الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بالصور "دير دقلة".. خِربة تاريخية ترزح تحت خطر الاستيطان

حجم الخط
خربة دير دقلة
سلفيت- وكالة سند للأنباء

تواجه العديد من المواقع التاريخية والأثرية في الضفة الغربية، خطر التهويد والاستيطان، بذريعة وقوعها ضمن الأراضي المصنفة بـ (ج)، والتي يُسيطر عليها الاحتلال ويمنع إقامة أي نشاطاتٍ أو حفرياتٍ فيها، من أبرزها، خربة دير دقلة.

وبحسب إحصاءات فلسطينية لوزارة السياحة والآثار، فإن 22 ألف موقع أثري منتشر في فلسطين التاريخية تعتبر عرضة للاندثار والتدمير من خلال الإعلان عنها مناطق عسكرية مغلقة، أو مناطق مصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو الموّقع مع السلطة الفلسطينية عام 1993، وغيرها من الحجج مثل "أراضي دولة"، أو منطقة تدريبات عسكرية، أو منطقة أثرية، أو محميات طبيعية.

إلى الغرب من سلفيت وسط الضفة، تتربع قلعة "دير دقلة" الرومانية الأثرية، المطلة على الساحل الفلسطيني ومطار اللد، ليكسبها موقعها الإستراتيجي أهمية لدى الجيوش التي تعاقبت على مر العصور، فكانت حصنا وقلعة ونقطة مراقبة وتموين.

الخربة التي تعد واحدة من بين 130 موقعًا أثريًا في سليفت، كانت تضم، كنائس وأديرة وطرقًا مرصوصة بالفسيفساء، إضافة للآبار وبرك المياه والأعمدة وغيرها من الأبنية المنحوتة بالصخر، كما يُلاحظ أن أثارها مليئة بمعاصر الزيتون والعنب.

2A48BEB9-660F-4588-8584-C1200277433B.jpeg
 

39DDA468-AEBC-458E-955C-E1E219DCBA08.jpeg
 

وعلى الرغم من مرور آلاف السنوات التي نحتت من عمر القلعة، إلا أنها بقيت صامدة ببعض معالمها الأثرية، كالأقواس والبرك المنحوتة بالصخر بدقة عالية، إلى جانب قطع من الفسيفساء التي كانت تغطي أرضيتها.

خطر التهويد

أهمية القلعة بمكانها الإستراتيجي لم تندثر مع مرور السنوات، فطمع الاحتلال الإسرائيلي كشّر عن أنيابه لافتراسها، بحجة وقوعها في الأراضي المصنفة (ج) التابعة لسيطرته الأمنية والإدارية بحسب اتفاقية أوسلو.

وعن ذلك يقول عضو اللجنة الوطنية للدفاع عن الأراضي ومقاومه الاستيطان يوسف أبو صفية إن دير دقلة ومجموعة من القلاع والخرب الأثرية الواقعة بين محافظتي رام الله وسلفيت، هي محط أطماع للمستوطنين في مستوطنات: "بيت ارييه، وبدوئيل، وليشم"، حيث الزحف الاستيطاني المتواصل في هذه المنطقة.

ويضيف "أبو صفية" لـ "ـوكالة سند للأنباء": "أن من ضمن المواقع الأثرية التي يهددها الاستيطان، دير دقلة ودير قلعة، وخربة مسمار، وتعمر، وكفر النشا، والمخرمشة، وأبو الرايات، إضافة لقلعة دير سمعان التي تقع في أراضي محافظة سلفيت وأحاطت بها مستوطنة "ليشم" بشكل كامل ومن جميع الاتجاهات وهو ما نخشى أن يكون حال خربة دير قلة ودير قلعة لاحقا".

وتوثق مصادر فلسطينية وشهود عيان من مزارعين ورعاة الماشية، تنظيم المستوطنين زيارات سياحية وطلبة مدارس المستوطنين لمنطقة دير قلة، وبقية الخرب الأثرية في منطقة غرب رام الله وسلفيت.

ويشير شهود العيان إلى أن المستوطنين يقصدون تلك المناطق؛ للتنزه والسباحة في البرك الأثرية في فصل الصيف.

