الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

تحليل تغييرات وأحداث فاصلة.. هل "الأقصى" على أعتاب نكبةٍ أخرى؟

حجم الخط
thumb (2).jpg
القدس/ إسطنبول – وكالة سند للأنباء

يخوض الفلسطينيون داخل أسوار المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس معركة ضد سلطات الاحتلال من أجل البقاء، والحفاظ على هوية "الأقصى" العربية الإسلامية، في ظل تسارع وتيرة الإجراءات والسياسات لبسط السيادة الإسرائيلية عليه.

اقتحامات مستمرة وزيادة في أعداد المقتحمين، لباس كمامات تحمل نصوصًا توراتية، تأدية صلوات وطقوس تلموذية استفزازية علنية، حماية عسكرية كاملة ترافق المستوطنين خلال الاقتحام، ومحاولة فَرض التعريف اليهودي للمكان المقدس على المسجد الأقصى، وغيرها.

في المقابل تُنفِّذ إسرائيل سياسة ممنهجة لخنق الفلسطينيين بالقدس والتضييق عليهم بعدة إجراءات أبرزها؛ حملة الإبعادات والاعتقالات اليومية، احتجاز هويّات المصلين، تفريغ الأقصى من المسلمين أثناء عمليّات الاقتحام، فرض غرامات مالية باهظة.

في ظل هذا التصعيد الذي تشهده القدس والمسجد الأقصى، تُطرح تساؤلات عدة: عن حقيقة ما يحدث هناك؟ وإلى ماذا تُمهد كل هذه الإجراءات؟ وهل يُمكن القول بأن إسرائيل سيطرت فعليًا على "الأقصى"؟ وهل نحن على أعتاب مواجهة شعبية غاضبة تُغيّر مجرى الأحداث وتُعيد الأمور إلى طبيعتها؟

المختص في شؤون القدس جمال عمرو، قال إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أعدت منذ سنوات طويلة خطّة مُحكمة لتهويد مدينة القدس والمسجد الأقصى، وتُنفذها تدريجيًا لتحقيق هدفها في بسط السيطرة على المدينة المقدسة ومرافقها.

وبيّن "عمرو" في حديث لـ "وكالة سند للأنباء"، أن أبرز ما يُنفذه الاحتلال في الآونة الأخيرة لتسهيل مهام المرحلة الأخيرة من خطّته، هو الاعتقالات اليومية، حملات الإبعاد الشرسة عن "الأقصى"، منع النشطاء من تصوير وتوثيق ما يحدث هناك، والمخالفات الباهضة التي تقع على المقدسيين.

إضافة إلى تدخل الاحتلال الصارخ في شؤون "الأقصى"، يُتابع: "مساحة المسجد 144 دونمًا، وهو بحاجة إلى الترميم والإصلاحات بشكلٍ دائم، لكن الاحتلال يمنع ذلك بشكلٍ قاطع حتى إصلاح صنبورة المياه ممنوع".

وفي التطرق إلى بعض الأحداث التي تجري في "الأقصى"، وصف "عمرو" ما يحدث في مصلى باب الرحمة، بـ "كارثة حقيقية" حيث حوّله الاحتلال بعد فشله في السيطرة عليه إلى "مصيّدة" للنشطاء والمرابطين.

فتح المقدسيّون مصلى باب الرحمة في شهر فبراير/ شباط عام 2019، بعد إغلاقٍ دام لـ 16 عامًا، هذه الهبّة تبعها حملات اعتقالات وإبعاد للعشرات من الشخصيّات المقدسيّة والنشطاء.

ويُكمل: "منذ فتحه إلى الآن، أصبح الاحتلال يستهدف ويُلاحق كل من يتواجد في باب الرحمة، من خلال التنكيل والاعتقال والإبعاد دون تحديد المدة، وهذا يدفعني للقول أن الأحداث تسير فيه من سيء إلى أسوء".

وبالانتقال إلى اقتحامات المستوطنين لـ "الأقصى" يقول: "إن صلواتهم ظلّت لسنوات تتم بالإيماءات خوفًا من ردات فعل مقدسية غاضبة، ثم تطورت فأصبحت بحركاتٍ بسيطة، أما الآن فزاد عدد المقتحمين وأصحبت الصلوات تتم بشكلٍ علني".

أيضًا أصبح المستوطنون يؤدون طقوسًا دينية توراتية داخل أروقة "الأقصى" دون خوف، على سبيل المثال "إعلان زواج، وإعلان بلوغ، وعقد قران، وشُرب الخمر، وغيرها".

بالتوازي مع ذلك، عملت سلطات الاحتلال بشكلٍ مدروس لتفريغ المسجد الأقصى تمامًا من المصلين والمرابطين، واعتقال وإبعاد المئات منهم سيما النشطاء، لماذا؟ يُجيب "عمرو": "حتى لا يتم توثيق وتصوير ما يحدث في الأقصى من استفزازات، تجنبًا لأي هبّات شعبية مقدسية غاضبة".

