الساعة 00:00 م
الجمعة 29 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.62 جنيه إسترليني
5.17 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.95 يورو
3.66 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

قرار منع الحفلات في الأماكن العامة يُثير الجدل بغزة.. هل المبررات منطقية؟

حجم الخط
وزارة الداخلية الفلسطينية
غزة - مجد محمد - وكالة سند للأنباء

بعد عام كامل من الدراسة، قررت وزارة الداخلية منع الحفلات في الأماكن العامة بقطاع غزة، بدءًا من عام 2023 القادم؛ "حفاظًا على الهدوء والسكينة، واستجابة لمطالب شعبية وعشائرية ومناشدات قطاعات مختلفة"، حسب قولها.

ففي 23 نوفمبر/تشرين أول من الشهر الماضي، أصدرت وزارة الداخلية قراراً بمنع إقامة حفلات الأفراح في الشوارع والأماكن العامة في غزة، واقتصارها على الصالات والأماكن المغلقة، اعتبارًا من الأول من يناير/ كانون ثاني لعام 2023.

القرار الذي جاء "مفاجئًا" للكثير من أصحاب المهن التي تعتاش على تنظيم وإحياء الحفلات بالمناطق العامة، لاقى ردود فعل متباينة في قطاع غزة، بين مؤيد ومعارض.

"وكالة سند للأنباء" تسلط بدورها الضوء على القرار، لتسرد في هذا التقرير وجهة النظر الرسمية، وأخرى لأصحاب مهن يتخوفون من ضياع مصدر رزقهم عند تطبيقه.

مصلحة عامة..

المتحدث باسم الشرطة أيمن البطنيجي يقول إن القرار جاء بعد دراسة على مدار عام كامل، وإعطاء فرصة لأصحاب المسارح، مشيرًا إلى أن القرار يخدم المصلحة العامة ويفوق المصلحة الخاصة.

ويضيف البطنيجي في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": أن "القرار يهدف لتحجيم هذه الظاهرة كونها أصبحت تضر العديد من فئات المجتمع وراحتهم، وسيبدأ تطبيقه مع بداية 2023 بشكل فعلي وصارم".

ويشير ضيفنا، إلى أن القرار ستترتب عليه أمورًا قانونية لمحاسبة المخالفين، راجيًا من الجميع الالتزام بالقرار.

ويضيف أن "هناك مناسبات أخرى يتم استخدام المعرشات والكراسي بها، ولا يقتصر الأمر على حفلات الشوارع فقط".  

ويتيح القرار إحياء الحفلات في الأماكن المغلقة أو قطعة أرض بعيدة، أو شاليه أو صالة، أو داخل منزل.

الصالات هي البديل..

من جانبه، أوضح المتحدث باسم الداخلية إياد البزم، أن الكثافة السكانية والازدحام الكبير في قطاع غزة أصبح يُصعّب استمرار إقامة حفلات الأفراح في الشوارع، حيث لم تعد هناك الكثير من المساحات المفتوحة، مضيفًا: "لا بد أن ننظر لهذا الواقع ونعمل لمعالجته بقدر ما نستطيع".

وبيّن البزم في تصريحاتٍ صحفية، أن إقامة الحفلات داخل الصالات أقل تكلفة من إقامتها في الشوارع والأماكن العامة، والصالات باتت متوفرة بما يكفي في جميع مناطق قطاع غزة.

ويردف: "جرت ترتيبات من قبل الشرطة مع أصحاب صالات الأفراح من أجل عدم رفع الأسعار، وأن تتناسب مع الحالة المعيشية للمواطنين في غزة، وسيكون هناك متابعات ولقاءات مع أصحاب المسارح لمتابعة كل الجوانب المتعلقة بالقرار".

100 ألف متضرر!

من ناحيته، يقول المتحدث باسم رابطة أصحاب المسارح محمد الزعبوط، إن القرار بمثابة قطع رزق وفرصة عمل لـ100 ألف شخص، حيث أن كل صاحب مسرح لديه عمال لا يقل عن 5-10 عمال، وكذلك المصورين وبائعي العصير والقهوة، والفنانين والعازفين، بالإضافة للعاملين في المولدات الكهربائية البديلة.

ويعرب الزعبوط عن "صدمته" بالقرار مضيفًا في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء": "لم يتم مشاورة أصحاب المسارح بالقرار، وقد تم اتخاذه قبل 6 أشهر بالاتفاق مع لجان العشائر، والبلديات والتشريعي".

