انتشرت في السنوات الأخيرة في قطاع غزة، بشكل ملحوظ الشاليهات الخاصة كمتنفس للغزيين، في ظل الحصار الخانق المفروض على القطاع، وكأحد أبرز المشاريع الهامة في فصل الصيف.

ويفضل الغزيين الإقبال على الشاليهات، بدلاً من البحر لعدة أسباب تتمثل في الخصوصية والأمان، والنظافة في ظل تلوث بحر قطاع غزة بسبب تصريف المياه العادمة.

وأظهرت آخر النشرات الصادرة عن سلطة جودة البيئة في قطاع غزة أن منطقتي الزوايدة ودير البلح بوسط القطاع هما أقل المناطق التي تعاني من تلوث شاطئ البحر، فيما تفاوتت نسبة التلوث في باقي مناطق القطاع.

وقال رئيس قسم معالجة المياه في وزارة الصحة خالد الطيبي، إن آخر إحصائية لنسبة التلوث في مياه بحر قطاع غزة كانت في شهر أبريل 2019، حيث وصلت نسبة التلوث إلى 62%.

إقبال متزايد

وقال مالك شاليه "الشروق الدولي" بمدينة غزة، رمزي الدحدوح، إن هناك إقبال متزايد من قبل الجمهور، حيث أن الحجوزات تصل حتى أيام مقبلة، وذلك بسبب توفر وسائل الأمان والراحة والنظافة والخصوصية.

وأضاف الدحدوح في حديث لمراسل "سند للأنباء" أن المشروع يعد ناجحاً ويعمل على تنشيط السياحة الداخلية في قطاع غزة بسبب إغلاق معابر القطاع والحصار المفروض على غزة والحرمان من السفر لقضاء الاجازة في الخارج مقارنة بالدول الأخرى.

وأوضح أن الاقبال هذا العام مقارنة بالعام الماضي يعد أقل نسبياً، مما دفعه لتخفيض قيمة التأجير للفترة الواحدة، لجلب الجمهور والتسويق، مشيراً أن نظام التأجير صباحي ومسائي.

ولفت أنه وبشكل عام، أسعار الشاليهات مقبولة وفي متناول الجميع، حيث تختلف أسعار الشاليهات بحسب جودة الشاليه، ومساحة الشاليه ومدى استيعابه للعدد الزائر، حيث أن الأسعار تبدأ في بعض الشاليهات من 100 شيقل، وحتى 800 شيقل.

ولفت أن يومي الخميس والجمعة يشهد في أغلب الشاليهات أسعار خاصة، باعتبارها أيام عطلة للجميع وأوقات مفضلة لدى الجمهور والإقبال يكون متزايد.

وأشار أن هناك إجراءات تفرضها البلديات على أصحاب الشاليهات في قطاع غزة، وأن افتتاح الشاليهات ليس عشوائياً كما يعتقد البعض، حيث دفع 38000 شيكل رسوم ترخيص شاليه لبلدية غزة.

وبين أن الترخيص يحمي صاحب الشاليه بشكل عام من أي مشاكل قانونية، وذلك عبر موافقة مسبقة تتم من المباحث السياحية، وفي حال حدوث أي مشكلة داخل الشاليه من قبل المستأجرين.

راحة وخصوصية

وبشكل عام، تفضل العائلات الميسورة حالاً، فكرة الشاليهات لقضاء أوقات الإجازة والترفيه بدلاً من شاطئ البحر، ويقول الحاج أبو عادل (60 عاماً) إنه يفضل الشاليه كونه أكثر ضبطاً لعائلته وأمناً وراحة.

ويضيف خلال حديثه لمراسلنا: "نشعر بنوع من الخصوصية والأمان لأطفالنا، والاستمتاع واللهو والسباحة، بعيداً عن ضجيج البشر أو تلوث مياه البحر".

ويوافقه الرأي الشاب إبراهيم القريناوي، في حديثه لـ"سند" الذي عكف على تنظيم رحلة ترفيهية لأحد الشاليهات، هو وعائلته وإخوانه المتزوجين، ويقول: "أسعار الشاليهات مرتفعة نوعاً ماً، ولكن الاشتراك العائلي يخفف العبئ، وأنا أفضل رحلة ترفيهية للشاليه كون عددنا أسرتنا مرتفع، ولضبط الأطفال والحفاظ عليهم".

300 شاليه بالقطاع

وفي السياق، قال مدير عام وزارة السياحة بقطاع غزة زكريا الهور، إن عدد الشاليهات بلغ ما يقارب 300 شاليه، من بيت حانون شمالاً، وحتى رفح جنوباً.

