الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بعد تجربة الأسر لـ 21 شهرًا.. الحريّة أجمل شعور في عيون ربى عاصي

حجم الخط
المحررة ربى عاصي
رنيم علوي - وكالة سند للأنباء

بينما يُخيّم الهدوء على المدينة في حُلكة الليل، كانت عائلة "عاصي" برام الله وسط الضفة الغربية، على موعد مع كابوس يوقظهم جميعًا على أصواتٍ من الخارج توحي باقتحام قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي للمنزل، لكنّ ما الهدف؟ يُجيب الضابط بعد فحص بطاقات الهوية لأفراد العائلة: "ربى قيد الاعتقال".

لكلبشات كبار على إيديكِ وكثير وساع.. أنتِ صغيرة" كلمات سمعتها ربى عاصي، من أحد الجنود خلال اقتيادها للجيب العسكري، وسط حالة من الصدمة والذهول التي خيّمت على البيت الذي اعتاد على الاقتحامات الليلية لاعتقال والدها وليس لفتاة لم يتجاوز عمرها الـ 22 سن.

تقول "ربى" لـ "وكالة سند للأنباء" "عشت طفولتي وأنا أتنقل بين السجون لزيارة والدي، ولم أتخيل أنه سيأتي اليوم الذي اعتُقل من وسط بيتنا، وأكون داخل هذه الزنازين".

واعتقلت الفتاة العشرينية في التاسع من حزيران/ يونيو عام 2020، بتهمة الانضمام لجمعيات واجتماعات محظورة في الضفة، وأصدرت محكمة الاحتلال بحقها حكمًا بالسجن الفعلي لـ21 شهرًا.

تعود "ربى" بذاكرتها إلى ليلة اعتقالها: "قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل انهالت الضربات على باب المنزل بينما نحن نِيام، لنتفاجأ بجنود ومجندات يقتحمون البيت ويطلبون بطاقات الهوية لكل من في البيت، وكنا نعتقد أن الاعتقال لوالدي".

لكنّ بعد تفتيش البيت ومراجعة "البطاقات الشخصية" لأفراد العائلة، بدؤوا بشتم والد "ربى" والصراخ عليه، ثم طلبوا منها تبديل ملابسها وأنها "رهن الاعتقال"، تُردف: "لقد كانت دقائق صعبة علينا جميعًا، ومشهد مؤلم أن اقُتاد إلى الجيب العسكري وأبي ينظر إليّ بقلة حيلة وعجز.. ماذا يفعل في هذه الحالة؟".

وأثناء اقتيادها لـ "الجيب العسكري" حاول الجنود استفزازها، عن ذلك تُحدثنا: "وجهوا لي ولعائلتي الشتائم، والألفاظ البذيئة، كانوا ينتظرون ردة فعلٍ استفزازية مني، لكنّ أنا حينها كنت تحت تأثير الصدمة ليس لديّ ما أقوله أصلًا".

زميلات الجامعة والأسر!

لم يكن سهلًا بالنسبة لـ "ربى" الدخول لأول مرة إلى السجن كمعتقلة، لكن الأسيرات السابقات حاولن "احتوائها والترحيب بها" لتخفيف وطأة الصدمة عليها، وتُضيف: "هناك التقيت مع زميلاتي في جامعة بيرزيت، وهذا ساعدني كثيرًا في التأقلم والاندماج مع حياة الزنازين".

وتواصل ربى بعد الإفراج عنها، دراسة علم الاجتماع في سنتها الرابعة، في جامعة بيرزيت في رام الله.

وفي سؤالنا "كيف كنتِ تقضين أيام الاعتقال؟" تُجيب: "كنا نتجاوز ثِقل الأيام بوضع برنامج يومي، يضم وقتًا للرياضة، وآخر للقراءة، وغيرها من الأنشطة التي نحاول من خلالها خلق روح وحياة لأيامنا داخل الأسر".

وتمضي: "السجن والسجان لا يفرقان بين ذكر وأنثى، كان يتم التعامل معنا دون أي مراعاة لخصوصيتنا، وما زاد من معاناتنا في تلك الفترة هو انقطاع زيارات الأهل بسبب جائحة كورونا، ما جعلنا نعيش في حالة انقطاع عن العالم الخارجي".

وتلفت المحررة إلى أن الأسيرات يُجبرن على خوض خطوات تصعيدية لانتزاع حقوقهن منها الإضراب عن الطعام، في ظل محاولات إدارة مصلحة السجون فرض قوانين لتشديد الخناق عليهن وقهرهن.

بانتظار الحرية

وتنتظر الأسيرة بعد اعتقالها لحظة إصدار الحكم بحقها، من أجل "البدء بالعد التنازلي الذي يفصلها عن حريتها" تقول "ربى" بنبرةٍ ثقيلة: "أمضيت عامًا ونصف وأنا أعدّ يومًا بيوم، للحظة التي سأكون فيها خارج أسوار السجن، إنه أجمل شعور، وأكبر من الوصف حقًا".

20694FBC-1B1A-457E-9E6E-1C05844A666C.jpeg
 

وتؤكد أن "شعور الحرية أثمن شيء ممكن أن يحصل عليه كل الأسرى والأسيرات، فهي تخرجهم من ظلمات السجن والمعاناة إلى الحياة والأهل والأحبة وتفاصيل الحياة الطبيعية بعيدًا عن السجّان وأساليبه القاهرة".

ليلة الحريّة الأولى!

وأفرج عن "ربى" يوم 6 آذار/ مارس المنصرم، بعد قضاء فترة حكمها، لكنّ كيف مرّت الليلة الأولى بعد الحرية؟ تقول: "نوم متقطع، قلق، وكوابيس السجن لاحقتني، وصورة الزنازنة التي أمضيت فيها فترة اعتقالي لا يُمكن أن تمحى بسهولة من ذاكرتي".

وتُسهب: "لم تكن الليلة الأولى لي بالمنزل وفي غرفتي سهلة، فبعد شهور من الحرمان والخوف والبعد، عدت إلى حضن عائلتي، لكني تركت خلفي أسيرات لازلن يتمنين وينتظرن هذا الفرج بينهن مريضات وأمهات وطفلة".

وتختم "ضيفة سند" حديثها: "كنت أفتقد الأمان، حتى بعد أن خرجت من السجن ظلت شوائبه عالقة بذهني، لكني مع وقت تغلبت عليها وعدت لحياتي ودراستي، وكلي أمل بأن تعيش كل الأسيرات فرحة الحرية".

DA1EA55C-9F1F-4DE9-B9BE-396E6B2EE37C.jpeg
 

وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال 32 أسيرة فلسطينية في سجن الدامون، أصغرهن الطفلة نفوذ حماد (15 عاماً) من القدس، وأقدمهن الأسيرة ميسون موسى من بيت لحم المحكومة بالسجن لمدة 15 عاماً، وهي معتقلة منذ يونيو/ حزيران 2015.

في حين تمضي الأسيرتين شروق دويات من القدس وشاتيلا أبو عياد من الداخل الفلسطيني المحتل أعلى الأحكام بين الأسيرات لـ16 عاما، ومن بين الأسيرات كذلك 11 أمّاً، وهن: إسراء جعابيص، وأماني الحشيم، وفدوى حمادة، وإيمان الأعور، وختام السعافين، وشذى عودة، وشروق البدن، وفاطمة عليان، وسعدية فرج الله، وعطاف جرادات، وياسمين شعبان.