وتمنع سلطات الاحتلال المزارعين ورعاة الماشية من الوصول للمناطق المحيطة بالمواقع الأثرية، وفي هذا الإطار يتحدث المزارع حسن العيسى من قرية اللبن الغربية: "الاحتلال يمنعنا من الوصول للمنطقة لرعي أغنامنا في المناطق الرعوية المحيطة بها، وسبق أن وضع المستوطنون علامات تمهيدًا للسيطرة عليها لاحقا".

ويسهب "العيسي" في سرد انتهاكات الاحتلال لـ"وكالة سند للأنباء: "عادةً ما يطرد المستوطنون والجيش، رعاة الماشية في هذه المنطقة بحجة أنها أراضي دولة، وهي حجة ثانية غير أنها أراضي مصنفة بـ (ج)" لافتًا إلى أن الاحتلال يختلق الحجج الكثيرة كي يواصل سرقة ومصادرة الأراضي بذرائع عديدة.

5AA23E5B-B14C-4DB0-810D-3D2B5363E3FB.jpeg
 

وبحرقة على آثار "دير دقلة" يُكمل: "على الرغم مما تضمه خربة دير دقلة من آثار في القلعة، لكن للأسف لا يوجد من يهتم بها، والاستيطان يتمدد ويتوسع دون حسيب أو رقيب، حتى أن المستوطنين يتجولون على دراجات نارية ومركبات زراعية ويطردون رعاة الماشية وأحيانا يضربونهم، ويطردون المزارعين بزعم أن الأرض وما تحويه من آثار وخرب وقلاع أثرية، تعود لهم وليس للفلسطينيين".

ومن جمال الطبيعة في دير قلة، وجود كهف يحتوي على "نوازل" طبيعية كالعناقيد والمخروطات المتدلية من السقف، وأخرى تصعد من الأرض بألوان مختلفة جذابة مدهشة تضيف سحرا جميلا، في حين تتدفق نقاط الماء في أكثر من مكان طوال العام بالكهف، بمساحة تصل إلى 50 متراً مربعاً، ولغرابه أشكال الصخور أطلق على الكهف "مغارة الأصنام" لقربها من شبه الأصنام.

7A2F16D4-C2C0-493A-BCE4-CA26F3F2890F.jpeg

5441EBF6-41AB-4F76-85E2-D572D0ECDA29.jpeg
 

آثار رومانية

بدوره، يشير الخبير بالآثار في وزارة السياحة والآثار منتصر موسى إلى أن قلعة "دير قلة" تعد معلمًا من معالم الآثار الرومانية في المنطقة، حيث تدل المعالم المتبقية منها على أن المنطقة كانت تعج بالحياة.

ويضيف الخبير "موسى" لـ "وكالة سند للأنباء" أن وقوع تلك المنطقة ضمن المناطق المصنفة  "ج" من اتفاق أوسلو جعل من الصعب العناية بها بالشكل المطلوب.

4E51DE46-4153-4BDB-AE3E-79E2A0F43D77.jpeg
 

ويؤكد أن ما يقوم به الاحتلال يخالف القانون الدولي؛ لاسيما اتفاقية لاهاي عام 1954م، واتفاقية اليونسكو وغيرهما، والتي تتعلق بالحفاظ على الآثار التاريخية بصفتها معلمًا تاريخيًا لا يجوز بأي حال من الأحوال تغيير مكانته.

وفي تقارير سابقة لهئية مقاومة الجدار والاستيطان، أشارت إلى أن المستوطنين لم يكتفوا  بالمصادرات، بل يسعون لقتل التاريخ والتراث والحضارة، وينبشون الخرب الأثرية ليسرقوها، وليدّعوا لاحقا أن هذه الآثار تعود لأجدادهم، لصناعة تاريخ مزيف.

والاستهداف والسطو الاستيطاني على دير قلة وغيرها من المواقع الأثرية في الأراضي فلسطين، نابع من كونها تشكل جزءًا من الهوية الثقافية والحضارية الفلسطينية، وأن الاحتلال بات يعتقد أنه حسم أمره على الأرض ويريد حسمه الآن في التاريخ، ضارباً بعرض الحائط  كافة المواثيق والأعراف الدولية، بحسب هيئة "مقاومة الجدار".

43C512D2-150C-4F9F-AE5C-DFB2AF9602D3.jpeg

115220B3-0D39-4BBB-8F30-52E83F7A13C6.jpeg