الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

أمريكا وإسرائيل.. علاقات وثيقة تنغصها توترات شرق أوسطية

حجم الخط
20190522233843afpp-afp_1gs8lv.h-scaled.jpg
خالد أبو الروس-وكالة سند للأنباء

تعيش علاقات الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل حالة من التعقد في زمن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي نُصَّب رئيسًا لأمريكا في 20 يناير/كانون الثاني 2020، حسب معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.

وحسب تقديرات المعهد فإن هذه التوترات تتمحور حول 3 ملفات وقضايا: إيران والبرنامج النووي، الساحة الفلسطينية، المنافسة مع الدول العظمى مثل الصين وروسيا.

الخبراء يشددون على أن العلاقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل علاقة وثيقة وتحكمها محددات سياسية وتاريخية ودينية، ومن المستحيل أن تصل لمرحلة التصادم العلني، رغم وجود تباين في الرؤى إزاء بعض الملفات.

دعم كامل

الخبير الفلسطيني سعيد عريقات المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية يقول إن واشنطن تدعم إسرائيل بكل ما لديها من قوة بغض النظر عن طبيعة تغير النظام السياسي في أمريكا.

ويستند "عريقات" في تحليله هذا لـ "وكالة سند للأنباء" إلى تصريحات أدلاها الرئيس الأمريكي جو بايدن عند استقباله الرئيس الإسرائيلي ريفلين مؤخرًا في البيت الأبيض.

يقول "بايدن مخاطبًا "ريفلين": إن "التزام الولايات المتحدة الأمريكية بأمن إسرائيل هو التزام عميق ودائم بغض النظر عمن يكون في رأس السلطة والنظام السياسي في إسرائيل".

حل الدولتين والقضية الفلسطينية

إدارة "بايدن" تعبّر عن تأييدها لاتفاقات التطبيع وتشجع توسيعها، لكنها توضح أن هذه الاتفاقات لا تشكل بديلا من اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، بل يجب أن تساعد على الدفع به قدما، وفقًا للخطاب السياسي الأمريكي الرسمي.

ولذا تحذّر الإدارة الأمريكية من القيام بخطوات أحادية الجانب على الأرض تضر بفرص إقامة دولة فلسطينية.

يقول "عريقات" إن الخلاف في ملف الساحة الفلسطينية يتركز حول قضية "حل الدولتين"؛ ففيما تبنت الإدارة الأمريكية السابقة خطة "صفقة القرن"؛ لتصفية القضية الفلسطينية، تتبنى الإدارة الحالية خيار حل الدولتين على اعتبار أنه السبيل الوحيد لإحراز تقدم في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

يشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تبنت الرؤية الإسرائيلية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي تقوم على تصفية القضية الفلسطينية؛ حيث أعلن عن صفقة القرن واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.

بالإضافة إلى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وقطع المساعدات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

يعتقد "عريقات" أن هناك اختلاف كبير بين "بايدن" "وترامب" لكن بالعموم الموقف الأمريكي  ثابت في دعم إسرائيل وحقها في الوجود، ولا يوجد أي تحول أو تغيير تجاه هذه القضية، وفقًا لحديثه مع مراسل "وكالة سند للأنباء".

حسب "عريقات" فإن الإدارة الأمريكية تعمل على إظهار أن هناك اختلاف وفرق بين رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت والسابق بنيامين نتنياهو رغم علمهم أنه شخصية يمينية متطرفة تدعم الاستيطان ويرفض حل الدولتين.

ويلفت إلى أن الإدارة الأمريكية استغلت التوتر بين "نتنياهو" و"بينيت" على المستوى الشخصي خلال الأشهر الماضية مع أنهما لا يختلفان عن بعضهما.

ووفقًا لدراسة أعدها معهد الأمن القومي الإسرائيلي فإنه يتعين على إسرائيل أن تعيد أفق حل الدولتين إلى جدول الأعمال، بالتنسيق مع إدارة بايدن، وتسخير عملية التطبيع من أجل توجيه الاهتمام إلى السلطة الفلسطينية بدلا من تنحيتها جانبا.

يقول المعهد إن هذه الخطوات بالإضافة إلى استئناف الاتصالات بين واشنطن والسلطة الفلسطينية والمساعدة الأمريكية للفلسطينيين، يمكن أن تكبح توجُّه إضعاف السلطة الفلسطينية كمنظومة حكم وعملية تقرّبها من حركة حماس.

يتفق مع تحليل "عريقات" الخبير السوري أمجد إسماعيل الآغا الذى يرى بأن مقاربة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا تؤطر في شخصية الرئيس الأمريكي؛ لأن ماهية تلك العلاقات تنطلق من محددات تكاد تكون ثابتة ولا تتغير بتغير حاكم البيت الأبيض، وكذا تغير المعطيات الإقليمية والدولية ببُعديها السياسي والعسكري.

يشير "الآغا" لـ "وكالة سند للأنباء" إلى أن ما حدث في عهد دونالد ترامب، يُعد علامة فارقة في سياق العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؛ فكل الامتيازات التي قدمت لنتنياهو جاءت في الإطار الطبيعي والمنطقي لتلك العلاقة.

