزوار.