الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بالفيديو المقدسي رامي النابلسي.. شغف لا ينقطع بجمع المقتنيات الأثرية حفاظًا على التاريخ

حجم الخط
المقدسي رامي النابلسي
أحلام عبد الله – وكالة سند للأنباء

وسط رائحة الكتب العتيقة وعملات فقدت بريقها، لكنها لم تفقد قيمتها، والكثير من المقتنيات الأثرية، يستقر الأربعيني رامي النابلسي في أحد المحال بالبلدة القديمة في مدينة القدس، يمارس هوايته التي كبرت معه منذ طفولته.

"هذه القطع تثبت حقنا في فلسطين"، بهذه الكلمات التي تقطر وجعًا ممزوجًا بالتعب والفحر يتحدث "النابلسي" عن المقتنيات التي يجمعها ويحافظ عليها وكأنها من أبنائه.

قد يكون المحل الواقع في حي "عقبة السرايا" بالبلدة القديمة مُبعثراً وفوضويّاً للوهلة الأولى، لكن المتمعّن فيه، سيعثر على مقتنيات يزيد عمرها عن مئتي عام، جمعها منذ أن كان في العاشرة من عمره.

يقول "النابلسي" لـ "وكالة سند للأنباء"، "إن مقتنياتي هي توثيق لقصة أجدادي وآبائي، وهي تعني لي حقي المشروع في هذه الأرض".

وبدأت رحلة ضيفنا في جمع المقتنيات القديمة، حينما أعطاه والده عملة فلسطينية قديمة، لينطلق بعدها لجمع كل الوثائق التي تتوشح باسم فلسطين حسب قوله.  

يجلس "النابلسي" في دكانه التي ورثها عن والده، ويُردف أنه مازال يحافظ على طريق والده، انطلاقا من شعوره بالحاجة إلى مكان يجمع فيه الأشياء التي تربطه بجذوره.

ويضيف:"وجدت صعوبة كبيرة في جمع هذه المقتنيات ودفعت مبالغ كبيرة لذلك، لأن الإسرائيليين سبقوا الفلسطينيين إليها وأتلفوها، والعديد من الناس لا يعرفون قيمتها".

ولدى "رامي" شغف بتملك المقتنيات الأثرية، كون أن الغرض من جمعها ليس مادي، بل للحفاظ على الموروث للأجيال القادمة.

 وسافر "النابلسي" لعدة دول للحصول على طابع بريد فلسطيني لما قبل النكبة، أو دعوة لحضور مسرحية فلسطينية قبل النكبة.

وبين رائحة الكتب والصفحات التي يعبق بها حانوت "النابلسي"، وتسري في أجساد الفلسطينيين بالمنفى، وبجذوره المتأصلة بعمق الأرض، يحافظ المقدسي على ذكريات لم نعد نرها أو نعرف عنها شيئًا.

وتحكي زوايا الحانوت التي تضم كتبا قديمة وإعلانات مسرحيات حياة كاملة، وكذلك تحكي زاوية العملة قصصا فلسطينية كثيرة.

ويتابع "ضيف سند" حديثه: "جمعت كتبًا تعود لحقبة الثلاثينيات تمت طباعتها في فلسطين، لإبراز الهوية الفلسطينية وإثبات حقنا في الأرض، واحتفظ بكتاب يحوي لائحة وقوانين البريد الفلسطيني قبل النكبة ومن المستحيل أن أفرط فيه".

"اشحنوا محصولاتكم عبر سكك فلسطين"، هو أحد عناوين كتاب يوثق الإعلانات التجارية بين عامي 1937 – 1938، والذي يجزم بوجود حياة تجارية مستقرة في ذلك الوقت، وفق "النابلسي".

ويستطرد: "أما نشرة (سينما نبيل) فمذكور فيها أول فيلم سينمائي عربي، إلى جانب بيانات مالية للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى".

وتقف على رفوف الحانوت المقدسي عدة علب سجائر دخان، تم استيرادها من تركيا باسم دولة فلسطين، وجمع الطوابع بمختلف ألوانها ورسوماتها.

ويرفض "النابلسي" بيع مقتنياته الأثرية مضيفًا "أن هذه القطع الفردية ليست للبيع، فهي لاتقدر بثمن، ولكني أقدم المساعدة من خلالها لمن يحتاج من الطلبة أو الباحثين".

ويؤكد ضيفنا أن حانوته يعتبر مرجعًا للعديد من الطلبة والباحثين من داخل وخارج فلسطين، فبعضهم يجد ضالته في قصاصة ورق لديه.

ولعل ما يدل على تحدي "النابلسي" للاحتلال الإسرائيلي، هو مساعدته كل من يريد البحث عن الأرشيف الفلسطيني، وبحثه الدؤوب عن كل ما يتعلق به، مردفًا: "محلي غني بالمقتنيات والكتب والوثائق، ويثبت وجود شعب له تاريخ وحضارة ودولة قبل وجود الاحتلال".  

ويختم "النابلسي" حديثه بالقول: "الشعب الذي لا يملك ماض لا يملك مستقبلًا، نحن في صراع مع الزمن للحفاظ على هذه الوثائق، وعلينا الاحتفاظ والتمسك بكل قصاصة ورق فلسطينية".

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لتزييف الحقائق والتاريخ الفلسطيني، لا سيما في مدينة القدس، التي لا تهدأ مشاريع تهويدها ولا تقف عند أي حدّ، بل تتواصل وتمتد لتصل لكل معالم التاريخ الإسلامي والفلسطيني فيها.