الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بعد انتظارٍ طويل.. "فاتن" تستقبل عريسها المحرر بإضراب عن الطعام

حجم الخط
5C27D6E2-28DB-407F-9461-B8E16C336BC5.jpeg
آلاء المقيد - غزة - وكالة سند للأنباء

هل مررتم بقصص حُبٍ، أبطالها يُثيرون فيك دهشةً تدفعك للتساؤل: ما سّر الوفاء بينهما؟ تمّر علينا الكثير من حكايات الارتباط التي يكون لها وقعًا فريدًا على النفس، وللفلسطينيين نصيب كبير منها.

فليس غريبًا أن تسمع فتاةٍ تؤجل حفل زفافها لـ 18 عامًا لأن العريس أسير لدى الاحتلال، وأخرى تنتظره بعد المؤبد ليُكملا حياتهما مع طفلهما كما تعاهدا في أول الطريق، وآخر يقف في ظهر زوجته سندًا قويًا، يُشجعها على رباطها في المسجد الأقصى رغم الانتهاكات والاعتداءات التي لا تنتهي بحقها.

قصص نسمعها كثيرًا، لكنّ لم نمّل يومًا من التلذذ بطعم العطاء فيها، والتغني ببهَجة الحُبّ التي تدفع اثنين للمواصلة رغم مرارة الطريق ومعيقاته، وفي هذا التقرير نصحبكم مع واحدة من هذه القصص، أبطالها "فاتن" من قطاع غزة، وخطيبها الأسير المحرر "أيمن" من القدس.

"فاتن" و"أيمن" عقدا قرانهما قبل ثلاثة أعوام من الآن، وعاشا على بصيص أملٍ أن يجتمعا عند تحرره من الأسر، ليعيشا حياةً هانئة مطمئنة، إلا أن الاحتلال حال دون ذلك، وتركهما رهن الانتظار، وبدلًا من أن تستقبله بالورود وثوب الفرح، استقبلته بالإضراب عن الطعام.

فاتن إسماعيل، فلسطينية من سُكان مخيم المغازي وسط قطاع غزة، تخوض إضرابًا عن الطعام منذ قرابة الشهر، احتجاجًا على منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي  لمّ شملها بخطييها الأسير المحرر أيمن حميدة من بلدة العيزرية بمدينة القدس.

الأسير "حميدة" تحرر من سجون الاحتلال قبل نحو شهر من الآن، بعد اعتقال دام لسنوات تعرض خلاله لإهمال طبي متعمد من إدارة السجون أدى لإصابته بمرض القلب.

في كل اتصالٍ ورسالة مُهربة من وإلى الزنانة، كان "أيمن" و"فاتن" يُخططان للحظة اللقاء الأولى بعد التحرر، لـ "لهفة العنِاق"، الورود الحمراء، لثوب العروس المُطرز بألوان الفرح، ولحياة جديدة سعيدة تجمعهما تُنهي عناء الانتظار.

لكنّ قدر الفلسطيني أن يُنغص الاحتلال فرحته، ويقف حائلًا بينه وبين ما يُريد، حيث حُرمت "فاتن" من استقبال خطيبها والوقوف إلى جانبه في لحظة فارقة من حياته (تحرره من السجون).

القصّة بدأت من صورة..

قد يتبادر إلى الذهن تساؤلًا عن اللقاء الأول الذي جمع "فاتن" من قطاع غزة و"أيمن" من مدينة القدس، تروي فاتن إسماعيل لـ "وكالة سند للأنباء" الحكاية.

"فاتن" شابّة متضامنة منذ سنواتٍ طويلة مع قضيّة الأسرى، وتعمل جاهدة على المشاركة بكل الفعاليات المناصرة لهم، واعتادت أن تأتي كل اثنين أسبوعيًا من منزلها للمشاركة بالوقفة الأسبوعية أمام مقر الصليب الأحمر بغزة.

