الساعة 00:00 م
الثلاثاء 23 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

"صراع الظل" في مياه الخليج بين إسرائيل وإيران.. من يشد أمريكا إليه أولًا؟

حجم الخط
مياه الخليج.jpg
خالد أبو الروس-وكالة سند للأنباء

تتعاظم "حرب الظل" بين إسرائيل وإيران قرب مضائق التجارة العالمية في الخليج؛ فهي حرب غير مباشرة وغير تقليدية تستخدم الحروب السيبرانية/الإلكترونية.

في 29 يوليو/تموز الماضي تعرضت ناقلة النفط "ميرسر ستريت" البريطانية التي تديرها شركة إسرائيلية قبالة ساحل سلطة عمان لاستهداف من طائرة مسيرة؛ ما أدى لسقوط قتيلين.

وجرت "حرب الظل" بين إيران وإسرائيل خلال العامين الماضيين على نار هادئة؛ عبر توجيه ضربات سيبرانية لناقلات النفط وسفن الشحن التجاري، غير أنَّ هذه الحرب دخلت لمرحلة جديدة عبر توظيف الطائرات المسيرة "المفخخة".

ويأتي توظيف هذه الحرب فيما يبدو في إطار استخدام القوة الخشنة؛ لتحسين الأوراق التفاوضية في الوقت الذي تستعد الدول الغربية وإيران للدخول في مفاوضات الجولة السابعة في فيينا؛ لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

حرب خفية وغير معلنة

يقول الباحث في الدراسات الإقليمية د. أمجد جبريل، إن حرب الظل بين إسرائيل وإيران في الخليج لا تتوقف وهي حرب خفية، مشيرًا إلى أن هذه الحرب أخذت أشكالًا متعددة.

ويضيف لـ "وكالة سند للأنباء"، إسرائيل لا تحارب بنفسها وإنما تحارب من خلال الحرب السيبرانية كما حصل في استهداف منشآت نطنز في 11 أبريل/نيسان 2021 ما أدى إلى تعطل أجهزة الطرد المركزية.

وفي المقابل يعتقد أن إيران لا تعدم الوسائل والأدوات للرد على هذه الحرب السيبرانية؛ لتحجيم الدور الإسرائيلي في منطقة الخليج.

وزير الخارجية الإسرائيلي السابق إسرائيل كاتس تحدث في أغسطس/آب 2019 بعد زيارته لدولة الإمارات بأن إسرائيل ستبدأ أن تكون موجودة في مياه الخليج بالتوافق مع الإمارات.

وحسب "جبريل" فإن الصراع الإيراني الإسرائيلي بدأ يدخل في مرحلة جديدة ويبدو أن إيران قررت التصعيد والرد على هجمات إسرائيل؛ لتحقيق هدفين.

محادثات فيينا السابعة

ووفقًا للباحث فإن إيران تريد الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ لسرعة عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي في إطار جولة مباحثات فيينا السابعة المرتقبة، وإلزام إسرائيل بعدم تغيير قواعد الاشتباك الإقليمية.

ويعتقد أنه بذلك تستطيع طهران ربما لأول مرة تحجيم أو الحد من حرية حركة الأداة العسكرية الإسرائيلية في إقليم الشرق الأوسط بكامله؛ إذ تريد إيران أن تبقى في صدارة القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، ولم تعد في عهد بايدن تخشى التعرض لضربة أميركية.  

ويشير "جبريل" إلى أن إسرائيل تسعى أن تكون موجودة في أمن الخليج، في مسعى منها لتدويل أمن الخليج، وهو ما ترفضه إيران التي ترى بنفسها بأنها القوة الإقليمية التي تفرض قواعد الأمن فيها.

ويستبعد أن تأخذ حرب الناقلات مدايات أكبر من ذلك؛ فإيران تريد فرض شروط معينة قبل الدخول إلى جولة مفاوضات فيينا السابعة.

صراع مستمر

في رأي الباحث "جبريل" فإن الصراع الإيراني الإسرائيلي في الخليج سيستمر ولن يتوقف لكنه سيبقى ضمن حدود مضبوطة.