وفي هذا السياق يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية إيران كنعان، إن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل علاقة عمودية.

ويشير "كنعان" في حديث مع "وكالة سند للأنباء"، إلى ان أمريكا تنفق على إسرائيل سنويًا ما يتجاوز 4 مليار دولارات في المقابل تنفذ إسرائيل كل السياسات التي تريدها أمريكا منها في الشرق الأوسط دون تردد أو سؤال".

غزة

ينتشر في الأوساط الإعلامية والسياسية بأن خلافًا نشب بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو بشأن حرب قطاع غزة التي اندلعت في مايو الماضي.

يقول "عريقات" إن الموقف الأمريكي من قطاع غزة كان مؤازرًا وداعمًا للحكومة الإسرائيلية وحقها في الرد على الضربات القادمة من الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

يضيف بأن وزير الخارجية الأمريكي الذي زار الشرق الأوسط خلال اندلاع التصعيد مع قطاع غزة تحدث عن ضرورة إعادة إعمار قطاع غزة وتوجيه المساعدات للسكان الفلسطينيين.

ويشير "عريقات" إلى أن بعض المراقبين يشيرون إلى أن اتصالات جرت بين مسؤولين في الإدارة الأمريكية مع حركة حماس من أجل التهدئة "لكن لم نرَّ أية إشارات أو دلائل على ذلك".

ويشدد على أن من الصعب أن تذهب إسرائيل إلى حرب دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، وهو استنتاج يميل إليه أغلب المراقبين والمطلعين على تداخل العلاقات بين أمريكا وإسرائيل.

ويرى الخبير السوري أمجد الآغا بأن العدوان الأخير على قطاع غزة من الأمثلة الحية على ما بين أمريكا وإسرائيل؛ فالوقائع والمعطيات تؤكد بأن الجانب الأمريكي كان مطُلعًا على حيثيات بداية المواجهة وموافقًا على نوعية الرد الإسرائيلي وطلب وقف إطلاق النار، ومن ثم عرقلة المسارات الدولية الرامية لإدانة الجرائم الإسرائيلية بعد انتهاء العدوان.

ينبه "الآغا" إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية روجت لأحاديث مغلوطة وموجَّهة؛ كأن هناك تباين في الموقف بين إدارة الرئيس بايدن وإدارة "نتنياهو" إزاء المواجهة مع قطاع غزة، الأمر الذي ساهم بضغوطات كبيرة على إسرائيل لوقف إطلاق النار.

رغم الخطاب السياسي الأمريكي الصادر عن الدوائر الدبلوماسية في الولايات المتحدة الأمريكية  بضرورة إحداث فكفكة في الأزمة الإنسانية بقطاع غزة إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى تغيرات إيجابية باتجاه إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006م رغم مرور ما يزيد 50 يومًا من العدوان بمايو/أيار الماضي.

الاتفاق النووي

في عام 2015م توصلت الدول الغربية للاتفاق النووي مع إيران الذي انسحبت منه الولايات المتحدة الأمريكية في زمن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2018م.

ورفع "بايدن" خلال حملته الانتخابية شعار العودة إلى الاتفاق النووي، حيث تواصل إدارته مساعيها للعودة إلى خطة العمل المشتركة "الاتفاق النووي" ورفع العقوبات منذ اللحظة التي تعود فيها إيران إلى التقيد بالاتفاق.

وتحذّر الإدارة الأمريكية من أنه إذا واصلت إيران انتهاكاتها للاتفاق فيمكن أن تصل إلى مسافة أسابيع من مراكمة مواد مخصبة لصنع قنبلة، وأن واشنطن تعطي أولوية للدفع قدما بحل لهذه المشكلة.

وتواصل الحكومة الإسرائيلية والمسؤولين في إسرائيل انتقاداتهم لسياسة الإدارة الأمريكية، حيث تقوم وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية بتسريب مطالب إسرائيلية مثل: ضرورة إنهاء الوجود الإيراني في المنطقة، ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم وتلميح إسرائيل للإدارة الأمريكية بأنها تدرس بدائل عسكرية لمواجهة إيران.

حسب الخبير "الآغا" فإن التقارب الشخصي بين نتنياهو وترامب جعل من إيران نقطة التقاء جوهرية بين واشنطن وتل أبيب.

يقول: "الاتفاق النووي الذي عُقد مع إيران، شكّل هاجساً لـ ترامب ونتنياهو؛ فهما يدركان الأخطاء التي تضمنها؛ فمن وجهة نظرهما، تخلت الولايات المتحدة عن نفوذها الهائل في المنطقة، وأبرمت اتفاقاً دون المستوى المطلوب إسرائيلياً".

ونتيجةً لذلك، خرجت واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، واتجهت إلى سياسة الضغوط القصوى ضد طهران؛ إرضاءً لإسرائيل، حسبما ما يشير الخبير لـ "وكالة سند للأنباء".

