الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

اتفاقية الغاز الفلسطيني المسروق.. هل تضع أوروبا في جيب إسرائيل؟!

حجم الخط
اتفاقية الغاز الثلاثية
أحمد البيتاوي - وكالة سند للأنباء

في محاولة من دول الاتحاد الأوروبي معاقبة روسيا اقتصادياً على غزوها لأوكرانيا، أعلنت القارة العجوز وقف استيرادها الغاز الروسي، والذي يصل لأكثر من 40% من احتياجاتها، والبحث عن مصادر جديدة، فكانت إسرائيل!

ففي يوم الأربعاء 15 حزيران/ يونيو الجاري، أُعلن في العاصمة المصرية القاهرة، توقيع مذكرة تفاهم بشأن تصدير الغاز الإسرائيلي عبر مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي، وتمتد 3 سنوات قابلة للتجديد تلقائيا لمدة عامين.

وتنص مذكرة التفاهم التي وصفها الجانبان الإسرائيلي والأوروبي بـ "الاتفاق التاريخي"، على نقل الغاز من إسرائيل إلى محطات إسالة في مصر (إدكو ودمياط في الشمال) ، ومن ثم يشحن شمالاً إلى أوروبا التي تستورد سنوياً 155 مليار متر مكعب من روسيا، ومن المنتظر أن تعوض نحو 10% من هذه الكمية.

وحسب مختصون فإن إسرائيل تسعى خلال الأعوام المقبلة، لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي ليبلغ نحو 40 مليار متر مكعب، عن طريق توسعة مشروعات قديمة وبدء الإنتاج في حقول جديدة.

اتفاقية الغاز الثلاثية بين الاتحاد الأوروبي ومصر وإسرائيل والتي لم تعرف قيمتها، أخرجت القيادة الفلسطينية عن صمتها، فمن ناحيته دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، دول العالم لتذكر حقوق بلاده في الغاز والموارد الطبيعية التي تنهبها إسرائيل.

بينما ذكر مستشار الرئيس الفلسطيني للشئون الاقتصادية محمد مصطفى "أن فلسطين لم تستطيع تنمية مواردها بالرغم من اكتشافها للغاز منذ ٢٠ عاماً"، مطالباً الدول الأعضاء في منتدى غاز شرق المتوسط بما فيها إسرائيل باحترام حقوق فلسطين في تنمية مواردها دعماً للتعاون الإقليمي.

ويضم "منتدى غاز شرق المتوسط" الذي تأسس عام 2019 سبع دول، هي: مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية بالإضافة لممثلين عن الولايات المتحدة، والمفوضية الأوروبية، والبنك الدولي كمراقبين.

تقارب أوروبي مع إسرائيل

وعن التبعات السياسية لهذا الاتفاق على الفلسطينيين، يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية أيمن يوسف، أن الأوروبيين وقعوا في مأزق أخلاقي، فهم من ناحية قاطعوا الغاز الروسي بسبب حربها على أوكرانيا وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وفي المقابل أبرموا اتفاقاً مع دولة تنتهك حقوق الإنسان (في إشارة لإسرائيل).

ويُضيف "يوسف" لـ "وكالة سند للأنباء": "أنه حتى وقتٍ قريب تبنت دول الاتحاد الأوروبي مواقف متوازنة من القضية الفلسطينية ومنسجمة مع القانون الدولي كرفضها للاستيطان وهدم المنازل في المناطق المصنفة "ج" ومصادرة الأراضي والموقف من شرق القدس".

ويوضح أن المشهد قد يتغير خلال الفترة القادمة بموجب اتفاق الطاقة الجديد، بحيث يصبح الموقف الأوروبي أكثراً قرباً من الاحتلال وأكثر ابتعاداً عن الجانب الفلسطيني، فالدول تحكمها المصالح لا المبادئ.

ويشير "يوسف" إلى أن من تبعات هذا الاتفاق هو بروز إسرائيل كدولة مهمة، مصدرة للطاقة على مستوى العالم وسيعزز من مكانتها الدولية.

لكن في المقابل، قلّل مراقبون من تداعيات هذا الاتفاق على القضية الفلسطينية، فهو من الناحية العملية لن يوفر لأوروبا سوى 10% من احتياجاتها المفقودة من روسيا.