تفريغ المسجد خلال الاقتحامات، أيضًا تمّ على مراحل، ففي السابق كان يُفرض على المصلين الابتعاد عن المستوطنين لمسافة 20 مترًا، ويُمكن من خلال هذه المسافة التصوير، الآن يُمنع التواجد بشكلٍ كامل، والتصوير يُعد "جريمة" أقّل عقاب لها الإبعاد لـ 6 أشهر قابل للتجديد.

ووفق المختص بشؤون القدس، فإن المستوطنين اليهود يمكثون في "الأقصى" أكثر من المسلمين من حيث الفترة الزمنية، مردفًا: "المقدسيون ليس بوسعهم إطلاقًا التواجد في الأقصى بشكلٍ دائم، بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة التي تدفعهم للعمل لساعاتٍ أطول".

ولفت إلى أن سلطات الاحتلال هي من أوجدت هذا الواقع المعيشي الصعب في القدس، ضمن خطتها لإشغال المقدسين قدر الإمكان عن "الأقصى".

"تسوية حقوق" !

من جهته قال الباحث في علوم القدس والمسجد الأقصى عبد الله معروف، إن الاحتلال يسعي للسيطرة على المسجد الأقصى بشكلٍ كامل، لكنّ لا يُمكن القول فعليًا أنه بسط سيطرته عليه.

وأوضح "معروف" لـ "وكالة سند للأنباء" أن بسط السيطرة يتم عبر مجموعة من الإجراءات أهمها محاولته التسوية بين المسلمين والمستوطنين في  المسجد الأقصى من ناحية "الحقوق".

وفي سؤالنا عن "هدف إسرائيل من تصعيد سياستها وإجراءاتها ضد الأقصى في الآونة الأخيرة" يُرد: "الاحتلال ومستوطنيه يحاولون تغيير الواقع القائم في الأقصى، وتحويل وجودهم فيه إلى مسألة أمرٍ واقع مقبولة سياسيًا ودينيًا واجتماعيًا".

وأضاف "معروف"، أن الاحتلال يسعي لجعل "الأقصى" مكانًا خاصًا بالشعائر فقط، لا يجوز فيه ممارسة أي شيء من أمور الدنيوية كالأكل والشرب ولعب الأطفال، واصفًا هذه الخطوة بـ "غاية الخطورة".

ولفت إلى أن مفهوم المسجد بالإسلام هو مركز حياة، أما في الديانة اليهودية فهو متعلق بالشعائر فقط.

وأكمل: "إن محاولة الاحتلال بالضغط على المقدسيين لتطبيق النموذج التوراتي للمكان المقدس على المسجد الأقصى يعني أنه أصبح يتعامل مع الأقصى على أنه كنيس يهودي ينبغي فيه الرؤية اليهودية للمكان المقدس وهذا هو منبع الخطورة".

وفي معرض حديثه، تطرق "معروف" إلى ردت الفعل المقدسية تجاه ما يحدث بالقول: "مهما بدا للاحتلال أنه لا وجود لفعلٍ شعبي غاضب في وجه سياساته، إلا أن الفلسطينيين في الداخل يثبتون دائمًا المراهنة على ذلك خاسرة".

وأكد الباحث، أن الفلسطينيين في الداخل المحتل قادرون، على الوقوف في وجه الاحتلال وسياسته، وإعادة الأمور إلى وضعها الصحيح، كما حدث بشكلٍ غير متوقع في هبّة باب الأسباط عام 2017، وهبّة باب الرحمة عام 2019.

"كورونا".. استغلال أمثل

في نهاية آذار/ مارس الماضي، أغلقت دائرة الأوقاف الإسلامية، المسجد الأقصى لـ 69 يومًا بسبب جائحة كورونا، ومنذ اللحظات الأولى لإعادة فتحه، شنّ الاحتلال اعتقالات واسعة وحملة إبعادات بالجملة طالت العشرات ولا تزال.

الباحث في الشأن المقدسي، زياد ابحيص، أكد الاحتلال اتخذ من "الإغلاق الطويل منصة انطلاقٍ نحو تغييراتٍ دائمة في الوضع القائم في الأقصى، تعيد له ما خسره على طريق التقسيم الزماني والمكاني أمام الهبات الشعبية في 2017 و2019".

وفي مقالة لـ "ابحيص" قال: "إن الاحتلال فرض علينا منذ شهر مارس الماضي،  11 خسارة، جزء كبير منها تحقق له بسبب التيه والتردد في التعامل مع الوباء في الأقصى، واعتباره مقدّماً على سرطان الاحتلال ومنفصلاً عنه".

لكنّه أشار إلى أن هذه "الخسارات" ليست نهائية ودائمة، وعودة الفعل الشعبي إلى الواجهة كفيلة بـ "شطب كثير من نقاط تقدم المحتل الصغيرة، بل كفيلة بشطب ما قبلها".

وحول متطلبات المرحلة، شدد على ضرورة بناء موقف رافض وصريح من القيادات الدينية والوطنية لمواجهة ما يحدث، يتبعه إجماعٍ شعبي حقيقي، لتحويله فيما بعد إلى قوة متحركة تفشل رهانات الاحتلال.