الساعة 00:00 م
الخميس 28 مارس 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.19 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.98 يورو
3.68 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"أي وصف لن يعبر عمّا عشناه".. شهادة مروّعة على إبادة غزة ترويها نور حميد

إضرابات "أونروا" والأزمة المالية.. تحذيرات من مخطط لتصفية برامجها

حجم الخط
إضراب الوكالة
نابلس – وكالة سند للأنباء

مع دخول إضراب العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في الضفة الغربية أسبوعه الثاني على التوالي، باتت شوارع المخيمات تُظهر حجم المعاناة نتيجة تعطل خدماتها، لا سيما في قطاع النظافة وجمع النفايات، وتعليق الدوام في المدارس والمراكز الصحية.

وفي ظل تعطل الحياة التعليمية، والمشاهد والروائح الكريهة التي تنبعث من زقاق المخيمات نتيجة تراكم النفايات، يحذر مسؤولون ومتابعون لقضايا اللاجئين من المخططات لتصفية وإنهاء برامج "أونروا"، في ظل إجراءات متسارعة لتقليل مهامها، وتقليص حجم مشاريعها إلى الحد الأقصى.

ويوم الاثنين 23 كانون أول/ يناير المنصرم، عمّ إضراب مفتوح مرافق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في الضفة الغربية، فيما علّق موظفو الوكالة العمل جزئيا بقطاع غزة، حتى أن أعلن أول أمس الاثنين عن إضراب شامل في مرافق الوكالة بغزة.

وجاء الإضراب، بحسب اتحاد الموظفين العرب في الوكالة، رفضا لـ"سياسة التقليصات التي تفرضها أونروا بحق اللاجئين الفلسطينيين، ومساسها بالأمن الوظيفي للعاملين لديها".

وهاجم اتحاد العاملين في وكالة الغوث ما أسماه "تصعيد إدارة الوكالة الأمور، وتوتير العلاقة، واتخاذ قرارات ظالمة تعسفية ضاربة الأعراف النقابية وقوانين العمل عرض الحائط، دفع العاملين إلى الدخول في الإضراب المفتوح".

وأُسِّست "أونروا" عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لمساعدة وحماية اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس بالأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.

آثار سلبية على السكان..

رئيس لجنة الخدمات الشعبية في مخيم بلاطة عماد زكي، يقول إن تقليصات "أونروا" تركت أثرها على حياة اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما من ناحية التوظيف وتقييد مجالات استيعاب موظفين جدد، وعدم تعيين بدلاء لمن ينهون عملهم، إضافة إلى اعتماد نظام العقود وليس التثبيت، مما يحرمهم من حقوقهم النقابية والوظيفية.

ويصف "زكي" وضع المخيمات بـ"المأساوي" في ظل الإضراب الأخير، حيث تراكم النفايات وانعدام البيئة النظيفة، في ظل تخوفات من استمرار تقليصات الوكالة، مما ينعكس على كل جوانب الحياة.

في حين، يعبّر المواطن فادي عسكر، من مخيم عسكر شرق نابلس، عن استيائه من شح الخدمات التي تقدمها "أونروا"، قائلًا: "وجودها وعدم وجودها واحد، عندما نذهب للعيادة لا نجد كل أنواع الدواء، وتغلق أبوابها عند الساعة الثالثة عصرا".

ويتفق معه المواطن خميس منصور من مخيم بلاطة، الذي يشتكي من منزله "المتهالك"، مشيرًا إلى أن جدران منزله على وشك الانهيار، دون أن تقدم "أونروا" أي مساعدات له، متسائلًا: "أين وكالة الغوث من هذه حالتنا المعيشية بالمخيم؟".

بدوره، طالب مدير شؤون "أونروا" في الضفة الغربية آدم بولوكوس، قبل يومين في تصريح صحفي، الموظفين في الضفة الغربية بإنهاء الإضراب والعودة لتقديم الخدمات للاجئين، بما يشمل إعادة فتح المدارس لكي تتوفر مساحة آمنة لأكثر من 45 ألف طالب وطالبة، وفق قوله.

وعبّر عن احترام "أونروا" لحق العاملين باتخاذ الإجراءات النقابية، مضيفًا: "منذ أشهر دأبت إدارة الوكالة مع الاتحاد لمعالجة هذه المخاوف بما يتماشى مع سياسة الأجور التي تتبعها الوكالة، والتي تطابق بشكل وثيق رواتبنا مع الوظائف المماثلة في رب العمل المقارن، وهي السلطة الوطنية الفلسطينية".

تبريرات للتقليصات..

