رائحة زكية وطيبة، ومن بعد عشرات الأمتار، تفوح من طابون الحاجة "أم حسن " في سلفيت، وذلك مع تحضيرات عيد الفطر السعيد، "فكعك العيد الطيب، مع نار الطابون الهادئة، له رائحة خاصة وطعم لا يقاوم"، كما تقول "أم حسن".
وتدخل صناعة كعك العيد كمورث شعبي تقليدي، البهجة والسرور على المواطنين؛ حيث تبرز كعادة وتراث جميل، وتقليد لا غنى عنه خاصة لنساء الريف في الوقت الذي تفضل فيه نسوة المدن شرائه من المخابز والمحلات التجارية.
ومع اقتراب عيد الفطر السعيد تفوح رائحة الكعك الجميلة في أكثر قرى وبلدات ريف الضفة الغربية؛ إلا أن رائحة كعك الطابون ورغم ان مكوناته لا تختلف كثيرا عن كعك العيد في المخابز والمنازل، إلا أنها من خلال حرارة الطابون لها رائحة تشد المرء وشكل مميز.
مميزات خاصة
وما يميز "أم حسن" أن الشومر الذي تضعه على كعك العيد هو بلدي وليس من المحلات التجارية، وكذلك الطحين، والسمن أيضاً مصنوع من الحليب البلدي، لتقوم بخلطه بشكل رتيب ومن ثم تجهزه بسلاسة ورتابة للعيد.
ويعد طابون "أم حسن" تراثا وعراقة وتاريخا فلسطينيا يتحدى مستوطني مستوطنة "اريئيل" الإسرائيلية الجاثمة على مئات الدونمات من الأراضي الفلسطينية.
وتؤكد "أم حسن" أن المستوطنين يغتاظون من الطابون الذين يرونه على بعد عشرات الأمتار من مصانع "اريئيل"؛ لأنه يبطل مزاعمهم بأن الأرض لهم، حيث التاريخ ورونق الماضي والتراث الفلسطيني.
وتطلق كلمة الطابون على الغرفة التي تحتوي على الموقد، وهي غرفة صغيرة، سقفها منخفض ومدخلها صغير للمحافظة على الحرارة في الداخل، حيث تتكون بفعل حرق روث الغنم الذي يكون جافا.
صناعة الكعك
وتختلف صناعة كعك العيد من ربة بيت إلى أخرى، حيث تقول خديجة دويكات من حوارة: "أضع على كعك العيد الكثير من التوابل والشومر بشكل معتدل، وأجليه من الجبال والوديان وليس من السوق حيث يكون ألذ وأطيب، عدا عن وضع جوزة الطيب التي لا تعرفها بنات اليوم وهن أصلاً نسين خبز وكعك الطابون".
وفي محاولة لتقليد كعك العيد وصناعته في الطابون، قامت ربة المنزل علا سلايمة من نابلس بطهيه على النار في الفرن بشكل هادئ ونار خفيفة وليس نار حامية وسريعة، وتقول: "النار الخفيفة تنضج الكعك بشكل مقبول وأطيب من النار السريعة ولكنه مع ذلك لا يضاهي نار الطابون".
ويعتبر صناعة وتجهيز كعك العيد، من التقليد الشعبي والتراث العريق سواء في ريف الضفة أو المدن إلا أنه في الريف أكثر حضوراً وقوة.
حيث لا يزال موجوداً وبقوة في الوسط الشعبي الفلسطيني، متمسكين بهذا التقليد كُلٌّ حسب طاقته المادية؛ والذي يقدم للأقارب والزوار مع الحلويات والكبة باللحوم.