حُزن يُخيم على المسجد الأقصى وطيوره وهُريراته، في أول صباح يُفتقد فيه الحاج "أبو أيمن"، بعد سنواتٍ طويلة من العطاء والإحسان، حيث كان يُطعم ويُداعب ويتبسم لكل العابرين في طريقه، حتى لُقب بـ "أبو هريرات الأقصى".
ففي أوقاتٍ ثابتة، كان يحرص عجوز بلحية بيضاء ووجهٍ بشوش، وقلبّ أرقّ من نَسمة الصباح، أن يأتي إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك وفي يديه أكياس طعام، وحلوى شهيّة، يبحث عن الأطفال، والكِبار، عن القطط والعصافير، يدنو منهم، بعطف أبٍّ عاد بلهفة إلى منزله بعد يومٍ شاق، لا يطمئن ويَسعد إلا في اللحظات التي يُطعم فيها أطفاله بيده.
هذا الرجل العطوف، اسمه غسان رفقي يونس، ظلّ حريصًا على حياته الموهوبة لـ "الأقصى" وما يحويه من بشرٍ وشجر وحيوانات، حتى بات يُعرف بـ "أبو هريرات الأقصى" لكنّ يد الموت امتدت إليه ليلة أمس، ليرحل متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا.
الحاج "أبو يونس" هو من سكّان بلدة عارة في أراضي الداخل الفلسطيني المحتل، ورغم بُعد مسافتها عن المسجد الأقصى، لكنّه لَزم الرباط فيه ولم يأبه يومًا بالحراسة الإسرائيلية على أبوابه.
كان يأتي كل صباح من بلدته إلى "الأقصى" يحمل على كتفيه المتقوسين، حقيبة فيها الطعام من لحوم، وحلوى، وخُبز العصافير، وما أن يصل باب حطّة (أحد أبواب المسجد) تجد القطط التفت حُوله، والسماء امتلأت بالعصافير، ولا تُفارقه حتى حصولها على الطعام.
يقول الراحل "أبو يونس" في إحدى المقابلات السابقة معه: "الله هو المُطعِم، لست أنا.. أنا سبب فقط، الله سبحانه وتعالى أكرمني بهذا الشيء".
ويُردف: "القطط هناك تعرفني جيدًا، وأنا متعلق بها بشكل كبير" واصفًا إياها بـ "مرابطات في الأقصى".
وفي الأوقات التي يتعذر عليه الوصول للمسجد الأقصى، كان يُوصى رفاقه المتواجدين هناك، بإطعام القطط والعصافير.
اعتاد أن يفعل ذلك، حتى أُطلق عليه "أبو هريرات الأقصى تيمنًا بالصحابي عبد الرحمن بن صخر، الذي امتلك هرة، و"كان شديد البر بها، إطعاماً وملاعبة وكرماً ومرافقة"، حتى لقبه الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بـ "أبي هريرة".
وكان يصف "أبو أيمن" إحساسه بعد أداء مهتمه الإنسانية: "الألفة التي بيني وبين طيور وقطط الأقصى تجعلني أشعر بسعادة غامرة، لقد سخرني الله لخدمتهم".
وبعد الإعلان عن وفاته، نعى فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي "أبو هريرات الأقصى" مُعبرين عن حُزنهم الشديد لفقدانه.
واستحضر النشطاء صورًا ومقاطع فيديو لـ "أبو يونس" وهو يُطعم القطط ويُداعبهم في باحات "الأقصى" مُغردين: "ستفتقده الساحات والمآذن والأروقة ، وسيفتقده الصغار، وقطط المسرى وعصافيره".
#أبو_هريرات_الأقصى
— Alyateema (@AlaqsaLion) January 19, 2021
كان العم أبو أيمن صبوراً
هذا الحوار كررته ثلاثة مرات في زوايا مختلفة من المسجد #الأقصى ضمن كواليس صناعة فيلم أبو هريرات الأقصى
في كل مرة كان يستمتع بتكرار الحوار
ألم كبير لفقد هذا المرابط الطيب وسط متابعة أرشيف تلك اللقطات?
رحمه الله وجبر قلوبنا#Alyateema pic.twitter.com/6UM25E6cSP
كان يأتي يومياً من عارة في الداخل المحتل الى القدس ويقوم باطعام طيور وقطط المسجد الاقصى المبارك
— Marwa Hacine (@mervequds) January 19, 2021
مقدسي أكثر من أهل القدس أنفسهم
العم أبو أيمن #ابو_هريرات_الاقصى ... في ذمة الله تعالى
سيشهد لك طيور وقطط الاقصى وبلاط الاقصى .. حتى أهل الاقصى سيشهدون لك يوم القيامة pic.twitter.com/WTC4YcHSGK
والأقصى يفقد اليوم مرابطاً جديداً !
— هنادي حلواني (@hanadyhalawani) January 18, 2021
العم أبو أيمن (أبو هريرات الأقصى) أفضى إلى ما قدّم وانتقل إلى رحمة الله وضيافته .
كان حريصاً على الرباط في الأقصى رغم قدومه من قرية بعيدة
كان رحمه الله عطوفاً يكرم الصغار والكبار بعطفه ، ولا ينسى قطط الأقصى وطيوره من حنانه فيطعمهم.
رحمك الله pic.twitter.com/WRLUQyGauL
ببالغ الحزن والصبر والاحتساب ننعى شيخ المرابطين في الأقصى ... وأبو هريرات الأقصى ... وعمر مختار الأقصى ... الشيخ غسان...
Posted by رضوان عمرو on Monday, January 18, 2021
ابو هريرات الأقصى في ذمة الله ?? صديق الجميع، شيخ العطاء، راسم الابتسامة من يعرف "غسان يوسف" ولم يمنحه هدية أو قطعة...
Posted by Renad Sharabaty on Monday, January 18, 2021