ويستدل هؤلاء باستئناف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً تقديم مساعدتها المالية للسلطة الفلسطينية، بعد توقف استمر 3 سنوات، وهو ما يعني أن الأوروبيين معنيون باستمرار علاقات متوازنة بين الطرفين.

وفي قراءته لأهداف اتفاقية الغاز الأخير، يرى الخبير في القانون الدولي عبد الله الأشعل، أن إسرائيل تبحث اليوم عن حلف أمني إقليمي تتقلد فيه منصب الريادة.

ويُسهب "الأشعل" في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء"، أن إسرائيل تدرك حاجة الغرب الاستراتيجية للغاز في ظل الحرب الروسية، وتعمل لابتزازه بشكل واضح لانتزاع المزيد من الأوراق السياسية في المنطقة برمتها تحديدًا في الملفات الكبرى.

ويُشير إلى أن إسرائيل تبحث عن فضاء أمني جيو سياسي بالمنطقة، يدفعها لحسم هذه الملفات والتمدد بوصفها شرطي المنطقة، لافتًا إلى أن القضية الفلسطينية في ظل تدافع القضايا الكبرى أصبحت في موقع متراجع.

ووفقًا لرؤية الخبير "الأشعل" فإن الملف الأهم الذي تسعى إسرائيل للضغط فيه على الدول الأوروبية، هو إيران وملفها النووي.

إسرائيل تسرق الغاز الفلسطيني

ويمتلك الفلسطينيون أول حقل غاز اكتُشف في منطقة شرق المتوسط، نهاية تسعينيات القرن الماضي، والمعروف باسم حقل "غزة مارين"، ولم يتم استخراج الغاز منه حتى اليوم، بسبب الرفض الإسرائيلي المتكرر.

ويقع الحقل على بعد 36 كيلو متراً غرب قطاع غزة في مياه المتوسط، وتم تطويره عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية "بريتيش غاز".

ويضم الحقل 8 حقول متجاورة تقريباً، وتقدر كمية الغاز المتوفرة فيه بحوالي 12 تريليون متر مكعب تتواجد على عمق 600 متر تحت سطح البحر، وهو ما يعني قربه نسبياًـ وسهولة استخراجه والاستفادة من عوائده وتصديره.

كما تسيطر إسرائيل على حقول الغاز الواقعة في المياه الفلسطينية شمال قطاع غزة وشرق البحر المتوسط، بما فيها ما يسمى بحقول "يام تيثيس"، حيث أثبتت الخرائط والإحداثيات التي قدمتها دولة فلسطين للأمم المتحدة، بأنها ملك للفلسطينيين.

وفي 2019، أظهر تحقيق أجرته قناة الجزيرة قيام إسرائيل بتجفيف حقل غاز "ماري بي" في بحر غزة، حيث أن ما يحتويه كان يكفي القطاع لـ 15 عاماً.

وكشف التحقيق عن تنقيب إسرائيل ببحر غزة وحفر الآبار وتصدير الغاز على أنه إسرائيلي، ومنع الفلسطينيين من حقهم بالتنقيب أو التصدير أو الاستفادة من العائدات والتي كانت من المتوقع أن تصل إلى نحو 4.5 مليار دولار سنوياً.

كذلك خلص تحقيق أجراه موقع "ميدل إيست آي" إلى أنه بإمكان الفلسطينيين المطالبة بـ 6600 كيلومتر مربع من المساحة البحرية، أي خمسة أضعاف المساحة التي بحوزتهم الآن.

ووفقاً لمؤسسة الحق لحقوق الإنسان، فإن الاستثمار في حقول الغاز الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل، يعتبر انتهاكاً لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وبسط سيادتهم على مواردهم الساحلية.

وحذّرت المؤسسة، السلطة الفلسطينية من قبولها بأي اتفاقيات لتصدير الغاز الإسرائيلي (والذي هو بالأساس فلسطيني)، لأن ذلك من شأنه ترسيخ الاستعمار الإسرائيلي الدائم في الأرض الفلسطينية وتكريس الإغلاق المتواصل الذي تفرضه على قطاع غزة.