الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

إحلال سكاني ومشاريع تهويد..

توسعة مخطط "الحوض المقدس".. ضرب للتوازن الديمغرافي بالقدس

حجم الخط
مستوطنون أمام المسجد الأقصى
بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

تسعى إسرائيل منذ احتلالها القدس عام 1967، لفرض واقع جديد وتغيير المشهد العام للمدينة، وضرب التوازن الديمغرافي فيها، مستخدمة أساليب وسياسات عنصرية مختلفة، أهمها المشاريع الاستيطانية والتهويدية، ومشاريع الإحلال السكاني.

أحد تلك المشاريع، ما يعرف بمشروع "الحوض المقدس"، الذي يهدف لإحلال ما يقارب 25 ألف مستوطن بدلاً من الفلسطينيين، ناهيك عن السيطرة على آلاف الدونمات من الأراضي، عبر مصادرتها وتسويتها؛ لتسجيلها بأسماء جمعيات وشخصيات يهودية وحاخامية.

المختص في الشأن المقدسي فخري أبو دياب، يوضح أن الاحتلال سعى مؤخراً لتوسعة المخطط الاستيطاني "الحوض المقدس"، والذي كان يمتد من حيّ الشيخ جراح وسط القدس حتى بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بمساحة تقدر بـ17500 دونم.

لكنه أصبح اليوم يشمل جبل المشارف ومنطقة سفح جبل الزيتون شرق القدس، وصولاً إلى منطقة جبل المكبر أقصى الجنوب الشرقي للمدينة بحيث تصبح مساحة المشروع 26 ألف و650 دونم.

منطقة جبل الزيتون.webp
 

ويُشير "أبو دياب" في حديث مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن الاحتلال بدأ بضخ ميزانيات ضخمة تفوق 32 مليار شيكل لإنهاء عدة مشاريع بفترة زمنية محددة أقصاها حتى عام 2030.

وتركز هذه المشاريع بشكل أساسي على إزالة جميع المباني المحيطة بـ "الأقصى" والبلدة القديمة، وتقليل أو إنهاء المقابر الإسلامية وشواهدها على حساب زيادة القبور اليهودية الوهمية، إضافة إلى إزالة الأبنية مهما بلغت من القِدم، والعمل على نقل المحلات التجارية لمناطق بديلة خارج مدينة القدس؛ وفي حال رفض أصحابها نقلها سيتم تدميرها، وفق "أبو دياب".

ويتابع أن العمل على هذا المخطط بدأ منذ سنوات في منطقة جبل المكبر، عبر بناء حدائق توراتية ومستوطنات مثل "نوف تسيون" والتأسيس لمستوطنة "كيدمات تسيون"، التي ستقام على الأراضي بين بلدتي أبو ديس شرق القدس وسلوان جنوب "الأقصى".

سلوان.jpg

ويدخل ضمن المخطط مستوطنة "هار هزيتيم" في حي رأس العامود، التي يسكنها حوالي 7000 مستوطن حتى الآن.

والكلام لـ "أبو دياب" فإن الخطوة التالية، هي وصل جميع هذه المستوطنات مع بعضها البعض؛ لخلق حزام من المستوطنات يصل إلى جبل الزيتون، وإغلاق محيط المسجد الأقصى كاملاً من خلال هذا الحزام الاستيطاني.

وسيعمل الاحتلال حتى عام 2030 على الانتهاء من بناء الزيادات والوحدات الاستيطانية الجديدة، وإحلال 25 ألف مستوطن في هذه المستوطنات.

ويؤكد "أبو دياب" أن مخطط الاحتلال "كبير جداً"، وتعمل عليه المؤسسة الإسرائيلية الرسمية، وخاصة ما يسمى "لجنة تراث حائط المبكى"، إضافة لجمعيات استيطانية ومؤسسات إسرائيلية أخرى، وبإشراف مباشر من رئاسة الوزراء.

تغيير المشهد المقدسي..

