لم يكن زادها إلا إبرة وكرات من الصوف الملون، لكنها استطاعت أن ترسم به البهجة على شفاه الكثير من الأطفال، من خلال تجسيدها الدمى المفضلة لهم بخيوط من الصوف عبر فن الكروشيه.
تقول الشابة ضحى باسل عودة (26 عاماً) إن بدايتها مع فن الكروشيه كان قبل ثلاث سنوات، بعد أن لفتتها مشغولات والدتها من الصوف.
وبعد أن شدها صوف أمها إلى الكروشيه بدأت بالبحث عبر الإنترنت والتعلم بشكل تدريجي واحترافي، كما تبيّن عودة لـ "وكالة سند للأنباء".
وتوضح أن تعلقها بالكروشيه نتج عن حبها بشكل عام للأشغال اليدوية والتطريز والرسم.
وحصلت عودة على تشجيع وثناء الأهل والجيران، الأمر الذي مثل حافزاً إضافياً للاستمرار في فن الكروشيه وإتقانه، رغم أنه فن لا يُتقن بسهولة.
صناعة البهجة
يعد فن الكروشيه شكلاً من أشكال الحياكة، والتي تتم باستخدام سنارة خاصة لحياكة خيوط الغزل، أو خيوط الصوف لتنتج في النهاية أشكالاً فنية، أو ملبوسات من الصوف.
يفترض البعض أن الكروشيه قد نشأ عن ممارساتٍ تقليدية تمت مزاولتها في شبه الجزيرة العربية، أو جنوب أفريقيا، أو الصين، إلا أنه ليس هناك دليلاً دامغًا يؤكد أن هذه الحرفة تمت مزاولتها قبل اكتسابها لشعبيتها في أوروبا أثناء القرن التاسع عشر.
وأصبح فن الكروشيه صناعة منزلية مزدهرة في جميع أنحاء العالم، وخاصةً في آيرلندا وشمال فرنسا، من شأنها تدعيم المجتمعات التي تضررت فيها وسائل كسب الرزق بسبب الحروب، والتغيرات في زراعة الأراضي، واستغلال الأرض، والعجز في المحاصيل الزراعية.
وكانت النسوة، وأحيانًا حتى الأطفال، يمكثن في المنزل ويقومون بشغل قطع من الكروشيه مثل الملابس والبطانيات لكسب المال.
لم تسلك ضحى عودة مسلكاً تقليدياً في تعلم الكروشيه وصناعته، بل عملت من خلاله على رسم البهجة على شفاه الأطفال بتحويلها كرات الصوف إلى ألعاب للأطفال بأشكال وأحجام مختلفة.
وتشير إلى أن مشغولات الكروشيه تأخذ وقتا طويلا في تجهيزها وإكمالها، فأصغر قطعه يتراوح طولها من 9 إلى 12 سنتمتر قد تأخذ منها مدة زمنية تصل لأربع ساعات متواصلة.
وتبيّن عودة أنه في حال بدأت في العمل على أي قطعة فإنها تتحمس لاستكمالها لترى النتيجة النهائية، الأمر الذي يجعل من إنهاءها في جلسة واحدة عبئاً ليس بسيطاً.
تفريغ طاقة
وتقول عودة لـ "وكالة سند للأنباء" إن العمل على إنتاج ألعاب وقطع فنية من خلال فن الكروشيه يساعدها على تفريغ الطاقة السلبية المكتسبة، ويدفعها للإبداع لإنتاج أفضل المشغولات اليدوية.
وتضيف: "حين أنتهي من تجهيز أي قطعة كروشيه أشعر بأنها أصبحت قطعة من قلبي ولا يمكنني التفريط فيها بإهدائها أو بيعها، بل تفضل إعطائها لمن يعرف قيمتها ويقدر الجهد المبذول في إتمامها".
وتبيّن أن حجم السعادة الذي تلاقيه على وجوه من تصنع لهم قطعا فنية بالكروشيه يدفعها للاستمرار بشكل أكبر، ويمثل حافزاً إضافياً للعمل على تطوير نفسها وموهبتها بشكل مضاعف.
ودعت عودة الفتيات إلى تطوير أنفسهن في كل المجال، وألا يقللوا من شأن أي مجال كان، وخاصة المجالات المتعلقة بالنساء كالأشغال اليدوية، وأن يستغلن أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع المعنوي، وأحياناً المادي.