ومن جانب آخر تشكل إيران وفقًا لـ "الآغا"، أكبر تهديد استراتيجي لإسرائيل؛ إذ يأمل المسؤولون الإسرائيليون أن تفهم الإدارة الجديدة هذه المخاوف من أجل أن يتمكنوا من التعاون معها بشكل بنّاء لحماية أمنهما المشترك.

التحليل أعلاه يتفق معه الخبير من واشنطن "عريقات" الذي يعتقد أن الاتفاق النووي كان مصلحة أمريكية إسرائيلية بامتياز؛ لأنه ضمن ألا تمتلك إيران القنبلة النووية، وهذا ما حدث بالفعل.

ينوه إلى أن انسحاب الرئيس الأمريكي منه عام 2018م، كان يهدف إلى إرضاء القاعدة اليمينة الإنجيلية "الصهيونية المتشددة" في الولايات المتحدة الأمريكية.

يشدد "عريقات" على أن عودة "بايدن" إلى الاتفاق لا يغير شيئًا بالمعنى العملي؛ لأن هذا الاتفاق كان موجودًا من الأساس، وربما تلجأ الإدارة الحالية إلى إضافة بعض الشروط الجديدة؛ إرضاءًا لبعض الأطراف.

وعند تحليل الفرق بين إدارة ترامب وإدارة بايدن في التعامل مع الاتفاق النووي فإن إدارة ترامب لا تريد أي اتفاق ولا تريد أن تزعج أي مكون من مكونات القاعدة اليمينية المتطرفة في أمريكا، فيما الإدارة الحالية تريد العودة للاتفاق النووي الذي أبرمته في عام 2015م.

يعتبر الرئيس الأمريكي الحالي "بايدن" أحد الأعمدة الأساسية في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما التي صاغت خطة العمل المشتركة المعروف بالاتفاق النووي الإيراني حيث كان يمثل حينها نائب الرئيس الأمريكي.

محددات العلاقة

رغم متانة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إلا أنها شهدت إشكالات وخلافات متعددة الأوجه لكن سرعان ما كانت تنتهي لصالح إسرائيل، وهو ما يتفق عليه ضيوف "وكالة سند للأنباء".

يشيرون أيضًا أن العلاقة بين إسرائيل وأمريكا استراتيجية وليست ظرفية تحكمها طبيعة وظروف المتغيرات الإقليمية والدولية.

هنا يقول الخبير السوري "الآغا" إن أساس العلاقة الأمريكية الإسرائيلية قائمة على مرتكزان: الأول، مجموعة القيم المشتركة التي تتعلق بالديمقراطية والحرية والجذور العميقة في الحضارة والثقافة المسيحية اليهودية.

أما المرتكز الثاني؛ فهي المسؤولية الأخلاقية التي تصدرتها الولايات المتحدة الأمريكية في حماية اليهود ودولتهم إسرائيل.

يعتقد "الآغا" أن هذه العلاقة غير قابلة للانفصال بين أمريكا وإسرائيل بإجماع الديمقراطيين والجمهوريين؛ فهذا يمثل الصورة الجلية عن مدى عمق العلاقة بينهما، مضافًا له تقاطع وتطابق المصالح بينهما.

وفق رؤيته لا يمكن تصور أن يكون هناك خلاف بين واشنطن وتل أبيب، وإن أي مقاربة تتضمن حدث خلاف أمريكي إسرائيلي هي مقاربات مغلوطة ترتكز على التمنيات.

يشير إلى أن الخلفية التاريخية والدينية التي تقف وراء هذه العلاقة يُدرك استحالة أن تذهب العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، في غير مسارها الذي تحكمه جُزئيتي التاريخ والدين.

تجاوز محددات العلاقة

وفي المقابل يرى تحليل آخر لأستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية إيران كنعان أن الخلاف بين أمريكا وإسرائيل ينبع من كون الأخيرة "بدأت تتجاوز الحد المسموح لها وبدأت تتطاول" على أمريكا.

وحسب ما يقول "كنعان" فإن إسرائيل بدأت تعتبر في السنوات الأخيرة أنها فعلًا ليست أداة إنما دولة تخطط وترسم وتنفذ ما تريد، وهذا يغضب البيت الأبيض؛ الأمر الذي دفع "بايدن" بإهمال "نتنياهو" لمدة شهر قبل الهبة المقدسية والحرب الأخيرة على غزة في مايو الماضي.

يشير لـ "وكالة سند للأنباء" إلى أن العلاقة تتحدد بين إسرائيل وأمريكا "حينما تنصاع إسرائيل لما تريده أمريكا وتعود إلى حجمها الطبيعي؛ فإسرائيل بدأت تتحرك ضد رغبة أمريكا وتحديدًا في الملف النووي الإيراني".

ويستند في تحليله على محاولات إسرائيل المتكررة تعطيل مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، ومحاولة حشد بعض الدول للتأثير على أمريكا وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأنهم لن يسمحوا بإعادة الاتفاق النووي الإيراني بحجة أن إيران تريد الحصول على أسلحة نووية.