الساعة 00:00 م
الأحد 05 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

"أحمد" و"بيان" عقد حبٍ دائم: الاحتلال لن يُفرقنا

حجم الخط
E580663B-834F-48BD-B5DE-508EB0A9BE60.jpeg
إيمان شبير- القدس- غزة- وكالة سند للأنباء

في واحدة من أقسى اللحظات، حاول أحد المحققين الإسرائيليين استفزاز "أحمد" فأخبره باعتقال خطيبته "بيان" وأن حكمًا طويلًا ينتظرها، غصّ قلبه لكنّه "رش على الجرح ملح"، ورفع رأسه عاليًا ونظر بعينَي الضابط ثم رد عليه بصوتٍ وفيّ: ""والله لو حكمتوها مؤبد إلا أستناها كل عمري".

مرّت سنوات البُعد بثِقلها ولحظات الانتظار المرّة، الثلاثاء الـ 3 من آب/ أغسطس 2021، التقت عينا "بيان" بعينَي "أحمد" لأول مرة بعد اعتقال دام خمس سنوات وثمانية أشهر له، تخللها اعتقال لثلاث سنوات وأربعة أشهر لخطيبته، ليُقهر السجّان الإسرائيلي مجددًا أمام الوفاء الفلسطيني.

في هذه المادة تصحبكم "وكالة سند للأنباء" في حوارٍ شيِّق مع قصة حُب فلسطينية جديدة، جمعت الأسير المحرر أحمد جمال عزام، وخطيبته الأسيرة المحررة بيان فرعون، بعد محاولات فاشلة من قبل سلطات الاحتلال لتفريقهما.

بدأت الحكاية عندما اعتقلت قوات الاحتلال "أحمد" في ديسبمر/ كانون أول عام 2015، من قرية ياسوف جنوب مدينة نابلس، تبعها اعتقال "بيان" في مارس/ آذار عام 2016، من منزلها ببلدة العيزرية شرق القدس.

حاول الاحتلال الضغط على "أحمد" أكثر من مرة أثناء التحقيق معه، لكنّ أقساها عندما أخبره المحقق باعتقال "بيان" يقول عن ذلك: "كانت صدمة أفقدتني بصري لأسابيع، ولم أرَ فيها إلا الظلام، لكنّ بعدها استجمعت قواي وأخبرتهم أنني سأنتظرها ولو حُكمت مؤبد".

أما "بيان" فجلست على كرسي التحقيق في سجن المسكوبية، ظّل يحدق المحقق في المكان باحثًا عما يُمكن إضعافها من خلاله فلم يجد إلا : "هذا الكرسي جلس عليه خطيبك قبل عام، ستغيبون كثيرًا عن بعضكما، والفراق أسهل من الانتظار".

كيف ردت عليه "بيان"؟ تُجيبنا: "لا أنكر لقد اخترق الوجع قلبي، حاول جاهدًا إضعافي لكنني صمدت في وجهه، ليفشل مرةً أخرى ويُقهر، بعدما قهره أحمد بعهدهٍ الوفيّ لحظة اعتقالي".

رسائل.. طوق النجاة

الرسائل بين المحبين تأتي كالحضن الآمن الذي ينتشل القلب من موتٍ محقق وهو على قيد الحياة، رسائل تُشبه اليد التي تتمسك بالروح وتشد عليها لتوقف رعشتها المنهكة حنينًا وخوفا، لأجل ذلك حرص "بيان" و"أحمد" ألا ينقطع بينهما حبل التواصل ولو كان "قشة في بحر".

عن أول الرسائل الورقية من "بيان"، يتحدث "أحمد" بصوتٍ خافت خجول: "أول رسالة كان لها وقع مختلف، لقد كانت استثنائية، و"طوق نجاة"، وكنتُ مثل الغريق ونجوت".

وتُرجعه ذاكرته إلى ذلك اليوم قائلًا: "وصلتني الرسالة في أواخر شهر مايو/أيار 2017، شعرت برجفةٍ سرت في جسدي حينها، احتضنت عيوني كل حرفٍ منها، تحديدًا حين وصلت عند: "يا حبيبي لا تخاف، لئن ناءت بنا الأجساد فالأرواح تتصل، سأنتظرك مهما أبعدونا".

انتظر "أحمد" أن يردّ هذه الفرحة التي أهدتها إليه خطيبته، بفرحةٍ أكبر، فكانت إهدء قصيدة لها من تأليفه عبر إذاعة الأسرى في عيد ميلادها، ومن أبياتها "قل للحبيبة بالحديدِ تصورت شُلت يمينُ البغي عن يُمناكِ".

كتب "أحمد" كلمات قصيدته من "حبر القلب" فشعر لا إراديًا بفرحة حبيبته: "تخيلتها وهي تقفز من البهجة في سجن الدامون، فتضاعفت فرحتي".

"فراشة حُرة"

فريق المحامين كان شاهدًا على قصّة حبهما وتمسكهما ببعضهما، تُحدثنا عن ذلك "بيان": "كنّا نتواصل ونتبادل الرسائل من خلالهم وعن طريق أهلنا أيضًا، ولم أشعر يومًا أنه بعيد عني، فهو الحاضر رغم الغياب، والسند في الحلوة والمرّة".

"ليتني أتمكن من شراء لو يومٍ واحد من حُكم بيان لأراها محررة" هذه الكلمات نُقلت من "أحمد" إلى خطيبته في سجنها عبر إحدى المحاميات، تصف "بيان" ردة فعلها قائلةً: "لم يُسعفني شيء لحظتها، بكيت حُبًا وشوقًا له، لقد كان رائعًا حتى في إخلاصه لعقد ارتباطنا المقدس".

دون مبالغة، لو سمعت عزيزي القارئ صوت "بيان" أثناء حديثها عن الرسائل التي كانت تصلها من "حبيبها الوفيّ" لعرفتِ صدق حروفها حين قالت: "في كل مرة كنت أقرأ رسائله، أعود منها كفراشة حُرة تطير ببهجة في الأرجاء، لقد كان يربت على كتف القلب بكلماته".

اللقاء أخيرًا..

232105074_2345438722258286_1592168690574942610_n.jpg


يوم الثلاثاء الماضي، غابت مرارة الانتظار، والتقى الحبيبان يُضمهما فرح ناعم، لينتهي فصل من فصول العذاب المفروضة قسرًا على الفلسطيني، قفز صوتهما: "لقاؤنا الأول لا يُوصف، المشاعر تُعاش فقط"، فكلاهما وُلد مرةً أخرى لحظة اللقاء".

وينتظر "أحمد" و"بيان" إتمام مراسم فرحهما، المقرر في 14 آب الجاري، وفي قلبِ كل منهما خفقات حبّ ولهفة لـ "القادم الأجمل، الذي سنكون فيه معًا وللأبد"، تقول "بيان".