ويضم "الحوض المقدس" عدة مشاريع داخله _تبعًا لضيفنا_، منها إقامة الحدائق التوراتية في حيّ وادي الربابة، والبستان، ووادي حلوة، ببلدة سلوان، وإقامة ممرات توراتية في المقبرة اليوسفية، ومقبرة باب الرحمة الملاصقتين لـ "الأقصى" من الجهة الشرقية.

كما يضم مشاريع تستهدف منطقة الصوانة وحيّ الشيخ جراح؛ لتهيئتها لبناء الكُنس والمتاحف والحدائق التوراتية دون أي وجود للسكان الفلسطينيين أو المعالم الفلسطينية، مع الإبقاء على بعض المعالم كالكنائس القديمة، ولكن محاصرتها والتضييق عليها والاستيلاء على محيطها.

وعن الهدف من هذا المشروع يحكي "أبو دياب" أنه يسعى لتغيير المشهد المقدسي فوق الأرض وتحتها، وتحويل جميع أراضي الأحياء والبلدات المقدسية لـ "أراضي دولة".

ويتم ذلك من خلال إخضاعها لقانون تهيئة وتسوية الأراضي؛ لمنع الاعتراض على المشاريع التي ستقام عليها، سواء من دائرة الأوقاف، أو من المقدسيين أصحاب الأراضي، حيث سيتم تسجيل جميع الأراضي باسم الدولة، أو بأسماء مؤسسات استيطانية معنية بتغيير الوضع في محيط المسجد الأقصى.

حي وادي الربابة ووادي حلوة.webp
 

ويسهب بالشرح: "الإعلان عن مشروع تسوية الأراضي قبل عدة أشهر، كان تهيئة وجزءًا من هذا المخطط؛ للسيطرة على الأراضي حيث تمت المصادقة رسميًا والتوقيع على مخطط الإحلال بعد 5 أيام من بدء سريان القانون".

وفي إجابته على سؤالنا "عن ما تم إنجازه في هذا المخطط؟" يرد: "إن الاحتلال استبق التوقيع الرسمي على المخطط ببدء العمل في حي وادي الربابة، والسيطرة على جزء كبير من الأراضي الخاصة بالسكان، وتحويلها لحدائق تلمودية".

أيضا في منطقة القصور الأموية، تجري حفريات مستمرة كجزء من المخطط، إضافة لتحويل الأراضي من الوصاية الأردنية ودائرة الأوقاف الإسلامية لأراض يهودية باسم الدولة، وفي المقبرة اليوسفية بدأ الاحتلال بالعمل فيها سابقًا، والآن هناك نية لاستكمال أعمال النبش والحفر.

إضافة لاستمرار الحفريات في سلوان وتحديداً أسفل حيّ وادي حلوة، والتي تتجه وتقترب من أساسات "الأقصى"، ويلفت لوجود موافقة على عطاءات للبدء بمشروع القطار الهوائي "التلفريك"، وهو جزء من المخطط الأكبر.

ويرى ضيفنا ضرورة تظافر الجهود على المستوى السياسي العربي والأردني، خاصة وأن هناك أراض وقف تقدر مساحتها بـ 283 دونم، وتتبع لـ "الأوقاف الأردنية"، تمت مصادرتها بشكل رسمي وتحويلها لأراضي دولة وأراضٍ باسم جمعيات استيطانية.

وتساءل "أبو دياب" في ختام حديثه عن دور المؤسسات الدولية ومنظمة "يونسكو"، التي تدعي بأنها معنية بالحفاظ على الإرث الإنساني والحضاري؟

محاولات فاشلة

من جهته يقول الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات عضو المجلس الثوري لحركة فتح، حاتم عبد القادر، إن المخطط يأتي ضمن سياسة قديمة جديدة للاحتلال بمحاولة فرض أمر واقع بالبلدة القديمة ومحيطها.