ويوضح الآثار المترتبة على القرار: "صاحب الفرقة الفنية التي تضم 30 شخصًا سيضطر للتقليل منها، لأن الصوت غير مسموح أن يكون مرتفع جداً في الصالة وبالتالي شراء جهاز جديد، والمصورين بدلاً من أن يكون في حفلة الشارع 4 كاميرات للتصوير، ستحتاج الصالة فقط مصور واحد أو اثنين؛ كون الصالة محصورة، وكذلك صبابي القهوة سيقل عددهم".

ويشير الزعبوط، إلى مشكلة ضيق مساحة الصالات، حيث أن بعض الحفلات يصل عدد المدعويين إلى 5 آلاف شخص، ولا يوجد في قطاع غزة صالات تستوعب هذا الحجم، عداً عن التكلفة المالية حيث أن الحفلة أمام منزل العريس تكلف 700 -800 شيكل، بينما أقل تكلفة في الصالة تحتاج من 700 -800 دولار لتأجير الصالة.

ويوضح المتحدث باسم الرابطة، أن فترة ذروة أصحاب المسارح فعلياً هي فصل الصيف، مشيراً إلى توقف عملهم ما يقارب عامين فترة أزمة "كورونا"، وكذلك فصل الشتاء وشهر رمضان، والفترة التي تسبق امتحانات الثانوية العامة بشهر.

ويطالب ضيف سند بتعديل القرار من حيث السماح بإحياء الحفلة في الشوارع الفرعية، وأن يكون ضبط عام للحفلات بإشراف وزارة الداخلية، وليس بقرار منع نهائي.

حلول بديلة..

من جانبه، يرى صاحب فرقة عودة الفنية الفنان محمد السوافيري، أن القرار بحاجة لدراسة معمقة أكثر في ظل الواقع الذي يعيشه أهالي القطاع، كونه يعود بالضرر على فئة كبيرة من شرائح المجتمع الذين يعتمدون اعتماداً كلياً على هذا الأمر مع أسرهم وعوائلهم.

ويدعو السوافيري في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" الحكومة ووزارة الداخلية للجلوس مع أصحاب هذه المهنة، ومناقشتهم ووضع ضوابط مشددة لإلزام هذه الفئة، مثل حصر عدد الساعات الحفلة، والسماح بالشوارع الفرعية ومنعها في الشوارع العامة والرئيسية.

ويضيف: "هذا القرار قد يصلح في بلاد كثيرة، ولكنه قد لا يصلح في واقع غزة نتيجة الكثافة السكانية العالية مقابل العدد المتواضع جدًا من الصالات والأماكن المغلقة لإقامة الحفلات".

ويوضح السوافيري، أنه في فصل الصيف تجد العريس مضطراً لتأجيل فرحه أسبوعين أو أكثر لأجل العثور على صالة تناسب إحياء فرحه، عدا أن كثير من أصحاب الصالات يرفضون تأجيرها لإقامة حفلات الشباب ويخصصونها لإقامة حفلات النساء فقط.

ويوافقه الرأي صاحب أحد مسارح الحاج فارس سكر من مدينة غزة، الذي يعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب 40 عاماً، ولديه ما يقارب 15 عاملاً يتقاضون يومياً أجرة 50 شيكل، لافتًا إلى أنه يوجد في قطاع غزة حوالي 400 محل مسرح.

ويتساءل سكر في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" "أين سأذهب بمشروعي الذي كلفني ما يقارب 150 ألف دولار، وماذا سأقول للعمال؟ وأين سيذهبون بعوائلهم بعد هذا القرار؟".

ويرى ضيفنا أن الحل بأن تلزم وزارة الداخلية الفنانين بأن يكون وقت الحفلة في فصل الشتاء حتى الساعة العاشرة مساء، وفي فصل الصيف الساعة 12 بعد منتصف الليل.

من جانبه، يعرب صاحب مسرح النور في مخيم البريج وسط قطاع غزة عبد العزيز أبو لبدة، والذي يعمل في هذه المهنة منذ عام عن رفضه القاطع لهذا القرار، حيث أن مشروع كلفه ما يقارب 30 ألف دولار، ومتبقي عليه ديون 12 ألف شيكل.

ويضيف أبو لبدة في حديثه لنا، أنه 5 عمال يعملون لديه في المشروع، ويتقاضون أجرة 45 شيكل يومياً لكل عامل، مشيراً إلى أن عدد الحفلات التي يتم إحيائها شهرياً تقريباً 15 حفلة، ما يعني أن إيقاف الحفلات سيكون كارثيًا بالنسبة لهم.

ويخنم بالقول: "منذ القدم ونحن نحتفل بالأعراس الفلسطينية في بيت أهل العريس، وهذه العادة أصبحت من التراث الفلسطيني"، داعياً لإجراءات ضبط  للحفلات وليس إلغاء.