ورأى الهور، في حديثه لـ"سند"، أن هناك إقبال متزايد من قبل الجمهور، على استئجار الشاليهات الخاصة، في ظل تلوث مياه البحر، بسبب عوامل متعددة على رأسها انقطاع التيار الكهربائي، حيث كانت الشاليهات بمثابة متنفس آخر للغزيين، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على برامج السياحة الداخلية وإنعاشها

وحول إجراءات الرقابة المتبعة، بين الهور أن الوزارة قدمت مقترحاً للأمانة العامة لمجلس الوزراء في عام 2018م، يشمل إجراءات عملية لآلية التعامل مع هذه الشاليهات، وكان هناك موافقة مبدئية، وتم عقد أكثر من ورشة لهذا النظام.

وخلال هذا العام يجري العمل على تثبيت هذا النظام، وأخذ القرار الذي سيعرض علينا كمؤسسات لها علاقة بالشاليهات، بالإضافة لمؤسسات أخرى كالصحة والدفاع المدني وغيرها، للقيام بإجراءات عملية للتفتيش على هذه الشاليهات بعد انتشارها بالقطاع.

جولات تفتيشية مستمرة

من جانبه، كشف رئيس قسم الصحة والبيئة والحرف في بلدية الزوايدة وديع حمدان، أن هناك حملة بدأت أمس الأحد، عبر لجنة مكونة من الطب الوقائي ووزارة الاقتصاد، ومكتب العمل تحت مسمى "اللجنة الوطنية للسلامة والصحة المهنية"، حيث ستخصص يومين في الأسبوع للقيام بجولات تفتيشية على الشاليهات، والحرف المهنية والورش.

وستهدف الحملة إلى الرقابة على اشتراطات الأمن والسلامة في هذه المنشآت بما يتضمن فحص الاشتراطات التنظيمية والتصميمية للمسابح، والاشتراطات الصحية والبيئية، والاشتراطات المتعلقة بالتصفية والتعقيم، وتجهيزات الأمن والسلامة، وفحص اشتراطات الكهرباء، واشتراطات مواد معدات المسابح.

وبين حمدان في حديثه لمراسل "سند للأنباء" أن هناك رقابة دورية مستمرة من قسم الصحة والحرف التابع للبلدية، على الشاليهات لفحص المياه ما يعرف بـ"الكلورة"، ومدى صلاحية المياه للسباحة، والتأكد من إجراءات الأمن والسلامة، وفحص سلامة خطوط الكهرباء، وأدوات الإنقاذ وما شابه ذلك.

وأوضح أنه يمنع فتح أي شاليه، دون الحصول على ترخيص، حيث يقوم مالك الشاليه بتقديم طلب للبلدية، ومن ثم يتم توجيهه للطب الوقائي وجهاز الدفاع المدني لتوجيهه لآليات العمل السليمة الواجب توفرها داخل الشاليه.

انتعاش للاقتصاد الداخلي

وبحسب أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر معين رجب، قال إن انتشار الشاليهات في قطاع غزة، ساهم في إنعاش سوق السياحة الداخلية، باعتباره توجه ونشاط لأصحاب المشاريع ورجال الأعمال في صورة منتجعات أو شاليهات بمعنى – بائع خدمة ومشتري خدمة-.

وبين رجب في حديثه لـ"سند" أن الفكرة، انطلقت بعد شعور رجال الأعمال والمستثمرين بحاجة الجمهور إلى أماكن للترفيه، خلال فترات الصيف والإجازة، بسبب الحصار المفروض على القطاع، كما يعتبر أيضاً منطقة مزدحمة بالسكان، والأمر الآخر تلوث البحر بسبب تصريف المياه العادمة ونفور الجمهور من التوجه إليه.

ولفت أن هناك إقبال مستمر، ومنافسة من قبل أصحاب هذه الشاليهات على تطويرها وتحديثها، بما يناسب حاجة الجمهور لها، مما يعكس صورة إيجابية للقطاع المحاصر وعدم القدرة على السفر للخارج لقضاء الإجازات.

وعد رجب أن الاقبال على الشاليهات، ضعيف نسبياً لأن الأسعار ليست متاحة للجميع، وأن الإقبال يكون موسمياً لفترة محدودة وتنخفض تدريجباً مع فصل الشتاء.

من جانبه، اعتبر رئيس الهيئة الفلسطينية للمطاعم والخدمات السياحية صلاح أبو حصيرة، أن الاستثمار في الشاليهات أكثر أمناً"، لعدم ارتباطه بالمعابر التي تتحكّم بها إسرائيل.

وأشار أن "إغلاق المعابر ومنع حركة الأفراد عن السفر، يصبان لصالح أصحاب هذه المنتجعات، ما يُسهم في تعزيز السياحة الداخلية".