لوحظ في الآونة الأخيرة اقبال الغزيين على صناعة الكنافة النابلسية، والتي تعد من أشهر الحلويات في فلسطين.
ويتفاخر الغزيون في عرض إنجازاتهم عبر موقع "فيسبوك" و"إنستغرام" في صناعة الكنافة، مستغلين فترة الطوارئ، والتي أدت إلى إغلاق محال الحلويات خاصة يومي الجمعة والسبت.
وباتت كذلك شرفات المنازل تعج برائحة مزيج السمن والجبن والقطْر الساخن، محاولين بذلك تحقيق نوع من المتعة الخاصة بلمة العائلة وتبادل الأحاديث على طبق النابلسية.
وتتكون الكنافة النابلسية من عجينة الكنافة المشهورة وهي "الرشة"، مضاف إليها السمن والقطر، وصبغة حمراء وجبنة نابلسية لأنها تذوب وطعمها حلو؛ ولكن يجب نقعها بالماء ليلة قبل الاستخدام لاستخلاص الملوحة من الجبنة وعادة تزين بالفستق الحلبي والقطر.
ويعرف الغزيون ثلاثة أنواع من الكنافة تشمل النابلسية والعربية والاسطنبولية، ولكن الانتشار الأكبر هو للكنافة النابلسية.
تجارب ممتعة
ويقول المواطن خليل أحمد كنت معتاداً على تناول الكنافة مرتين أسبوعيا، ولكن مع حالة الإغلاق توقفت عن ذلك، لذا كان لا بد من البحث عن حلول بديلة لذلك.
وأضاف أحمد في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، بدأت بإعداد النابلسية وفق الطرق الأصيلة باستخدام عجينة طازجة والجبنة البلدية والسمن البلدي، ووجدت أن ذلك عمل ممتع، وصرت أصنعه أكثر من مرة أسبوعياً.
من جانبه، قال الشاب يحي أبو شمالة، والذي يمتلك محلاً صغيراً لبيع الكنافة النابلسية في مخيم البريج، إن النابلسية تُسمى بـ"ملكة الحلويات" نظراً للإقبال الكبير عليها من قبل الزبائن في غزة خاصة وأنها تمتاز بالنكهة اللذيذة وسرعة التحضير ودوماً ما يفضلها الغزيين عن أصناف أخرى من الكنافة والحلويات الأخرى.
وأوضح في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن ثمن الكيلوغرام الواحد من هذه الكنافة يبلغ نحو 30 شيقلاً، فيما تُقدم على شكل صوانٍ كبيرة بزنة خمسة كيلوغرامات في المناسبات السعيدة.
كنافة بالخبز
وبالانتقال إلى مدينة نابلس، والتي تعد الأصل التاريخي للكنافة النابلسية، فإن البعض يفضل أكل الكنافة بالخبز وحشوها داخل رغيف ساخن.
وقال أبو حمدي القدومي، والذي يمتلك محلاً في بلدة نابلس القديمة، إن هذه عادة قديمة توارثها أهل المدينة والقرويين منهم منذ عشرات السنين، لا زالت موجودة حتى اليوم رغم تراجعها، كان الزبائن يأكلون الكنافة بالخبز ويعتبرونها وجبة فطور كاملة".
وتابع في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، "في موسم قطف الزيتون في شهري تشرين أول "أكتوبر" وتشرين الثاني "نوفمبر" يفضّل القرويون الكنافة بالخبز، فهي أشبه بالوجبات السريعة التي تعطيهم طاقة كبيرة وتعينهم خلال عملهم الشاق".
وأضاف أبو حمدي، "إذا كانت الشوكلاته تعطي شعوراً بالسعادة فالكنافة تعطي شعوراً بالبهجة والدفئ والطاقة".
وعن سر تميز كنافة مدينة نابلس وتفردها بهذا الطعم الخاص، يقول أبو حمدي "النفس الطيب أولاً، هذا قبل كل شيء، بالإضافة للعجينة البلدية المكونة من الطحين والسكر والقليل القليل من الحليب، كما يجب أن لا ننسى الجبنة البيضاء، فهي مهمة جداً خاصة في الكنافة الناعمة".
ويلفت أبو حمدي إلى أن الكنافة النابلسية الأصلية لا تُستخدم بها "الصبغة" الصناعية ذات اللون البرتقالي، فهي تفسد الطعم وتعطي المذاق بعض المرارة.
ويكمل "عامل الكنافة الماهر لا يستخدم الصبغة وإنما يحمص العجينة تحميصاً على نار هادئة".
تاريخ الكنافة النابلسية
ويعود تاريخ الكنافة النابلسية إلى عام 1850، عندما أتى مواطن سوري إلى فلسطين بهدف إنشاء محل للكنافة، في نابلس تحديداً. وكانت الكنافة في ذلك الوقت تُحشى بالمكسّرات واللوزيات.
وقد عَرَضَ على أحد أبناء مدينة نابلس أن يشاركه في المحل مقابل دعمه مادياً، وبعد مرور سنتين من تأسيس المحل ترك المواطن السوري نابلس وعاد إلى بلاده، لكن بقي المحل، الذي عُرف حينها باسم "حلويات غرناطة".
وبسبب عدم توفر المكسّرات التي تُحشى بها الكنافة، استُبدلت بالجبنة النابلسية، وكانت أوّل مرّة تُوضع الجبنة داخل الكنافة، وكان طعمها شهياً جداً.
ولهذا فقد بدأ العديد من أبناء نابلس بالتوافد إلى المحل لتعلّم مهنة صناعة هذا النوع من الكنافة.
وهكذا بدأ انتشار "الكنافة النابلسية" وبدأت شهرتها تنتشر في البلاد المجاورة حتّى باتت اسم علم.
وتتميز الجبنة النابلسية عن غيرها من الأجبان بأنّها تتكوّن من حليب البقر الذي يجعل الجبنة "تمُطّ"، ومن حليب الماعز الذي يعطيها طعماً مميّزاً ويجعلها "تمغّط"، ومن حليب الغنم الذي يعطيها طعماً ورائحة مميّزة