تروج سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ أسابيع عمّا تُسميه "تسهيلات" تقرّها للفلسطينيين مقابل "الهدوء" خلال شهر رمضان الفضيل، وترتبط بشكلٍ أساسي في السماح لفلسطينيين من الضفة الغربية، ضمن أعمارٍ تحددها، لأداء الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك.
وتسمح سلطات الاحتلال وفق حزمة "التسهيلات" المقرّة خلال شهر رمضان، بـ "صلاة الفلسطينيين الذين تبلغ أعمارهم 50 عامًا فأكثر في الأقصى، يوم غدٍ الجمعة، إلى جانب السماح بالزيارات العائلية للأقارب من الدرجة الأولى في بلدات ومدن الداخل المحتل اعتبارًا من 8 نيسان/ ابريل الجاري وحتى الـ14 من الشهر ذاته.
ووفق بيانٍ صدر أول أمس الثلاثاء عن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فإن الأوضاع العامة ستخصع لـ "تقييم أمني" برئاسة وزير جيش الاحتلال بيني غانتس، لاتخاذ قرارٍ بـ "توسيع التسهيلات من عدمه" يوم الجمعة الموافق 15 نيسان.
ويعتبر الفلسطينيون "التسهيلات" الإسرائيلية "شكلية ولا ترتقي إلى حقوقهم بحرية التنقل والعبادة" التي كفلها القانون الدولي، في حين يراها سياسيون أنها "تحمل رسائل إسرائيلية أبعد من ذلك".
صورة نمطية..
المختص بالشأن الاسرائيلي فايز عباس يقول إن "التسهيلات المقرة على حركة الفلسطينيين للصلاة في المسجد الأقصى، لا تعد سوى دعاية وكذبة كبيرة يحاول الاحتلال تسويقها أمام الإسرائيليين والمجتمع الدولي ولدى الفلسطينيين أيضًا".
ويُضيف "عباس" لـ "وكالة سند للأنباء" أن الإعلام الاسرائيلي يتعامل مع "التسهيلات" على إنها "إنجاز كبير، وهدية ثمينة تقدم للفلسطيني" محاولًا خلق صورة نمطية أنه رغم الأحداث والعمليات الأخيرة، إلا أن إسرائيل ترغب بالحفاظ على أجواء إنسانية ودينية برمضان".
ويُشير أيضًا إلى أن الترويج الكبير لهذه "التسهيلات" هي رسالة رسالة للغرب والإدارة الأمريكية مفادها "أن إسرائيل استجابت لمطالبكم عبر إقرار جملة من التسهيلات للفلسطينيين برمضان".
ويرى "عباس" أن تل أبيب التي فشلت في منع العمليات الفدائية الفردية مؤخرًا، تقوم قواتها بعمليات واسعة في الضفة عبر الاغتيال والاعتقال في محاولة للتغطية على هذا الفشل، وسط ترويج لـ "التسهيلات" في محاولة لفرض سياسة "العصا والجزرة" بـ "التسهيلات" مقابل الهدوء.
يُذكر أنه خلال الأسابيع الماضية، ارتفعت وتيرة عمليات إطلاق نارٍ وطعنٍ في عدة مواقع بالضفة الغربية والقدس وبلدات الداخل، أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 11 إسرائيليًا وإصابة آخرين.
تسهيلات بسقف أمني
بدوره يصف المختص بالشأن الاسرائيلي ياسر مناع في حديث مع "وكالة سند للأنباء"، "التسهيلات" بـ "الباهتة" وتخضع لتقييم أمني مستمر، ما يُثبت بطلان وزيف الادعاءات التي روجتها إسرائيل قبل شهر رمضان.
ويوضح "مناع" أن الاحتلال يتعامل مع ملف "تسهيلات رمضان" والإجراءات المؤقتة على أنها محاولة لتخفيف الضغط على الفلسطينيين، ومنع أي انفجار قادم بسبب تراكم الأحداث من اعتداءات الجيش والمستوطنين، وعمليات الاعتقال والملاحقة اليومية، والمشاهد المروعة لعمليات الاغتيال الأخيرة.
في هذا الإطار حث معهد "الأمن القومي" الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب في مقالٍ نشره بـ 28 مارس/ آذار المنصرم، سلطات الاحتلال بتقديم ما أسماه "العلاج قبل الضربة" بمعنى تعزيز "التسهيلات" في محاولة لإسكات أي هبّة شعبية محتملة في رمضان على غرار ما حدث العام الماضي.
ومن ضمن الاقتراحات التي طرحها المعهد، منح تصاريح لسكان قطاع غزة لزيارة "الأقصى" خلال الشهر الفضيل، إلى جانب ضغط دول المنطقة كالأردن وقطر وتركيا على الفلسطينيين وخاصة في القدس لتهدئة الأوضاع.
وينظر "ضيف سند" إلى خطورة سياسة الاحتلال في الحديث عن هذه التسهيلات خاصة بالوصول للمسجد للأقصى كونه يجدد تأكيده ورسائله على أنه صاحب القرار عبر السيطرة، والتحكم بالقدس و"الأقصى"، مشيرًا إلى أن الترويج لهذه الزيارات تتم عبر "مبادرات إنسانية يحترم من خلالها حرية العبادة والمناسبات الدينية، ويسمح ويمنع وفقاً لضوابط يحددها هو".
"صهر الوعي"..
ويُبيّن "مناع" أن "سياسة التسهيلات الإسرائيلية لفئة محدودة تهدف لمحاولة صهر الوعي لدى الفلسطينيين، وإيصال رسائل بأن من يمنعكم من الوصول للأقصى هي أعمال المقاومة ووصولكم إليه مرتبط بحالة الهدوء".
وبالتالي فإن الاحتلال يحاول عبر هذه السياسة، اختراق الحاضنة الشعبية الواسعة لـ "المقاومة والفدائيين" في الضفة الغربية والقدس، وخلق شرخ داخلي، وفق "ضيف سند".
انتقاص للحقوق..
إلى ذلك يقول الكاتب جهاد حرب، إن واقع وصول الفلسطينيين للمسجد الأقصى، وتنقلهم يؤكد أن هناك حرمان للجزء الأكبر من الشعب ممن هم دون الخمسين عاما، ما يعني أن "هناك انتقاص للحق الفلسطيني سواء على مستوى الفئات العمرية والقدرة بالوصول والتنقل.
ويُكمل "حرب" لـ "وكالة سند للأنباء" : "أن ما تُسميه إسرائيل تسهيلات هي بالأساس حق كفلته القوانين الدولية للفلسطينيين بحرية التنقل والوصول للأماكن الدينية داخل أرضه بما فيها مدينة القدس".
ويشدد أن الاحتلال يهدف من وراء إعلانه لهذه التسهيلات ابتزاز الفلسطينيين عبر سياسة "الجزرة والعصا" فيقدم "تسهيلات" مشروطة مقابل حالة الهدوء ووقف أعمال المقاومة.
علمًا أنه منذ بدء شهر رمضان تشهد مدينة القدس توترًا في منطقة باب العامود، بسبب اعتداءات الاحتلال التي تتصاعد بشكلٍ يومي على المصلين والمرابطين، واعتقال نحو 40 منهم.