الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

بالفيديو والصور "قوصين".. بوابة نابلس الغربية طبيعة خلابة يشوّهها الاستيطان

حجم الخط
بلدة قوصين
نابلس - وكالة سند للأنباء

على ربوة عالية تتوسط محافظات شمال الضفة الغربية، تتربع قرية قوصين غرب مدينة نابلس، محتلة مكانًا استراتيجيا جعل منها هدفًا ثمينا للاستيطان الإسرائيلي.

فما أن تحط قدماك على أطرافها، حتى تشاهد الحزام الاستيطاني المترابط الذي يلتف حولها، والمكون من البركسات والمصانع والكسارات، ثم تنظر إلى أشجار الزيتون خلفك لترصد على أغصانها التكسر والجفاف جراء الأوبئة النابعة من هناك.

تقلع طائرة التصوير (الدرون) في الجو رغم المخاطرة في ذلك أمنيا بسبب قيود الاحتلال، فتأتيك بلقطات مبهرة للمشاهد الربيعية الخلابة التي لم تغادرها بعد.

يقول رئيس مجلس قروي قوصين نائل سلمان: "إن قوصين تقع على تلة مرتفعة بين منطقة واسعة، يمكن من يتواجد فيها من مشاهدة مدى يزيد عن 20 كيلو مترا في اتجاهات عدة، ومنها مشاهدة ساحل البحر الأبيض المتوسط".

وحسب دليل المجلس القروي، فكلمة (قوصين) محرفة من كلمة سريانية (قاسيا) بمعنى الحطب لكثرة وجود الحطب في الغابات التي تكثر في هذه المنطقة.

ويصل عدد سكان القرية لـ2500 نسمة إلى جانب زهاء 400 شخص سكنوا البلدة بعد شراء أراض فيها تبلغ مساحتها 4800 دونمًا، صادر الاحتلال 1000 دونم منها، بحسب ما يورده رئيس المجلس القروي لـ "وكالة سند للأنباء".

281563101_1164078194389503_7241622907458310333_n.jpg
 

ويُزرع في أراضي قوصين، الحبوب وأشجار الزيتون والقليل من الخضار، وفيها نبع ماء، ويُشير "سلمان" إلى أن الاحتلال حول غالبية الأراضي إلى منطقة صناعية استيطانية، تقع جلها في المنطقة الغربية من القرية التي تعد من أجود الأراضي تصنيفا وجذبا للاستثمار والتنزه.

ويستعرض رئيس المجلس، الآثار السلبية على البيئة جراء ملوثات المنطقة الصناعية الاستيطانية المحيطة بالقرية موضحًا: أن "الملوثات المنبعثة من المصانع الكيماوية التي تفرز الغازات والمياه العادمة، أثرت على أشجار الزيتون بالقرية، إلى جانب تأثيرها على المياه الجوفية".

كما تسببت تلك الملوثات بارتفاع ملحوظ لحالات الإصابة بمرض السرطان في القرية، وفقًا لـ "سلمان".

قرارات هدم ومصادرة

من ناحيته، يشير عضو المجلس القروي والناشط في مواجهة الاستيطان محمد لطفي سلمان للمد الاستيطاني بأراضي البلدة، ويقول:"بدأ الاستيطان ينهش بأراضي قوصين بداية التسعينات حيث تم التهام 1800 دونم، وتهديد أراض أخرى بالمصادرة ومواصلة استصدار أوامر هدم ومصادرة حتى اللحظة".

ويلفت الناشط لوجود قضايا مرفوعة في المحاكم الإسرائيلية منذ سنوات طويلة ضد قرارات الهدم والمصادرة، وعقدت جلسات عدة دون البت النهائي بها.

ويضيف لـ"وكالة سند للأنباء":"فقدت البلدة جراء مصادرة أراضيها القطعة الأجمل، والذي نسميه ريف نابلس الحقيقي الغربي في ظل انعدام البنية التحتية والتهديد المستمر من المستوطنين وتوسعة المدينة الصناعية في محيط البلدة".

283253972_1878377852553168_7399440384629828475_n.jpg
 

ويطالب "محمد سلمان" الجهات الفلسطينية الرسمية بمساندة البلدة وعدم التقاعس في دعم صمودها، عبر تكثيف زيارة مكثفة للمسؤولين، وتقديم كل ما يلزم من أجل تمكين الهيئة المحلية من تقديم الخدمة الملائمة للأهالي، وعدم تركهم لقمة سائغة للمد الاستيطاني، معتبرا أن المطلوب الكثير لدعم البلدة من كل الجهات في ظل ما تتعرض له من تربص الاحتلال.