من ناحيته، يقول الأكاديمي والباحث في قضايا حق العودة واللاجئين عدنان ادريس، إن التلويح بالأزمة المالية لدى الوكالة لتبرير التقليصات، هو سيف يسلطه الغرب وقتما يشاء، بالرغم أن قرار إنشاء "أونروا" نفسه (302) يتضمن فقرة تشير لذلك إذ تنص على "التشاور مع الحكومات المعنية في الشرق الأدنى بشأن التدابير التي تتخذها هذه الحكومات، تمهيدا للوقت الذي تصبح فيه المساعدة الدولية للإغاثة غير متوفرة".

ويرجح "إدريس" أن تلجأ الوكالة تحت حجة الأزمة المالية المزمنة، والتي تصورها بأنها غير قابلة للحل، إلى وقف جزئي لخدمات أخرى من جانب واحد، حتى يأتي الوقت الذي بالكاد تقدم فيه الوكالة خدمة تسجيل المواليد الجدد.

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "الهجمة المعادية على القضية الفلسطينية بلغت ذروتها حين مست مسألتي القدس واللاجئين خلال فترة حكم دونالد ترامب لأمريكا، وخلالها اعترفه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارته إليها، بالتزامن مع الإعلان عن وقف الدعم الأمريكي المالي للوكالة".

ويردف: "كان قد سبق هذا الإجراء تحضيرات وتهيئة الأجواء والظروف الإدارية والخدماتية والإعلامية والنفسية، على صعيد وكالة الغوث وخطابها، وتكرار الحديث عن أزمتها المالية المزمنة".

ومنذ سنوات، تصدّر "أونروا" إعلانات متواصلة من المفوض العام لها عن نقص في تمويل برامج الوكالة، وتقليص في الخدمات، وحجب بعضها، وتدني جودة بعضها الآخر، ومن ثم مناشدات دولية لسد العجز في الميزانية حتى تتمكن من مواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وفق "إدريس".

ويرى ضيفنا، أن المطلوب فلسطينيا وعربيا هو التقدم بمشروع قرار للأمم المتحدة يقضي بتخصيص ميزانية سنوية دائمة لـ "أونروا"، من ضمن ميزانيات الأمم المتحدة لوكالاتها وفروعها العاملة، حتى يتم إعادة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم تطبيقا لقرار 194.

دعوات للتراجع

من جانبه، يدعو منسق اللجنة الوطنية لعودة اللاجئين (سنعود) عماد اشتيوي، وكالة الغوث للتراجع عن تقليصاتها، ومواصلة تقديم الدعم الخدمات الإغاثية والصحية للاجئين الفلسطينيين، وعدم إخضاع خدماتها للمساومة أو الابتزاز السياسي، لأن الشعب الفلسطيني لن يقبل المساومة على حقه بالعودة إلى الديار التي هجر منها عام 1948.

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "يجب أن تقف الوكالة أمام مسؤولياتها وتقدم الخدمات للاجئين وتحسين أوضاعهم المعيشية، بدلا من سياسة التقليص التي تنتهجها، في ظل ازدياد أعدادهم".

ويستعرض "اشتيوي" التقليصات على الجانب الصحي، حيث تتمثل في قلة الكادر الطبي في عيادات الوكالة، وعدم توظيف بديل لمن يتقاعد وينهي عمله، والنقص الحاد بالأدوية، وعدم توفيره خاصة للأمراض المزمنة، وانعدام برامج الغذاء الذي كان معمول به عقود طويلة".

ويبيّن أن "أونروا" عملت على تصفية قطاع الشؤون الاجتماعية، لجانب انعدام فرص العمل في مؤسساتها بسبب توقف سياسة التشغيل بشكل كلي.

ويصف "ضيف سند" إجراءات الوكالة بأنها "جزء من المؤامرة التي تستهدف الموظفين العاملين في برامج ومؤسسات الوكالة، وضمن مسلسل تخفيف برامجها، وصولا لتصفية جسم الوكالة أساسا ضمن مخطط سياسي دولي، سعيا لتصفية القضية الفلسطينية".

يُذكر أنه في الخامس والعشرين من شهر يناير المنصرم، وجهت "أونروا" عبر مفوضها العام فيليب لازاريني نداء استغاثة للحصول على 1.6 مليار دولار أمريكي لدعم برامجها في مناطق عملياتها الخمس خلال عام 2023.

وتفاقم عجز "أونروا" بعد أن سحبت الولايات المتحدة (المساهم الرئيسي فيها) تمويلها في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، ولكنّ جو بايدن أحيا الأمل بعد الإعلان في عام 2021 عن استئناف تقديم المساعدات للوكالة التي تصل إلى 340 مليون دولار.