الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

بلدة "الزبيدات".. تواجه مخططات "الترحيل الصامت" في الأغوار الوسطى

حجم الخط
بلدة الزبيدات
نابلس-وكالة سند للأنباء

على سفح جبل محاط بشارع استيطاني وبؤرة استيطانية وعسكرية، تتربع بلدة الزبيدات في منطقة الأغوار الوسطى، يطبق الاستيطان الخناق عليها، ويحرمها من طلتها على غور وسفوح الأردن الشرقية، والمساحات الواسعة من بيارات التمور الخلابة.

منازل متكدسسة ومتلاصقة ببعضها البعض، لتتحول لمنطقة ذات كثافة سكانية كبيرة، تضم أكثر من ألفي نسمة يقطنون على مساحة 400 دونم فقط، في ظل عدم تمكنهم من التمدد والتوسع في أراضيهم التي صادرها الاستيطان، ليكون البناء العمودي الخيار الوحيد أمام أهالي البلدة، لاستيعاب الزيادة السكانية الطبيعية فيها.

321829431_513351444335798_1796765267536494442_n.jpg
الوصول للبلدة لا يتم إلا عبر شبكة طرق شقّها الاحتلال، تخدم مستوطنات شمال شرق نابلس، ومستوطنات أريحا، والمناطق الصناعية والزراعية الواقعة على جانبي شارع 9 الرابط بين القدس وبيسان، ليخيل للمسافر أنه في أراضي الداخل المحتل؛ لكثرة الشواخص باللغة العبرية والمنعطفات التي تخدم المستوطنات وبؤر الاحتلال العسكرية والزراعية.

323358992_478522957775065_5121358169249260746_n.jpg
 وتحديدًا، تقع بلدة الزبيدات بالأغوار الفلسطينية الوسطى، المحاصرة من الجهة الشرقية بشارع 90، الواصل بين القدس وبيسان مرورا بأريحا، ومستوطنة "أرجمان" الملاصقة للبلدة من الجهة الغربية، في حين تصنف المنطقتين الشمالية والجنوبية أراضي "ج"، مما جعل البلدة أسيرة مخططات الضم والتهويد المتسارعة.

تهجير صامت..

رئيس نادي زبيدات ورئيس اللجنة المجتمعية في البلدة، سلامة زبيدات، يتحدث لـ "وكالة سند للأنباء" عن الهجمة التي تعاني منها بلدته منذ عقود، قائلًا: "نحن نواجه هجمة ممنهجة دون مساندة أو دعم من أحد، مما جعل بلدتنا لقمة سائغة للاحتلال ومستوطنيه، وباتت سياسة التهجير تنفذ بشكل صامت، وبعيدا عن الضوضاء ووسائل الإعلام".

 ومنذ نشوء التجمع السكاني بداية الخمسينات في بلدة الزبيدات، وهي تعاني ظروفًا معيشة قاسية، زادت وتيرتها مع احتلال الضفة عام 1967، وتهجير السكان قسرا، ثم عودتهم لاحقا، وشعور الاحتلال أنهم "شوكة في حلقه"، وفق ضيفنا.

322368846_839044863865976_6005211859228888913_n.jpg
وينوه "زبيدات" إلى أن الأيام الماضية شهدت نقلة نوعية في سياسة الهدم، حيث تم إخطار 13 منشأة لوقف البناء فيها، وقد سلمت للأهالي، وجلها مساكن مأهولة.

ويتذرع الاحتلال بأن المباني مبنية على أطراف البلدة، وفي مناطق مصنفة (ج)، في إطار إجراءاته للتضييق على قرى وتجمعات الأغوار، ومنها الزبيدات.

وقبل أقل من شهر، نفذت سلطات الاحتلال عملية هدم طالت منزلَي سلامة زبيدات وشقيقه، بحجة البناء دون ترخيص، بالرغم من وقوعهما ضمن المخطط الهيكلي للبلدة.

"استهداف وحشي"..

من ناحيته، يستعرض المربي المتقاعد محمود جرمي من الزبيدات، لمراسلنا نشوء قريته، مشيرا إلى أنه تم إعطاء عائلات البلدة عند إنشائها أراضي دولة، كانت معدة لتوطين اللاجئين بعد النكبة، ثم تم إيقاف المشروع؛ لرفض الدول العربية ذلك، ثم أعطيت الأرض دون تنازل بالحق بالعودة.

325183747_492214853074978_3576291497917884549_n.jpg
 

ويورد "جرمي" جوانبًا من المعاناة جرّاء استهداف الأغوار من الاحتلال، واصفا ذلك بأنه "استهداف وحشي"، ويروي: "منازل البلدة متلاصقة بشكل كبير بسبب منعنا من البناء، فمساحة البلدة لم تتغير منذ نشأتها، لذلك؛ لا تستغرب إن لاحظت أن المنزل الواحد تقطنه سبع أسر، فيها الجد والأبناء وأحفادهم المتزوجين".