ويشير إلى أن الصراع بين إيران وإسرائيل يدور على صراع القوة العسكرية في منطقة الشرق الأوسط؛ فإيران تقول إنها القوة الإقليمية في منطقة الخليج وهي لا تقبل لأي طرف أن ينازعها هذه المكانة.

في المقابل ترفض إسرائيل هذا التصور وترى بنفسها أنها موجودة في المنطقة بدءًا بسوريا ولبنان مرورًا بمنطقة الخليج العربي.

ويرى "جبريل" بأن إيران استطاعت توجيه رسائل صارمة للإمارات مفادها بأن إدخال إسرائيل إلى أمن الخليج سواءًا عبر التطبيع أو أدوات استخباراتية أخرى سيرد عليه بكل قوة ودون أي تهاون.

العامل الإسرائيلي في الخليج

ويشدد على أن العامل الإسرائيلي في أمن الخليج هو عامل مهم؛ لأنه يريد أن يحرك البعد الدولي وتصوير بأن الصراع ليس مع إيران وإنما هو استهداف للملاحة والتجارة العالمية.

يقول: "إيران تريد أن تعود أمريكا إلى الالتزام بالاتفاق النووي بسرعة في جولة المحادثات في فيينا، بينما تريد إسرائيل أن تفرض شروطها المتمثلة بضبط سلوك إيران الإقليمي والتحكم في مسألة الصواريخ الباليستية ودعمها للمليشيات والمجموعات المسلحة في الشرق الأوسط".

وبشأن ذلك يرى بأن إسرائيل تنظر إلى دعم إيران للميليشيات المسلحة على أنها خطر على أمنها القومي، وبالتالي تعمل على استهداف النفوذ الإيراني في أماكن تواجده.

ويعتقد أن لعبة الضغط المتبادل وتوجيه الرسائل في الخليج سيحقق المنافع؛ فإيران وإسرائيل تضغطان على أمريكا لجرها إلى المساحة التفاوضية التي ترغبان بالوصول إليه.

في الوجهة المقابلة تريد إيران حلًا تفاوضيًا شاملًا وسريًعا وفي المقابل تسعى إسرائيل لتقييد وضبط السلوك الإيراني في المنطقة، وفقًا لما يقول الباحث في الدراسات الإقليمية.

العرب خاسرون

ووفقًا لـ "جبريل" فإن إيران وإسرائيل لا تتورعان باستخدام أي أداة يمكن أن توصلهما إلى تحقيق أهدافهما، مؤكدًا أن الخاسر الأكبر من هذا الصراع هي الدول الخليجية التي ستتحمل تداعيات استمرار هذا الصراع في ظل عدم وجود استراتيجية عربية مستقلة عن الاستراتيجيات الإقليمية.

ويعتقد بأنه من مصلحة العرب تحجيم المشروع الإقليمي الإيراني لكن في نفس الوقت من الخطأ الانخراط في المشروع الأمريكي الإسرائيلي والذهاب لمسار التطبيع؛ لأنه ضار بالقضية الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية.

وينصح "جبريل" بالتفكير بالطرق والأدوات التي يمكن أن توصل لنقطة تفاهم ما مع إيران على الأمن الإقليمي باستقلال عن الموقف الأمريكي، مشيرًا إلى أهمية توظيف أدوات القوة والضغط الاقتصادي والدبلوماسية من أجل التوصل لصيغة التفاهم.

ويعتقد أن إيران وإسرائيل قادرتا على "إدارة الضرر" الذي يمكن أن ينجم عن "حرب الظل" بينهما؛ لأن هذه الحرب ليست قائمة على أرضهما وهي في ميدان الخليج.

ويشير في هذا الصدد إلى أن مستوى الضغوطات التي تتعرض لها إيران يدفعها إلى تحدي إسرائيل والولايات المتحدة في الخليج، مؤكدًا أنه لا حل إلا بالتفاهم مع إيران لضبط الأمن الإقليمي.