وذات مرّة رفعت "فاتن" في الوقفة صورةً للأسير أيمن حميدة دون قصد، وعلى الجهة الأخرى كان "أيمن" يُتابع فعاليات هذه الوقفة على التلفزيون الرسمي الفلسطيني، فانتبه لها، وظّل محاصرًا بها لأيام، إلى أن قرر الارتباط بها، وطلب من أهله البحث عنها والتقدم لها بشكلٍ رسمي.

تقول "فاتن" بصوتها المُتعب، إنها تفاجئت من الأمر عندما تلقت عائلتها اتصالًا هاتفيًا من القدس، الزواج غير مطروحٍ لديها، فمنذ سنوات وبعد وفاة والدتها قررت وهب حياتها لرعاية شقيقتها التي تُعاني من إعاقة.

إلا أن عائلة "أيمن" نقلت لـ "فاتن" إصراره على الارتباط بها رغم كل العوائق الجغرافية التي فرضتها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين، فكان ردّها "قَبلت الزواج به".

وتقّر "ضيفة سند" بصعوبة هذا النوع من الارتباط، لكنّها تؤكد أن العوائق لا تدوم، والاحتلال كذلك مستطردةً بالقول "طالما أنا وأيمن متمسكين بخيار البقاء معًا سنلتقي بإذن الله وستهون كل الصعِاب".

دخل "فاتن" و"أيمن" عامهما الثالث في الخطوبة، لم تتمكن خلالها من زيارته في سجون الاحتلال لحجج واهية، والاتصالات بينهما شبه معدومة، لكنّ كيف تعرفا على بعضهما أكثر؟

تحمل "فاتن" في صوتها الكثير من مشاعر الوفاء لشريك حياتها، أثناء إجابتها على السؤال: "عرف كلٌ منّا شخصية الآخر عبر الرسائل المهربّة من الأسرى أو ما نرسله لبعضنا من خلال والدته، وفي كل مرة كنت أحبّه أكثر وأتمسك به أكثر وأكثر".

وعملت "فاتن" منذ اللحظات الأولى لارتباطهما على التواصل مع جميع الجهات الرسمية والمؤسسات الحقوقية، لكيّ تكون مع "أيمن" عند الإفراج عنه، وتلقت الكثير من الوعودات بهذا الشأن.

وتُشير إلى أن جهات رسمية وعدت "أيمن"، بأن يتم سفرها إلى القدس قبل الإفراج عنه، لتُشاركه هذه الفرحة ويعيشان الحياة التي خططا من أجلها طيلة السنوات الماضية، لكنّها وعود لم تُنفذ حتى اللحظة.

"الجهاز سافر ولم يبقى إلا العروس"

تتابع بنبرةٍ مثقلة بالحزن: "جهزت بيتنا في العيزرية من الألف إلى الياء، عبر كاميرا الهاتف، كان أهل أيمن يذهبون إلى السوق ويعرضون على الكاميرا الخيارات المتاحة للأثات، وأنا أختار بنفسي كل ما يخصّ بيتنا".

أيضًا تمكنّت "فاتن" من إرسال ملابس وجهاز العروس إلى البيت الجديد في العيزرية عبر معارفها الذين يُسافرون إلى الضفة والقدس، والثوب الفلسطيني الذي طلب "أيمن" شرائه لاستقبالها به لحظة الإفراج عنه، انتقل هو الآخر إلى هناك، ولم تبقى إلا هي تنتظر!

"انفصلوا أسهل لكم".. كلّمات قاسيّة تتردد على مسامع "فاتن" كلما طرقت بابًا لأجل حلّ قضيتهما، إلا أنهما قطعا وعدًا أن يستمران معًا وألا يتخلى واحد منهما عن الآخر، مهما ساءت الظروف وانعدمت الحلول.

"فاتن" التي تتراجع صحتها يومًا بعد آخر بسبب الإضراب الذي تخوضه، مصّرة على المواصلة حتى تحقيق مطلبها العادل في لمّ شملها بشريك حياتها، فهل من مجيب؟