الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

غزة .. حين يجتمع الحر والحجر والحصار

حجم الخط
image.jpg
غزة _ وكالة سند للأنباء

شهر يلسع فيه الحر أجساد الكادحين، وحرارة تسرق فيها معالم الوجوه وتهب الأنفس ضيقاً وتعباً، وحصار يطبق بأنيابه على كل تفاصيل الحياة في قطاع غزة، ليجعل أبسط حقٍ ينتزع من بين فم الحياة انتزاعاً، وكهرباء شحيحة تتخاصم مع المياه، فلا موعد للتلاق بينهما.

حياة لا فصول فيها للدعة أو الاستقرار، سوى محاولات لخلق حياة من العدم، لتتضاعف المعاناة مؤخرا بعد أن شلت كل مناحي الحياة في ظل فيروس اجتاح العالم، ولم يترك لغزة فرصة للنجاة منه طويلاً.

عزلٌ للمحافظات، منع للحركة، إغلاق الأحياء، وحجر للمنازل، توقف لجميع مناحي الحياة، فلا عجلة للحياة تدور ولا مكافحين يبحثون في فلكها عن لقمة حياتهم.

ووصلت نسبة الفقر والبطالة عام 2019 إلى ما يقارب 75% بحسب وزارة التنمية الاجتماعية في القطاع، وذلك مع اشتداد الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2007، والذي تخللته ثلاث حروب أعوام 2008 و2012 و2014.

bposts20200511115731.jpg
نظام اليومية

المواطن محمد إبراهيم، والذي يعمل سائق أجرة، يوضح أن فئة السائقين هم أكثر الناس تضرراً خلال جائحة كورونا.

ويضيف إبراهيم خلال حديثه لــ "وكالة سند للأنباء"، إن السائقين الذين تضرروا مراراً وتكراراً خلال الحصار الإسرائيلي على غزة، هم اليوم الفئة الأكثر تضرراً، نظرًا لأنهم يعملون بنظام اليومية.

ويبيّن أن ما يحصل عليه خلال اليوم هو فقط قوته وقوت أبناءه، "فكيف لا نكون أكثر الفئات تضرراً ونحن لا نجني قوت أبناءنا".

ويتابع: "يتراكم علينا أقساط السيارة، ترخيص السيارة وتأمينها الذي كنا نذخره كل يوم بيومه".

ويوضح أنه في ظل استمرار إجراءات حظر التجوال بات السائقين طبقة منكوبة، وبعضهم قد يضطر لبيع سيارته حتى يسدد ما تراكم عليه من ديون.

وقتٌ صعب

فيما تعاني السيدة إيمان الخطيب من ارتفاع درجة الحرارة صيفا في بيتها كونه مسقوف بـ"الأسبست"، ما يجعل البيت ككتلة ملتهبة، والذي زاد الوضع سوءا في الفترة الأخيرة هو الحجر المنزلي.

وتقول الخطيب لـ "وكالة سند للأنباء" إنها تحاول أن تشطف البيت بين الفينة والأخرى، وتضع أطفالها في بركة مصنوعة من النايلون كي يلتهون ويبردون أجسادهم فيها، إلا أن انقطاع المياه في أحياناً كثيرة ينغص علينا الأمر أكثر، والماء لا يتقاطع مع قدوم الكهرباء.

وتوضح أن إعلان فترة الحجر جاء في توقيت صعب للغاية، الحر الشديد والحصار المطبق على غزة والخشية من الإصابة بكورونا.

وتبين أن الأطفال لا يستطيعون المكوث في المنزل طوال الوقت، وتكثر المشاجرات والخلافات، ما يخلق ضغطا نفسيا على الوالدين.

وتضيف: " كان المتنفس لنا الذهاب للبحر كونه إلى جوارنا, لكن اليوم أغلق البحر فيضطر الجميع للبقاء في المنزل، وأحيانا يخرجون للجلوس أمام عتبة المنزل مع زوجي، هربا من الحر والضغط النفسي، في ظل منع التحركات وتوقف العمل في كل مكان.

GDFGDF.jpg
قشة قسمت ظهر البعير

بدورها، توضح الأخصائية النفسية سمية أبو حية، أن ظهور الوباء كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير بالنسبة لأهالي قطاع غزة، لأن الغزي كان يقاوم ليحصل على لقمة العيش كما يقاوم الاحتلال.

وتؤكد أبو حية في حديث لـ "وكالة سند للأنباء" أن أبناء شعبنا بالكاد يستطيع الواحد منهم أن يجد عملاً، أو يطعم أبناءه، ويوفر لهم الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.

وتنوه إلى أن جائحة كورونا جاءت في وقت يعاني منه شعبنا من الحصار المشدد والحر الشديد، خاصةً في ظل ازدياد عدد ساعات قطع الكهرباء.

عبء مزدوج

وتشير إلى أن بيوت غزة جُلها صغيرة جداً ومكتظة بسكانيها، واليوم في ظل الحجر الصحي وإجراءات حظر التجوال تجد أن البيت يكتظ بالزوج والزوجة والأولاد، فلا الأب يذهب للعمل ولا الأبناء يذهبون لمقاعد الدراسة.

وتتابع: "إن ذلك يشكل عبء مزدوج، أولاً على الأم التي تزيد الأعباء المنزلية عليها من طهي وترتيب وتلبية رغبات الأبناء، وثانياً عبء الأب غير المعتاد على الجلوس طويلا بالبيت وفض النزاعات الحاصلة بين أبنائه".

وتلفت الأخصائية أبو حية، إلى أن الأبناء يعانون من الحجر الصحي الذي يمثل لهم بمثابة حبس منزلي والذي قد تنعدم فيه وسائل الترفيه.

وجود كل أفراد المنزل طوال الوقت مع بعضهم البعض ولفترات طويلة وممتدة، بدون وسائل الترفيه، وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي يخلق جو من المشاحنة بين الأب والأم والأبناء، كما توضح أبو حية لـ "وكالة سند للأنباء".

وتنوه أن ذلك يسبب الضغط النفسي للجميع، ويصبح التوتر سيد الموقف، عدا عن القلق المستمر خوفاً من الإصابة بالمرض أو خشية على فقدان حبيب هنا أو هناك، وخاصة تلك البيوت التي يتواجد فيها كبار السن أو فئة المرضى، الذين هم أكثر عرضة للمرض.

وتنصح الأهالي بالمحافظة على روتين الأبناء داخل الحجر الصحي، وتخصيص أوقات لتعليم وأوقات للترفيه، ومحاولة تمرير الحجر على أنها حياة طبيعة خالية من التعقيدات أو التوترات.

وتدعو الأمهات إلى الحفاظ على الروتين السابق لأبنائها، من خلال تقديم وجبات الطعام بالوقت نفسه الذي كانت تقدمه به قبل الجائحة، وكذلك تخصيص وقت الدراسة بالوقت نفسه الذي كانوا يدرسوا فيه قبل الحجر.

وتؤكد أبو حية على ضرورة المحافظة على التواصل الاجتماعي، ويمكن التزاور والتواصل الاجتماعي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كلقاءات الفيديو مع العائلة، لأن أضرار العزلة الاجتماعية ستكون أكثر صعوبة عند انتهاء الجائحة.

DaU7O.jpg
thumbs_b_c_a8551cfb1778a997b40961bf52399006.jpg
GettyImages-1228191571.jpg