وينوه إلى أن العامل الدول مهما في أمن الخليج؛ فالمصالح الروسية والصينية ليست قليلة خصوصًا بعد توقيع إيران لمعاهدة التفاهم الاستراتيجي مع الصين في أواخر مارس الماضي، مشددًا على أن هذه المعاهدات جعلت خيارات إيران تتسع في منطقة الخليج.

استهداف السفينة البريطانية

ويعتقد "جبريل" أن المسؤول عن استهداف السفينة البريطانية التي تديرها الشركة الإسرائيلية في 29 يوليو/تموز وأدت لمقتل 2 هي إيران؛ لأنها أرادات إيصال رسائل قوية لإسرائيل.

ويرى بأن هناك رغبة في توريط إيران في حرب مع إسرائيل لكنه يعتقد أن إيران وإسرائيل لاعبان إقليميان يتسمان بالرشادة وقدرة في صنع القرار وتوجيه الرسائل بشكل مدروس.

ويشدد على أنه لا يوجد رغبة لديهما بالدخول في مواجهة مباشرة، حيث تسعى كلًا من إسرائيل وإيران إلى توصيل رسائل تفاوضية لتحسين شروطه والضغط على واشنطن لأن تكون في اتجاهه.

حرب الناقلات

في السياق يقول الباحث في الشؤون الخليجية محمد صادق أمين إن حرب الناقلات في منطقة الخليج ليست جديدة؛ حيث تعرضت السفن الإيرانية خلال عامين فقط للاستهداف 11 مرة، فيما السفن الإسرائيلية تعرضت لـ 4 حوادث.

ويشير إلى أن حرب الناقلات بين إسرائيل وإيران كانت تؤدي إلى خسائر طفيفة، لكن حدث هناك تحول جديد يتمثل بالهجوم المباشر عبر طائرة مسيرة مفخخة.

ويوضح أن هذه الحوادث حصلت في ممر "الفجيرة" والذي لا يخضع للسيطرة الإيرانية وهو تحدي صارخ للولايات المتحدة التي تسيطر عليه، علمًا أن المنطقة تخضع لإشراف الأسطول الخامس الأمريكي.

ويرى "أمين" أثناء حديث مع مراسل "وكالة سند للأنباء" أن هذه الحرب اعتمدت على السرية التامة من خلال الضربات الدقيقة والرسائل المشفرة؛ فكل طرف من الأطراف يرسل رسائله دون الرغبة بدخول مواجهة مباشرة.

وبشأن عدم تبنى مثل هكذا عمليات من الأطراف يقول "أمين" إن عملية التبني والإعلان هي رسائل صريحة ورغبة منها بعدم الدخول بحرب مباشرة، ولذا تذهب الدول إلى توظيف حرب الناقلات؛ كوسيلة للضغط السياسي والدبلوماسي.

مضيق هرمز وممر الفجيرة

ويعتقد أن إيران أرسلت الرسائل العسكرية إلى الأسطول الخامس الأمريكي الذي يحمي المنطقة ودولة الاحتلال ودول الخليج التي تحاول أن توجد بديلًا عن مضيق هرمز.

ويشير إلى أن ممر الفجيرة المائي يوفر بديلًا للسفن الإسرائيلية والأمريكية والغربية حتى لا تمر بمضيق هرمز وهو ما لا تقبل به إيران، ومفاد الرسالة الإيرانية بأن هذا الممر الذي يُراد منه أن يكون بديلًا عن مضيق هرمز لن يكون آمنًا.

ويعتقد أنه إذا كانت أن إيران هي من استهدفت السفينة فهذا يعني أنها ستذهب إلى محادثات فيينا وهي بصورة الطرف القوي في المعادلة السياسية.

يشير إلى أن هناك احتمالين وراء استهاف السفينة الإسرائيلية في عمان في شهر يوليو/تموز. فإما أن تكون إسرائيل وراء الضربة وبهذه الحالة الهدف منها إيصال رسائل للنظام الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، ومضمون هذه الرسالة: أن "إيران في موضع قوة رغم أنها محاصرة".

