في مخيم مكتظ بالسكان وأصوات الباعة المتجولين، في بيت عائلته، تحديداً في الغرفة المخصصة لنومه، حول سامي الشابُ الفلسطيني مكان راحته إلى مشغلٍ صغير يمارسُ فيه شغفه ويحقق بعضاً من أحلامه.
بكوب قهوة ومعزوفة موسيقية ينسجم سامي سالم (29عاماً) من شمال مدينة غزة، مع أدواته التي رافقته بعد تخرجه من تخصص "مكانيكا سيارات" من كلية غزة للتدريب المهني.
وحول رحلته إلى عالمه المليء بالحرف إرضاءً لشغفه، يقول لـ "وكالة سند للأنباء" إن فكرته مبنية على تحويل المنشئات المعمارية إلى مجسمات واقعية ثلاثية الأبعاد3D.
ولا يقتصر الأمر فقط على المباني فحسب، بل ما يطلب منه كالسفن، البواخر السياحية، الطائرات أو السيارات، سلاح وذخيرة على شكل لعبة.
ويضيف سالم: "عندما أتجول في الشوارع لا أكون كالمارة العاديين، إنما متيقظاً، حاضراً بروحي لأستقي أي فكرة تلهمني وتذهلني تفاصيلها، لأن الانسجام في أدق التفاصيل للمباني يُكوّن لدي الرؤية للبدء فورا.
أدوات بسيطة
ويوضح سالم أن الأدوات التي يستخدمها بسيطة الشكل والتكلفة، ولكن كثرتها تشكل عبئاً مالياً بالنسبة له كونها طبق الأصل عن الواقع.
ويبين أن العمل يمر بمراحل عديدة تبدأ من تدوينه على مذكرته بشكل آني "ماذا الذي يلزمني؟ وما الألوان والتصميم المناسبين؟، وكيف سيكون شكل الإضاءة ونوع الخشب الذي سأستخدمه؟" ويعود ذلك لاختلاف الأذواق، وعلى الصانع أن يلبيها.
وعن سبب امتهان سالم لصناعة مجسمات صعبة الإتقان يشير إلى أنه توجه لهذا العمل الفني كيلا يقتله وقت الفراغ الكبير، خصوصاً بعد تعطله عن العمل في مجال المكيانيكا الذي كان يعتاش منه.
وخلال السنوات الماضية استغل سالم وقته غير مستسلم لظروف البطالة بتعلم مهارات المونتاج والفيديو والفوتشوب وخدع بصرية وبرامج3D، وفنون النجارة.
وشارك في تصميم وتنفيذ معدات خشبية ميكانيكية كالآت قص الأخشاب، وحل مكعب الروبيك بأنواعه بوقتٍ قصير.
ولجأ سامي لإتقان هذه المهارات حتى ينجز العمل كاملاً دون الحاجة للاستعانة بأحد، مشيرًا أنه بتعليقات المحيطين به وتحفيزهم له، استطاع امتلاك الثقة الكافية للاستمرار في مشروعه.
ساعات طويلة
يقضى سامي ساعات متواصلة تمتد لوقت متأخر من الليل على مقعد ورشته الصغير متحدياً الوقت وتصلب ظهره، بإنجاز أكثر من32 مجسماً، أخذت من الوقت أسبوعاً إلى أربعة أسابيع من أجل الانتهاء منها.
وذكر سالم أنه أهدى لدائرة المقربين منه العديد من أعماله، من باب الترويج للفكرة وخصص صفحةً على تطبيق الفيس بوك تحمل اسم "Center Point".
ويبين أنه جرب الكثير من الأعمال، لكنه يعمل حالياً مع شقيقه في مجال آخر منذ 4سنوات بتركيب الجبس، وهو مصدر دخل غير مستقر أيضاً.
ويطمح سالم بتوسيع نطاق عمله بدءاً من الاستقرار بمكان أكبر من غرفته، مع دمج فكرته في تخصصه مع عمله في الميكانيكا، مبديًا استعداده لمساعدة طُلاب الهندسة بالتخطيط والتصميم والتنفيذ.