الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بالفيديو والصور في مصنع "عطا الله" بغزة.. الفخار إرث الأجداد يصارع من أجل البقاء

حجم الخط
صناعة الفخار
زينب الأغا - وكالة سند للأنباء

في إحدى المناطق المكتظة بالسكان، وتحديداً بشارع "النفق" غرب مدينة غزة، تقع أقدم ورش صناعة الفخار، جلّ العاملين فيها أقرباء، توارثوا المهنة منذ عقود طويلة عن آبائهم وأجدادهم.

يقضون ساعات وسط أكوام من الطين، ويحولونها ببراعة وخفة يدٍ إلى أوانٍ منزلية، وتحف فنية، ذات استخداماتٍ متعددة، تبهر من يشاهدها.

والفخار، هو الطين المحروق، حيث عرف الإنسان منذ الأزل كيف يحول الطين إلى مادة صلبة عن طريق الشوي في النار بالأفران (القمائن)، وعرف كيف يشكله ويصنعه ويزججه.

وفي حوار "وكالة سند للأنباء" مع الحاج صبري عطا الله، صاحب أقدم مصانع الفخار في غزة، يقول "أسست هذا المصنع سنة 1960 وتوارثته عن والدي منذ وفاته، ونقلت الحرفة لأبنائي الذين يعملون معي حاليا".

يمكن وصف من يعمل فيها بالفنانين، فكل يعرف مهمته بدقة، يعملون في صمت، ولا يبالون ببرودة الطين، ولا احتكاكه المستمر في أيديهم، حيث يُخرجون ببراعتهم أواني فخارية لها استخدامات متنوعة.

الفخار9.jpg

 

ويصنع الفخار من مادة الطين، وتوجد بكثرة في مناطق شرق القطاع على الحدود مع مناطق أراضي الداخل المحتل، حيث يلجأ جميع الحرفيين لتلك المنطقة لجلب مايحتاجون منها، كما أخبرنا "عطا الله".

الجد يتوسط الورشة، جالساً أمام ماكينة تدور، وفيها قطعة من الطين اللين (دواليب)، يحولها ببراعة إلى قدرة فخار.

فيما يجلس الأبناء في مواجهته، كلاً منهم يتخصص في صناعة آنية فخارية معينة، أما الأحفاد فيقومون بقص وتقطيع الطين، عبر آلة مخصصة تسمى "عجانة"، تمهيداً لتشكيله.

مراحل الصناعة

ويُشير "عطا الله" إلى أن عملية صناعة وتحويل الفخار إلى آنية منزلية، أو "قوارة تستخدم في الزراعة"، أو غيرها من الأشكال المعروفة، عملية معقدة تمر بمراحل عديدة، وتستغرق نحو أسبوعين، حتى تنجز.

ويبيّن أن أول مراحل صناعته تتمثل في جلب الطين الصالح للصناعة، ثم يدخل إلى مرحلة "التصفية"، وهي نقع وتنظيف الطين من الحصى أو أية عوالق أخرى، ومن ثم يتم مزجه بالمياه، قبل الدخول إلى المرحلة الثالثة، وتسمى "العجانة"، حيث يتم تحويل الطين إلى أسطوانات مضغوطة.

ويضيف: "أما في المرحلة الرابعة وهي الأهم، فيتم فيها نقل أسطوانات الطين إلى دواليب دوارة، وعبر مهني محترف يتم تشكيلها إلى قدر وأوانٍ".

الفخار8.jpg

الفخار.jpg
 

وفي سؤالنا عن أبرز ما يتم صناعته من هذا الطين، يُجيب: "زبدية، وإبريق، وقدرة، ورأس أرجيلة، وزير، وغيرها من الأواني، وبعد التشكيل يتم نقلها إلى أرفف خاصة حتى تجف".

تستمر هذه العملية ما بين يوم إلى ثلاثة أيام، وعند جفافها تماماً، تنقل إلى أفران خاصة، وهناك يكتسب الفخار قوته وصلابته، ويصبح بعدها جاهزاً وصالحاً للاستخدام، بحسب ضيفنا.

وبنبرة المعلّم يؤكد أن لكل مرحلة طريقة صناعة وانتظار، وهي عملية متكاملة لا يمكن أن تنقطع أو تتوقف، فاستمرار تدفق الإنتاج من الورشة يتطلب عدم التوقف عن العمل يوم واحد، وإلا فإن خللاً يحدث في دورة الإنتاج كلها.

