الساعة 00:00 م
السبت 04 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

"رمضان البلاد" هل كان أجمل؟

حجم الخط
GettyImages-613511826.jpg
غزة- سند

"ضوّت المئذنة" تتهلل الابتسامة على  وجوه الصغار والكبار راكضين إلى بيوتهم، إيذاناً بانتهاء يومٍ طويل من الصيام بشهر رمضان المبارك، هذا المشهد الطفولي الذي كان يملأ مدن وقرى الداخل الفلسطيني قبل العام 1948، جاءت يد العصابات الصهيونية لتقتله وتغير هوية البلاد. 

"رمضان البلاد" قبل النكبة لم يكن يمض بشكلٍ عادي ، يحظى بطقوسٍ فريدة، تشي بحجم الود ومتانة العلاقات آنذاك، حبٌ يتخلل تفاصيل الحياة، رغم قلة الحيلة وضنك الحياة.

 نكهة رمضان

تروي السبعينية وسيلة محمد المهجرة من مدينة " الرملة"، بعض الطقوس الرمضانية التي كانت تمنح لرمضان " أيام زمان" نكهة خاصة، تختلف عن نكهة رمضان هذه الأيام.

وتقول لــ" سند" " حينما كانت تقرر إحدى النساء صناعة طعام ما، تجتمع جميع نسوة الحي في بيت واحد، ويساعدونها في ذلك، بكل صدق واهتمام، ولا يأكل أحد إلا بعد إرساله طبق من طعامه إلى جاره".

لم تكن عائلة الحاجة وسيلة وعائلتها تستطيع سماع الآذان، فيخرج الصغار إلى أقرب نقطة يستطيعون فيها رؤية مئذنة المسجد، ويبقون في انتظار أن تضيء، وبذلك يعلمون بدخول وقت الإفطار.

يتساوى الجميع بأوضاعهم البسيطة، لم يكن هناك تمايز بين العائلات، فالجميع كان يعد حلوى" الحلبة"، ثم يذهبون بها إلى "فرّان" الحارة، حيث المخبز الوحيد في المنطقة.

مدفع رمضان

أما الثمانينية فاطمة عبد الله المهاجرة من مدينة يافا المحتلة، تبين أن ما يميز رمضان قبل النكبة خروج الأطفال في مجموعات بالشوارع وإنشاد الأناشيد الخاصة بشهر رمضان المبارك.

وترى أن أجمل ما فيه، اجتماع العائلات بأكملها على مائدة إفطار واحدة، حيث الترابط العائلي الكبير وبساطة الحياة.

وتضيف لـ "سند" كان يتجمع معظم شباب البلاد برفقة أبنائهم الصغار على شاطئ البحر وقت غروب الشمس، في انتظار مدفع الإفطار الموجود على شاطئ المدينة، فكان صوته يمثل اشعاراً بنهاية صيام نهار رمضان.

"المدفع" كآن مثابة التقويم الذي يسير عليه أهل المدينة لتحديد موعد إفطارهم، في معظم المدن الفلسطينية.

صوم العصافير

وتبين أن زينة رمضان التي يزين بها الناس اليوم بيوتهم ومحالهم وشوارعهم، لم تكن موجودة أيام البلاد، كان الناس يعتبرونها من البدع التي يجب عدم التمسك بها.

وعن طبيعة صيام الأطفال توضح بأن سمة الالتزام كانت غالبة على جميع الناس، وقد كانوا ييقظون الأطفال على السحور ليعتادوا الصيام ولو كان كــ" صيام العصافير"، فيصوموا حتى آذان الظهر، ثم يتناولون وجبة خفيفة، بعدها يكملون صيامهم حتى آذان المغرب.

كعك العيد، كان حاضراً في كل رمضان، فيقمن النساء بإعداد الكعك والمعمول بكميات كبيرة تكفيهم حتى قدوم عيد الأضحى المبارك.

مسحراتي رمضان

"قلب الجار على جاره" سمة العلاقات بين الناس "أيام البلاد"، فطعام أحدهم يكفي لاثنين وثلاث، وحينما يختم أحدهم قراءة القرآن يتم توزيع طعام " الشعيرية" و" المفتول" على سكان الحي، كما يصف لــ" سند" السبعيني محمد علي التتر من مدينة غزة.

بصوته المرتفع، وأهازيجه الرمضانية يتجول" المسحراتي" بين أزقة البيوت، لإيقاظهم طوال شهر رمضان، وفي العيد يدق أبوابهم حاملاً معه كيساً، يضع له الناس فيه من الخبز والمال ما تيسر.

لم تكن لتغيب البسمة على وجه صغار الحي رغم قلة المادة، حيث يصنع الأطفال فوانيسهم الرمضانية من " كوز الجبن" أي علبة حديدية، ويقوموا بفتح مسامات فيها بالمسامير، ومن ثم يضعون حبلاً فيه، وتوضع شمعة بداخله، وبذلك يصنعون أجواءهم الجميلة.

بركة الحياة

في قرية نعليا المحتلة كانت حلوى " الزلابية"، وعصير الليمون من أهم مظاهر قدوم رمضان، وكثيراً ما كان يأخذ رب البيت، طبقاً من الطعام المصنوع في بيته، ويذهب به إلى " المقعد" حيث يجتمع فيه رجال الحي ويتناولون الطعام معاً.

الثمانينية عائشة المقيَد من قرية نعليا المحتلة تبين لـــ "سند" أن الزيارات بين أهالي القرى المتجاورة كانت دائمة، والمقاهي كانت عامرة بعد صلاة التراويح، يتسامر الجميع، حتى قبيل وقت السحور.

تستذكر الحاجة المقيّد، وتقول :" لازال مذاق أكلة " المجدرة" أيام البلاد عالقة في فمي، كُل شيء كان مختلفاً عن هذه الأيام، لم تُخالطها المبالغة  كما اليوم، بركة الطعام والوقت والحياة من أهم سمات حياة " أيام البلاد".