ويشدد "أمين" أن إيران لها خبرة في التعامل مع النظام الدولي الذي "لا يحترم إلا الأقوياء"، مشيرًا إلى أن إيران تحاول تفكيك قواعد الاشتباك القديمة وتضع قواعد اشتباك جديدة.

وينوه إلى أن قواعد الاشتباك القديمة بين إيران وإسرائيل كانت تقوم على سيناريو المواجهة المخابراتية فقط، لكن اليوم وصلت إلى مرحلة ضرب سفن بالطائرات المسيرة وإيقاع قتلى.

محاولات جر إيران لمعركة

في مقابل السيناريو السابق هناك سيناريو آخر لا يتوقع أن تكون إيران هي الجهة المسؤولة عن استهداف السفينة الإسرائيلية؛ ويبدو أن هناك طرف آخر يحاول أن يورط إيران في مواجهة المجتمع الدولي.  

يقول "أمين": هذا الطرف حاول أن يورط إيران بمواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية مرارًا؛ خصوصًا في عهد الرئيس الأمريكي ترامب لكنه لم ينجح في ذلك أبدًا.

يؤكد أن استهداف السفينة نجحت في جعل إيران أمام مواجهة مع المجتمع الدولي الذي أصدر بيانات ضد إيران.

السيناريوهات المتوقعة

وبشأن السيناريوهات المتوقعة يقول "أمين" إن كل المعطيات تشير إلى أن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية لن يذهب باتجاه مواجهة عسكرية مع إيران، بسبب أن إيران استطاعت أن تُوجد معامل الرعب مع النظام الدولي.

ويوضح أن إيران صحيح أنها لا تمتلك قوة مثل الطائرات وقوة عسكرية تقليدية ونووية وبوارج لكنها استطاعت أن تبنى قوة غير تقليدية من خلال "حرب الوكلاء" المنتشرة على طول المنطقة؛ فمن جنوب لبنان تسطيع أن تصل إلى عمق فلسطين المحتلة وأن تستهدف مواقع إسرائيلية حساسة.

ويشير "أمين" إلى أن التحليلات الاستخباراتية تتحدث عن 150 ألف صاروخ لدى حزب الله دقيق وفعال ومدمر وطويل المدى،  بالإضافة إلى أنها تستطيع أن تربك حركة التجارة الدولية عن طريق البحر الأحمر من خلال سيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثي) على اليمن.

كما تستطيع إغلاق مضيق هرمز وتستطيع أن تصل إلى عمق منطقة الخليج من خلال الحدود العراقية السعودية.

قدرة على خلط الأوراق

وتأسيسًا على هذا يعتقد أن إيران لديها قدرة على المناورة وخلط الأوراق في المنطقة وتدخل في مواجهة غير تقليدية في مواجهة مع أي طرف يريد أن يدخل معها في أي مواجهة عسكرية.

يشدد "أمين" على أن النظام الدولي يدرك هذه المعضلة، ولذلك بريطانيا كانت تتواصل مع إيران وتقول لها "نحن لا نريد مواجهة"، أما دولة الاحتلال فلها حسابات إقليمية وداخلية.

من وجهة نظره لا أحد سيستفيد من المواجهة؛ لأنه إذا كانت إيران هي المخطط والمدبر لاستهداف السفينة قبالة سواحل عمان، فإن صانع الدبلوماسية الإيرانية وقع في خطأ جسيم جدًا على اعتبار أنه جلب التحشيد الدولي ضد إيران.

ويؤكد أن الخاسر الأكبر من المعركة بين إيران وإسرائيل هي دول الخليج التي أصبحت ساحتها ساحة تصفية حسابات بين الدول الكبرى وهي ليس لديها خيارات وليس لديها سيناريوهات بديلة وتعتمد في حماية نفسها على الولايات المتحدة الأمريكية التي لديها حسابات مختلفة عن دول الخليج.

يضرب مثالًا لتقريب وجهة نظره: "عندما ضربت منشآت أرامكو كانت السعودية تتوقع أن الرئيس الأمريكي ترامب سيغضب لها لكن شهدنا أنه ترامب قال للسعوديين قوموا بتأمين أنفسكم".