ملوثات فيزيائية وكيماوية

بدوره، يكشف رئيس جمعية التنمية البيئية جمال الباز أن أبحاث وعمليات الرصد في البلدة والمناطق المحيطة بها، أظهرت وجود مشاكل وآثار خطيرة تعاني منها البلدة بيئيًا من ملوثات فيزيائية وكيماوية، جراء مصانع الاحتلال، في ظل عدم توفر معلومات عن طبيعة عمل كل المصانع في المنطقة الصناعية.

ويتابع "الباز" لـ "وكالة سند للأنباء": "المياه العادمة للمنطقة الصناعية ولمستوطنة "قدوميم"، رغم أنها تبعد هوائيا 5 كيلومترات عن البلدة، إلا أنها تؤدي إلى تلويث المياه الجوفية في قوصين التي تتواجد فوق حوض مائي معروف، ناهيك عن مكب النفايات القديم الذي كان في أراضي البلدة وأغُلق قبل سنوات بعد ضغط الأهالي، حيث كان موقعا تلقى فيها نفايات غير معروفة للمستوطنات ومعسكرات جيش الاحتلال".

ويتحدث عن أن تلك المياه العادمة والملوثة للبيئة ضربت الزراعة بالبلدة بشكل كبير، بسبب انتشار الخنازير البرية، التي أدى انتشارها الكبير لتخريب غالبية المناطق المزروعة، والقضاء على الطيور والحيوانات البرية هناك، وضرب الزراعة التي فقدت بريقها بسبب الملوثات.

ويُشير إلى أن تلك الانتهاكات مرصودة بالمعطيات الإحصائية والدراسات، التي أبرزت فقدان وغياب عشرات أنواع الطيور على سبيل المثال.

ويُكمل: "كذلك يوجد مخلفات لمصانع ووحدات صناعية عربية أقيمت بشكل عشوائي وغير مخطط في محيط البلدة، تسببت أيضا بأضرار بيئية في ظل تزايد أعمال حرق بعض مخلفاتها من كرتون وأدبغه".

وهذا الأمر "زاد الطين بِلة" مع مخلفات المستوطنات والمناطق الاستيطانية الصناعية، تِبعًا لـ "الباز".

ويؤكد أن نتائج أبحاث الجمعية تظهر أن حالات مرضية ومنها السرطان والربو تزداد بالبلدة، سببها الأبخرة والملوثات البيئية، الناجمة عن كل مصادر الضرر البيئي من مصانع وبعضها غير معلوم ماذا تعمل، والمصانع العشوائية والحرائق للتخلص من النفايات.

أفقر القرى

وتعاني قرية قوصين أوضاعا اقتصادية صعبة، بحسب رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية في القرية شريف سلمان، مشيرًا إلى أنها تعتبر من أفقر قرى محافظة نابلس، وذلك لتوقف العمالة في الداخل المحتل نهائيا، ومصادرة الاحتلال الأراضي المشجرة بالزيتون لأهالي القرية، إضافة لبيع غالبية أراضيها".

ويضيف "سلمان" لـ "وكالة سند للأنباء": "كانت الكسارات تعمل في أراضي البلدة، وتوقفت حاليا وأصبحت مملوكة لجهات استيطانية، وكان لها دور كبير في تلويث البيئة، وأدت إلى تضرر المنطقة الغربية للبلدة، ناهيك عن مكب النفايات الذي يقع ملاصقا لها".

وينتقد إهمال الأرض وتراجع العناية بها والابتعاد عن الفلاحة والزراعة بالقرية، مردفًا: "هذا الإهمال سيزيد أطماع الاحتلال بقضم مزيد من أراضي البلدة والسيطرة عليها".

ويلفت ضيفنا إلى أنه قبل عدة أسابيع تم مصادر حفار زراعي، بحجة العمل في منطقة (ج)، كما تم إخطار مزارع بهدم بركس صغير زراعي في أرضه.

ويجمع مسؤولون وناشطون في قوصين على أن تضافر الجهود والعمل لتذليل العقبات لصمود القرية والحفاظ عليها يتطلب دعما رسميا ومجتمعيا، مع تكامل دور الجمهور المحلي والسكان المجاورين بالبلدة، للحفاظ على حياة آمنة وسليمة بعيدا عن الأوبئة والأمراض، ومواجهة الزحف الاستيطاني.