الساعة 00:00 م
السبت 04 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

مؤشرات خطيرة..

"اقتصاد غزة".. نزيف مستمر وموت بطيء

حجم الخط
60a8d5744c59b71cc6749074.jpg
خالد أبو الروس - وكالة سند للأنباء

رغم انتهاء الحرب العسكرية على قطاع غزة والتي شنتها قوات الاحتلال على غزة في مايو الماضي إلا أن الحرب الاقتصادية تستعر مع رفض إسرائيل إدخال الأموال اللازمة لعملية إعادة إعمار قطاع غزة واحتجاز بضائع التجار في الموانئ الإسرائيلية.

وتؤكد الهيئات الاقتصادية أن استمرار هذه الحرب ستؤدي إلى انهيار للقطاع التجاري والصناعي في ظل تكبدها خسائر جسيمة تقدر بـ 400 مليون دولار، وفقدان عشرين ألف عامل لمصدر رزقهم الوحيد.

فيما يرى مراقبون أن منع الاحتلال الإسرائيلي عمليات تدفق أموال المساعدات إلى غزة أثر على عملة الدولار الموجودة داخل القطاع.

يقول الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، كان متأملًا أن تبدأ ما بعد حرب مايو عملية تنفيذ التعهدات التي خرجت من مصر والمجتمع الدولي من أجل إعادة إعمار قطاع غزة.

إلا أن هذه التعهدات تأخرت وتبخرت بشكل ملحوظ بعد سلسلة من المماطلات من الاحتلال الإسرائيلي وربطه عملية إعادة إعمار غزة بقضايا سياسية وبخاصة ملف الجنود الإسرائيليين، حسبما يضيف "نوفل".

يؤكد في مقابلة مع مراسل "وكالة سند للأنباء" أنه ولأول مرة منذ الحروب السابقة على غزة تغلق قوات الاحتلال المعابر وتؤخر من عملية إعادة إعمار قطاع غزة.

ويشير إلى أن الحروب السابقة شهدت انفراجة محدودة بعد كل حرب إلا أن هذه الحرب شهدت تشددًا على المعابر ومنع السلع والبضائع؛ أهمها المواد الخام ومنع تصدير المنتجات من غزة للعالم الخارجي.

ويرى "نوفل" أن "السلطة الفلسطينية ساهمت بزيادة المشكلة من خلال تعنتها وربطها بأن جميع الأموال التي سوف تأتي إلى قطاع غزة يجب أن تمر عبرها أو بواسطتها".

البنك الدولي في آخر تقرير له قال إن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة بانهيار كامل، حيث تراجعت مؤشرات الاقتصاد الكلي عقب الحرب الأخيرة.

ويشير إلى أن الربع الأول من عام 2021 كان معدل النمو في الناتج المحلي 2.3، فيما توقع أن يكون معدل النمو في الربع الثاني من العام نفسه سالب.

ويوضح أن المصانع التي دمرت في قطاع غزة لم تعطى إغاثة عاجلة على عكس الحروب السابقة، حيث كان يدفع للقطاع الخاص دفعات نقدية تسمى الإنعاش المبكر.

سياسة اقتصادية إسرائيلية

ويشدد الخبير "نوفل" على أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة اقتصادية خطيرة مع قطاع غزة بعد الحرب تتمثل في تشديد الحصار عبر منع عمليات التوريد والتصدير.

يقول: "هذه سياسة خطيرة؛ فما لم يدمره خلال الحرب ها هو يدمره من خلال حصاره للمصانع والقطاعات الانتاجية بعد منع إدخال مدخلات الانتاج، ومنع تصدير البضائع للعالم الخارجي".

ويؤكد أن هذه السياسة الإسرائيلية الجديدة هدفت؛ لتجفيف العملية النقدية الأجنبية إلى قطاع غزة عبر منعه إدخال الدولار بصورة المساعدات وهو ما تترجم من خلال منع إدخال الأموال القطرية.

ويوضح "نوفل" أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في منع إدخال أموال المنحة القطرية للفقراء بقيمة 10 ملايين شيكل زاد من مأساوية الأوضاع الاقتصادية.

ويشير إلى قطاع غزة يستود 85% من استهلاكه، ما يتطلب بالضرورة لعملية النقدية من أجل إتمامه.

زيادة العجز في العملية النقدية

ووفق "نوفل" فإن استمرار تأخر إدخال أموال المنحة القطرية سيؤثر على سعر صرف الدولار مقابل الشيكل وأيضًا ندرته في المستقبل؛ حيث سيهبط حجم الدولار، وبالتالي سيصبح من الصعوبة تمويل الاستيراد من الخارج.

ويشدد على أن الاحتلال يريد زيادة العجز في النقد الأجنبي بغزة، محذرًا في الوقت نفسه من عدم إدخال الأموال القطرية لغزة؛ لأن ذلك سوف يؤثر على الاقتصاد بشكل كبير.

وينبه إلى أن الاحتلال يريد تثبيت سياسية "مبادلة الهدوء مقابل سلة الغذاء"؛ حيث اقترح أن يتم تحويل 10 ملايين دولار بصورة سلة غذائية ترسل لغزة.