تمدد استيطاني..

بعد عدة أشهر من احتلال الضفة الغربية، أقيمت مستوطنة "أرجمان" على أراضي الزبيدات، على بعد 35.4 كم شمال أريحا، لتبدأ معاناة أهالي البلدة والبلدات المجاورة مثل "مرج الغزال" جنوبا، و"مرج نعجة" شمالا، حيث تتابعت إجراءات الاحتلال لتهجير الأهالي من خلال منع التوسع العمراني، وتقييد حركة المزارعين وملاحقة رعاة الماشية، مقابل تسهيلات للمستوطنين.

وعلى بعد أمتار قليلة من الجهة الغربية للبلدة، تشاهد تجمعات استيطانية ومعسكرات عسكرية على التلال المحيطة بالبلدة، وتتمدد يوما بعد يوم.

وتنتشر على أبراجها كاميرات المراقبة والسياج الأمنية، وسط تحليق دائم لطائرات المراقبة والرصد، والتي يتخللها صوت مأذنة مسجد القرية الوحيد خمسة مرات باليوم، مدللا على هوية الأرض والسماء.

323174184_3435180660092334_4373815378930476852_n.jpg
 ولا يزال ركام المنازل المهدمة شاهدا على ما تتعرض له الزبيدات من حرمان للبناء، فيما تنتظر منازل أخرى ذات المصير أيّة لحظة، لتضيع فيها أحلام السكان بحالة استقرار في بلدتهم.

 وعن ذلك يحدثنا ضيفنا "زبيدات"، البلدة أصبحت أشبه بالمخيم للاجئين؛ من ناحية تكدّس المنازل وعدم مقدرة الشباب على الاستقرار والبناء لا عموديًا ولا أفقيًّا.

ويردف: "أنّ الاحتلال يعتبر البلدة قنبلة سكانية عندما أصبح عدد سكانها 2000 نسمة، بعدما كانت 185 نسمة قبيل الاحتلال عام 1967".

ويشعر الزبيدات بالأسى؛ بسبب اضطرار الشباب والمتعلمين للهجرة خارج البلدة، منهم من يذهب لنابلس أو أريحا أو طوباس، والبعض قد يتجه لبلدات النصارية والجفتلك، وفق قوله، مستطردا بأن "عملية التهجير يقابلها صمود وإصرار الأهالي للبقاء على الأرض والمزارع، ورفض كل أشكال الهدم والتقييد والملاحقة".

صمود رغم التضييق..

ولم تسلم مدارس البلدة من ملاحقة ومضايقات الاحتلال، حيث تتعرض لاقتحامات متكررة بهدف نزع العلم الفلسطيني عن سارية مدرسة الزبيدات للذكور، الأمر الذي يشكل استهدافًا وعرقلة للحياة التعليمة فيها.

ويلفت "زبيدات" إلى أنّ أهالي البلدة يرفضون تسليم الآبار الارتوازية والأراضي الزراعية للاحتلال رغم ما يواجهون من صعوبات، داعيًا لعدم التعامل مع ملف الأغوار من باب رد الفعل بعد وقوع الأحداث، في ظل هجمة لا حيل للأهالي أمامها 

324688411_719555922846586_1779710865844141488_n.jpg
بدوره، يقول رئيس مجلس قروي "مرج نعجة" المجاورة للزبيدات كايد مسعود، إن معاناة أهالي المنطقة تشمل القطاع الزراعي والصحي، إضافة لحاجتهم لمزيد من المشاريع لتعزيز صمودهم.

ويكمل حديثه لـ"وكالة سند للأنباء": "نعاني أيضًا في تسويق المنتجات الزراعية خاصة التمور، ومشكلة ملوح المياه في ظل منع الوصول للمياه الجوفية العذبة بسبب المستوطنات".

كما تفتقر المراكز الصحية بالمنطقة للكوادر الطبية، حيث يحضر الطبيب ليومين فقط أسبوعيًا، ثم تغلق العيادات بعد انتهاء الدوام، عدا عن عدم توفر سيارة إسعاف في التجمعات الثلاثة المتجاورة، على الرغم من أن أقرب مدينة تبعد 45 كيلو متر عن البلدات الثلاث، وفق "مسعود".

من ناحيته، يحذّر مدير مركز أبحاث الأراضي في محافظة نابلس محمود الصيفي، من سلسلة الأوامر العسكرية التي تستهدف بلدة الزبيدات من قبل دائرة البناء والتنظيم الإسرائيلية.

ويوضح "الصيفي" لـ "وكالة سند للأنباء" أن "الاحتلال يسعى لإجبار السكان على الرحيل من خلال إجراءات الترخيص والبناء، وهذا استهداف واضح، كونها جزءًا من الأغوار، وهي على أجندة الضم الإسرائيلية".