أثار اتفاق الإطار الأمريكي مع الأونروا ردود فعل سياسية وشعبية فلسطينية غاضبة، إزاء ما يحمله من شروط تجاه المساعدات المقدمة لمجتمع اللاجئين في الأراضي الفلسطينية.
الاتفاق وقّع في السادس عشر من شهر يوليو الماضي، حمل في مضمونه شروطًا أمريكيةً بمنع تقديم المساعدات لمن عمل في المجال العسكري، كما يفرض قيودًا على العاملين في "أونروا" من التعبير عن رأيهم إزاء الاحتلال.
ومختصون في قضية اللاجئين، أكدوا أن الاتفاق يحتوي على مخاطر جمة، مشيرين لمساعي أوروبية لتوقيع اتفاق مماثل يحد ّ من الأسماء المستفيدة من المساعدات، ويضع شروطًا وقيودًا عليها إلى جانب فرض قيود مماثلة على الموظفين في "أونروا".
وكالة الغوث على لسان المتحدث باسمها سامي مشعشع، أكدّ لـ "وكالة سند للأنباء" توقيع الاتفاقية، دون أن يخوض حول تفاصيل الاتفاق والتزاماته، فهو كأي اتفاق يخضع لشروط معروفة لدى الممول، مكتفيًّا بهذا التعليق.
اتفاق سري!
منسق لجنة اللاجئين المشتركة محمود خلف، أوضح بدوره، أنّ الاتفاق كان سريًّا بين إدارة "أونروا"، بموجبه جرى توقيف 22 موظف وموظفة في "أونروا" على خلفية نشرهم آرائهم السياسية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وقال "خلف" لـ "وكالة سند للأنباء"، إن هذه الحادثة شكلت سابقة دفعت الأونروا والخارجية الأمريكية لنشر الاتفاقية وعرضها على العلن، لافتًا إلى لقاءات عقدت مع فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا لم يأتِ فيها على ذكر الاتفاق.
وأكدّ أن هذا الاتفاق بمنزلة تدخل صارخ في عمل الأونروا وهذا مرفوض، لافتًا لمحاولات أمريكية سابقة في التدخل عام 2015 لتغيير المناهج التربوية.
وأوضح "خلف" أن هناك خطورة بالغة من الاتفاق على كل موضوع اللاجئين، من شأنه تحويل اللاجئين الفلسطينيين من الأونروا للمفوضية السامية للأمم المتحدة، "بمعنى سلخهم عن ارتباطهم السياسي".
وعبر عن شعوره بتساوق من بعض اقطاب الأونروا مع الاتفاق تحت ذريعة الدعم المالي، وهذا تسطيح للأزمة، مشيرًا إلى مؤتمر دولي سيعقد في شهر أكتوبر لمناقشة قضية التمويل المستدام.
وحذر من إمكانية لجوء الأوروبيين لعقد اتفاق إطار مماثل تحت ضغوط مختلفة، ما يهدد تقديم الخدمات.
ونبه إلى الخطورة الأمنية المترتبة على استهداف اللاجئين في مناطق تواجدهم الخمسة، وهو يهدد الشرق الأوسط برمته، مشيرًا إلى محاولات لـ "تعويم قضية اللاجئين".
وبين أن اللاجئ بوصف الولايات المتحدة هو من ولد في العام 1948، أي يلغي التعريف أي صفة للجوء لأبنائهم وأحفادهم.
التزامات سياسية!
مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان علي هويدي، أن الاتفاق يشكل التزامات سياسية على الأونروا حتى نهاية العام 2022، ويمنح واشطن الحق في مراقبة أداء الوكالة والتدخل في طبيعة عملها.
وقال "هويدي" لـ "وكالة سند للأنباء" إن هذا التدخل يشكل انتهاكًا لأساس عمل الأونروا الذي يتطلب منها الحيادية والحرية، ويمنح واشنطن مراجعة الكتب وشطب المناهج، وفرض رقابة على الموظفين ضمن معايير تتفق مع أهدافها.
وذكر أنّ هناك إجراءات تبذل من قبيل مخاطبة اللجنة الاستشارية والأطراف ذات العلاقة؛ لتشكيل حالة ضغط تحول دون ترجمة القرار على الأرض، والحيلولة كذلك عن توقيع اتفاقات مماثلة مع أطراف أخرى خاصة في ظل ما يتسرب من رغبة الأوروبيين توقيع اتفاق خريف العام القادم.
ونبه إلى أن الاتفاق سيضع تمويل الأونروا تحت سيف الشروط الأمريكية.
وبين أن هناك مؤتمرًا سيعقد للمانحين برعاية الأردن والسويد الشهر القادم، وهذه فرصة لبحث استدامة التمويل.
المواجهة!
على صعيد إجراءات مواجهة القرار، أكدّ مسؤول دائرة اللاجئين في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، إنّ القوى الوطنية والإسلامية شكلت هيئة وطنية لمتابعة الاتفاق الأمريكي مع الأونروا وبحث تداعياته وخطورته، مشيرًا إلى خطة استراتيجية جرى الاتفاق عليها للبدء في مواجهة القرار.
وقال "المدلل" لـ "وكالة سند للأنباء"، إنّ الخطة تتضمن المرحلة الأولى بتوجيه رسائل للأمين العام للأمم المتحدة والمفوض العام للأونروا، تحمل رسائل استنكار حول الاتفاق.
كما أشار للتوافق على برنامج عملي وطني لتحريك الشارع وتحشيده في إسقاط الاتفاق، عبر فعاليات شعبية وإعلامية وقانونية مختلفة.
وأكدّ أن معركة الكل الوطني ليست مع الأونروا بل هي معركة شاملة؛ لتثبيت موقع قضية اللاجئين ومواجهة التحديات التي تعترضها.
يجدر الإشارة لموقف الولايات المتحدة من قطع التمويل على الأونروا عام 2017، إبان وصول الرئيس الجمهوري دونالد ترامب لسدة رئاسة البيت الأبيض.
وتبلغ حصة التمويل الأمريكي للأونروا 360 مليون دولار سنويا، جرى إعادة جزء كبير منها بعد وصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى سدة الرئاسة العام الماضي.
وتعاني "أونروا" من عجز مالي كبير، أدّى لتوقف عدد كبير من مشاريعها المستهدفة للاجئين الفلسطينيين في مناطق العمليات الخمسة "الأردن، غزة، الضفة والقدس، سوريا، لبنان".