ويرى بأن الهدف من وراء هذه السياسة منع استفادة قطاع غزة من هذه الأموال كوحدات نقدية تدور في سوق الاقتصاد الفلسطيني وتُدّر دخلًا.

وبشأن عملية إعادة إعمار قطاع غزة يقول الخبير "نوفل" إن العملية لا زالت متوقفة؛ رغم الانتهاء من خطط حصر أضرار المنشآت والمنازل.

يضيف: "حتى وقتنا الحاضر لم يتم الدخول في الخطة الأولى وهي خطة الإنعاش المبكر التي تسبق عملية إعادة إعمار قطاع غزة".

حرب اقتصادية

يقول رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي الحايك إن قطاع غزة يعيش حربًا اقتصادية في ظل اتباع الاحتلال لسياسة تدمير البنية الاقتصادية بعد الحرب.

ويشير لـ "وكالة سند للأنباء" إلى أن الاحتلال يحتجز بضائع رجال الأعمال والقطاع الخاص في الموانئ والمخازن الإسرائيلية فيما لا يسمح بإدخال مستلزماته مثل: المعدات والآلات.

يشدد على أن قلة السيولة الموجودة في قطاع غزة هي نتيجة مباشرة لعدم إدخال البضائع المحتجزة وتحويلها من بضائع تجارية إلى سيولة نقدية تضخ في السوق المحلي بغزة.

يقول "الحايك": "الحرب العسكرية انتهت لكن الحرب الاقتصادية تتعاظم والقطاع الخاص يتعرض لخسائر جسيمة منذ 2006م".

ومنذ ذلك الوقت تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مطبقًا على القطاع محدود الإمكانات والموارد بعد فوزر حركة حماس بالانتخابات التشريعية.

ويضيف بأن القطاع الخاص أصيب بانتكاسات كبيرة في الحروب 4 على قطاع غزة، حيث دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف المنشآت الاقتصادية والتجارية دون تعويضها.

ويرى بأن القطاع لا زال يعيش حربًا اقتصادية كبيرة؛ في ظل غياب بوادر حل الأزمة الإنسانية والإغاثية وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في المنشآت التجارية والصناعية.

ويدعو "الحايك" الجهات المختصة لإيجاد حلول اقتصادية عاجلة للقطاع الخاص عبر إيجاد برامج دعم له، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في تلك الحروب.

ويشدد على أن استمرار الوضع على ما هو عليه الآن سيؤدي لانهيارات قريبة في المنظومة الاقتصادية؛ حيث سينتج عن ذلك غياب جزء كبير من رجال الأعمال عن الساحة الاقتصادية.

ارتفاع معدلات الفقر والبطالة

يقول مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة ماهر الطباع، إن القطاع التجاري والاقتصادي تعرض لتدمير؛ نتيجة استهدافها بشكل مباشر وغير مباشر خلال الحرب.

يشير "الطباع" في حديث مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة تعرضت لتدمير أكثر من 17 مصنعًا نتيجة قصفها المباشر من قوات الاحتلال.

بالإضافة لاستهداف الاحتلال للأبراج التي كانت تضم مئات المنشآت التجارية والاقتصادية في غزة.

يوضح أن آلاف العمال تعطلوا عن العمل؛ نتيجة فقدانهم مصادر رزقهم، وهو ما زاد من معدلات الفقر والبطالة في القطاع الذي يعاني أصلًا سكانه من فقر مدقع.

يقول "الطباع": بعدما انتهت الحرب العسكرية إسرائيل تدير حربا اقتصادية ضد غزة وهذا الحرب تتمثل في استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري أمام المئات من السلع والبضائع.

معبر كرم أبو سالم التجاري

يضيف: معبر كرم أبو سالم يعمل بنسبة 30% مما كان يعمل به قبل الحرب الأخيرة رغم العجز في عديد الأصناف قبل الحرب بذريعة؛ أنها تصنف في إطار قائمة الأصناف مزدوجة الاستخدام.

ويشير "الطباع" في تصريح خاص لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن متوسط عدد الشاحنات التي كانت تدخل غزة قبل الحرب من 9000 إلى 1000 آلاف شاحنة شهريًا.

ويوضح أن متوسط عدد الشاحنات التي دخلت غزة خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران تصل إلى 3000 آلاف شاحنة شهريًا فقط.

ويشدد على أن استمرار إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم التجاري سيؤدي إلى توقف الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجي، وهو ما سيزيد المعاناة، وسيجعل القطاع الخاص عاجزًا.

ويوضح أن قطاعات تعرضت لخسائر مثل القطاع الإنشائي بنسبة 95%، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، حيث لم يعد بالإمكان إدخال أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وكل ما يتعلق بها.

ويعتقد "الطباع" أن قطاع غزة لن يصمد أمام استمرار الحرب الاقتصادية لأكثر من ذلك، خاصة وأن هذه الحرب جاءت في "الرمق الأخير"؛ بعد 15 عامًا من الحصار و4 حروب عسكرية مدمرة. 