الفخار10.jpg

 

ويشير بيديه نحو الفخار الملون، قائلًا: "إنه يوجد فخار أحمر وأبيض أسود، فعندما نحتاج لفخار أحمر نقلل درجة الحرارة من 750 درجة إلى 650 درجة، فينتج اللون الأحمر الكرميدي".

بينما لو احتاجنا الفخار بلونٍ أبيض _والكلام لعطالله_ نرفع درجة الحرارة من 700 إلى 750 درجة، مع إضافة "ملح الطعام" الذي يكسبه اللون الأبيض الذي نرغب به.

أما اللون الأسود، فيتم إضافة "الزيت المحروق"، مع إغلاق مداخل الفرن الخاص لـ 48 ساعة حتى يكتسب اللون الأسود.

استخدامات الفخار

وعن استخدامات الفخار المتنوعة، يحكي "عطا الله": "قديما كانوا يستخدمونه في الطبخ والعجن وتبريد المياه وحفظ الطعام، وتناول الطعام، حتى قوالب الزراعة كانت مصنوعة من الفخار".

أما أبرز مايتم صناعته من الفخار في الوقت الحالي، فيتمثل في "القدرة" وإبريق الماء، والزبدية، وكذلك "زبادي الذرة" التي كثر عليها الطلب ولكن يبقى سعرها رخيصا ولا تجدي عائدا كبيرا، بحسب "عطا الله".

وتتراوح أسعار الفخار من شيكل إلى 3 شواكل وفي بعض الأحيان تتجاوز ذلك قليلا، ما يعني أنها لا تجني لأصحابها إلا القليل من المال الذي بالكاد يغطي احتياجات المصنع اليومية والعاملين، وفق "عطالله".

ويعمل في مصنع "عطا الله" ما يقارب العشر عاملين يوميا، حيث يعملون منذ ساعات الصباح الباكر حتى المساء، أي بحدود 12 ساعة يوميا ولربما تزيد أحيانا حسب احتياجات السوق.

وفي إجابته على سؤالنا حول الموسم الذي تنشط فيه صناعة الفخار، يلفت إلى أنها "تنشط في شهر رمضان، وكذلك عيد الأضحى المبارك، إذ يزيد الإقبال على إعداد قدر اللحم، بالإضافة لمواسم أخرى".

صعوبات ومعيقات

وعن أبرز الصعوبات، يخبرنا "ضيف سند" قديما كان المصنع في منطقة لا يحيطه أي مبنى ولا منزل، ولكن حاليا محاط من جميع الاتجاهات، ومن المعروف أننا نستخدم الزيت المحروق ونجارة الخشب، وبالتالي ينبعث الدخان مما يسبب ضيق لأهل الحي.

ويتابع "أن المكان الذي نتواجد فيه حاليا غير مناسب، ولكن لضيق الوقت والحصار، لقمنا بالانتقال لمكان آخر بعيدا عن الأحياء السكنية، وتجنب إغلاقات البلدية بسبب شكاوي السكان المحيطين بنا".

ويلفت إلى أنهم كانوا يُصدرون قديمًا لكل مدن الداخل المحتل، لكن الحصار والإغلاق أوقف عملية التصدير، وانحصر البيع فقط لأسواق غزة.

وقبل الحصار الإسرائيلي على القطاع، كان يوجد أكثر من 20 مصنع فخار، لكن الآن لا يتعدى عددهم 5، ويعتبر مصنع "عطا الله" من أقدم هذه المصانع.

ويشكو "عطا الله" من عدم اهتمام أي دائرة حكومية بهذه الصناعة، سواء حكومة أو مجلس تشريعي، أو دعم من أي جهة معنية بما نقوم بصناعته، على الرغم من أنها تعتبر من "ثوابت الشعب الفلسطيني".

ويتوقع أن تختفي مصانع الفخار بعد عدة سنوات، وسيبقى القليل منها، أو لربما ستختفي تماما، خاصة مع ظهور أواني وأشكال حديثة ومتنوعة، ما أدى لضعف الإقبال على الفخار والاتجاه نحو الحداثة والتقدم العصري ومواكبة التطور.

الفخار5.jpg

الفخار4.jpg


الفخار3.jpg
الفخار10.jpg
الفخار9.jpg