ويضيف "عبد القادر" لـ "وكالة سند للأنباء": أن "إسرائيل تحاول الخروج من دائرة الفشل التي منيت بها منذ عام 1967 بكسر التوازن الديموغرافي داخل البلدة القديمة، وهي تسعى اليوم لتخفيض أكبر عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، من خلال خلق بيئة طاردة لهم، وزيادة أعداد المستوطنين بدلاً منهم".

ويتابع: "أنه مقابل حوالي 36 ألف مقدسي يقطنون داخل البلدة القديمة لا يوجد سوى عدة آلاف من اليهود، ولا يوجد أي نوع من التوازن الديمغرافي الذي كانت تخطط له سلطات الاحتلال"، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات ذات علاقة مباشرة بـ "الأقصى" ومحيطه داخل البلدة القديمة وخارجها خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية.

وما يؤكد ذلك، حسب "عبد القادر"، هو طرح الاحتلال مؤخراً قانون تسوية الأراضي الذي يهدف للاستيلاء على أكبر عدد من الأراضي والعقارات داخل البلدة القديمة، وفي محيطها بادعاء أن ملكية هذه الأراضي تعود ليهود سكنوها قبل عام 1948.

يعتبر أن مخطط الإحلال الجديد يأتي في سياق هجرة جديدة تقوم بها إسرائيل إلى القدس من أجل الإخلال بالتوازن الديمغرافي فيها.

ويؤكد أن جميع المحاولات لن تنجح في ضرب الميزان الديمغرافي العربي داخل القدس؛ لأن هذه المعركة حُسمت لصالح الفلسطينيين منذ أعوام كثيرة، ولا يستطيع مئات أو حتى آلاف المستوطنين كسر هذا التوازن.

ويشدد "عبد القادر" على أن القدس تتعرض لحرب مفتوحة تستهدف كل مكوناتها الديمغرافي، والديني، والثقافي، والتاريخي وغيرها من المكونات.

الحوض المقدس.webp
 

ويرى أن الإستراتيجية الأساسية والوحيدة في هذه المعركة ترتكز على الصمود والبقاء والتمسك بالمدينة وعدم الهجرة منها، فالاحتلال يعمل على منع إصدار تراخيص بناء جديدة داخل البلدة القديمة ويمنع الزيادة بالبناء في محاولة لإرغام الأجيال الجديدة للسكن خارج المدينة وبالتالي إحراز تقدم.

لكن هذا الصمود يجب أن يكون له مقومات _والكلام له_، وعلى جميع الجهات المعنية سواء الفلسطينية الرسمية والعربية والإسلامية أن تتحمل مسؤولياتها بتوفير الحد الأدنى من عوامل الصمود للمواطن المقدسي ليكون قادرًا على مواجهة مخططات الاحتلال.

ويعتبر أن استهداف الديموغرافية في القدس لا تقتصر على إحلال المستوطنين، وطرد السكان عبر منع البناء وتسوية الأراضي، إنما يتم ذلك باستهداف الوضع التجاري والحركة التجارية التي تشكل واحدة من الأعمدة الرئيسية لصمود المواطنين.

وفي ضوء ذلك يُعقب: "يجب وضع رؤية وخلق استراتيجية لتنشيط الحركة التجارية وتعزيز الصمود للحفاظ على التوازن الديمغرافي بالمدينة لإفشال مشاريع الاحتلال".

ويعتقد أنه لا يوجد إستراتيجية فلسطينية رسمية لتعزيز صمود المقدسيين، مستطردًا: "السلطة تتعامل مع القدس على طريقة إطفاء الحرائق، وليس ضمن خطة ورؤية استراتيجية ومالية واضحة أو ثابتة، لدعم المواطن المقدسي".

ويلفت إلى هذه أن "العشوائية" في التعامل مع القدس أدت لكثير من المعاناة، وتسببت في نجاح الاحتلال بإحداث اختراق في عدد من المفاصل الأساسية داخل البلدة القديمة، خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات والمدارس وتهويد التعليم.