ويؤكد أن استمرار الحرب الاقتصادية ستؤدي إلى انهيارات كاملة في المصانع والمنشآت، حيث لن يستطيع رجال الأعمال والمستثمرين على ممارسة أنشطتهم الاقتصادية المعهودة.

أرقام

الباحث في الشأن الاقتصادي خالد أبو عامر يشير إلى أن القطاع الخاص تعرض لأضرار مباشر وخسائر جسيمة تقدر بـ 400 مليون دولار، فيما فقد عشرون ألف عامل لأعمالهم في المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة.

ويوضح أن هناك 100 مليون دولار خسائر مباشرة لوجود 700 شاحنة لا تزال عالقة في ميناء أسدود والموانئ الإسرائيلية،  وخسائر غير مباشرة يتحملها التجار بسبب؛ دفع أرضيات استئجار موانئ والمعابر بنحو 1000 شيكل يوميًا.

ويشير إلى أن الاحتلال يمنع إدخال السلع والمعدات التي تدخل في عمليات الإنتاج والتصنيع بغزة، وهو ما أدى إلى تعطل شبه كامل لملف الصناعة والتجارة.

كما تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين؛ نتيجة توقف أموال المنحة القطرية للشهر الثالث على التوالي.

من وجهة نظر "أبو عامر" فإن المنحة القطرية كانت تُحسن من الأوضاع الاقتصادية بالقطاع حيث أن هذه المنحة تصرف على الاستثمار الاستهلاكي.

 بمعنى آخر أن هناك علاقة بين صرف المنحة وتحسن الوضع الاقتصادي؛ لأن رصيدها يذهب للاستهلاك وليس للادخار، وفقًا للباحث "أبو عامر".

ويشير أيضًا إلى أن 200 مشروع توقف عن العمل بسبب؛ عدم توفر الحديد اللازم للبناء.

ويتوقع "أبو عامر" أن تتأثر نسبة رواتب موظفي الحكومة بغزة إذا ما شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي من رقابتها على عمليات تدفق الأموال إلى القطاع.

ويرجع ذلك لعدة أسباب؛ إلى عدم وجود حركة تجارية ما يجعل من وزارة المالية عاجزة عن جمع أموال الضرائب والجمارك، وعدم إدخال أموال المساعدات مثل المنحة القطرية والشؤون الاجتماعية.

ويرى "أبو عامر" بأن المرحلة الحالية تشبه مرحلة ذروة تشديد الحصار الاقتصادي على غزة عام 2007، مشيرًا بأن هناك حديث لا يتوقف عن الأضرار والتداعيات الناجمة عن الحرب.

ويفصح الباحث عن معلومة مهمة في هذا السياق في أنه منذ انتهاء الحرب لم يدخل قطاع غزة أي دولار في الوقت الذي تتقلص فيه عملة الدولار  نتيجة استخدام الرصيد المتوفر في البنوك والمصارف من أجل شراء الوقود والسولار من مصر.

مؤشرات اقتصادية خطيرة

مع استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقديم التسهيلات المطلوبة لعملية إعادة إعمار قطاع غزة رغم مرور نحو 3 أشهر على انتهاء العدوان فإن مؤشرات اقتصادية عديدة ستبدأ بالظهور.

أولى هذه المؤشرات تتمثل في عدم القدرة على توفير منازل بديلة للعائلات التي دمرت منازلها وتصل لـ 2000 وحدة سكنية حسبما ما يرصد الخبير الاقتصادي "نوفل".

ويشير إلى أن العائلات صحيح أنها تقاضت أجورًا من أجل استئجار المنازل لستة أشهر، لكن بعد انتهاءها سيطالبون الحكومة والمانحين بإيجاد بدائل لهم وهي معضلة ستظهر قريبًا.

ثاني هذه المؤشرات تتمثل في أن المصانع التي دمرت خلال الحرب لم يتم إسعافها وتقديم خطط الإنعاش المبكر لها، وهو ما أدى إلى توقف بعضها وتراجع الآخر لاسيما بعد توقف عمليات التصدير للعالم الخارجي.

يشير إلى أن عشرات المصانع التي كانت تعمل في المنطقة الصناعية شرق غزة كانت تقوم بعمليات تصدير بضائعها للخارج من خلال معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع.

وساهم ذلك بزيادة أعداد العاطلين عن العمل في غزة.

أما المؤشر الثالث فيتمثل بأن المساعدات النقدية التي كانت تقدم لـ 100 ألف أسرة فقيرة في قطاع غزة توقفت وهو ما باتت تداعياتها الخطيرة تظهر على الوضع الإنساني والإغاثي.

ويأتي ذلك بالتزامن أيضًا مع توقف الاتحاد الأوروبي للشهر الثالث على تمويل مشروع دعم الفقراء والذي يغطي 75 ألف أسرة وهو أكبر مشروع إغاثي بفلسطين؛ بحجة أنه لم يستلم موازنات.