الساعة 00:00 م
الخميس 09 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.64 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.71 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

"الفقدة".. طقوس رمضانية فلسطينية تجبر الخواطر وتصل الأرحام

حجم الخط
تقرير
نابلس- لبابة ذوقان- وكالة سند للأنباء

يحلّ رمضان وتحلّ معه الخيرات والبركات، وتبدأ معه طقوس ليست كغيرها طيلة شهور السنة الأخرى، ولعلّ أكثر ما يميزه هو لمّة العائلة، وتفقد أحوال أفرادها وتوطيد العلاقات بينهم من خلال صلة الرحم والزيارات، أو ما يعرف بـ "الفقدة".

ويقصد بالفقدة، زيارة الرجل لمحارمه من النساء وتفقد أحوالهن خلال شهر رمضان المبارك، حاملًا معه الهدايا التي قد تختلف تفاصيلها من منطقة لأخرى، إلا أنها تشترك بجبر الخواطر وتجديد مشاعر الألفة والمحبة بين أفراد العائلة الممتدة.

في نابلس، حيث الطقوس التي يتمسك بها أهالي المدينة وقراها ومخيماتها، يحرص السيد اسماعيل خليل على تحضير قائمة بأسماء محارمه اللواتي يزورهن ويحمل لهن الهدايا في شهر رمضان من كل عام، ويقول: "تضم قائمتي نحو عشرين اسما، لأخواتي وبناتهن وبنات أخوتي، أحضر الهدايا قبل حلول رمضان، وأضع جدولًا لتنظيم الزيارات طيلة الشهر".

ويضيف في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "المتعارف لدينا أن تكون الهدية خاصة بالسيدة التي نزورها، وغالبا ما تكون من الملابس، وأحيانًا هناك من يفضل إعطاء النقود، أو هدية أخرى من أدوات المنزل، لكن العبرة بشكل عام ليست بالهدية فقط وثمنها وماهيتها، بقدر فرحة الفتاة عندما يزورها شقيقها أو عمها أو خالها ليفقدها بشكل خاص".

جبر الخواطر..

وفي قرية "تِل" قرب نابلس، تحرص العائلات على بدء الزيارات منذ بداية شهر رمضان المبارك، وعن ذلك تحدثنا السيدة هبه رمضان: "بعد الإفطار ننطلق لزيارة أخوات وعمات وخالات زوجي وبنات عمه وبنات أخواله، إضافة لعدد من النساء كبار السن في العائلة".

وتشير رمضان في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن عدد المنازل التي يذهبون لزيارتها في رمضان تصل لـ 17 بيتًا، ويصطحبون عادة معهم هدايا مختلفة، مضيفة: "الهدايا تكون عادة إما ملابس لصاحبة البيت، أو أواني مطبخ، أو أغطية وفراش للأسرّة، أما للعجائز وكبار السن غالبا ما نقدم لهن النقود".

وتصف "رمضان" هذه العادة بالجميلة والتي تضيف لرمضان بهجة خاصة، وتقول: "رمضان شهر صلة الرحم، وفي هذه الزيارات جبر للخواطر، فالواحدة منّا لا تسعها الدنيا بدخول أهلها لبيتها لفقدتها، والسهر بأجواء عائلية جميلة في ليالي رمضان".

شعبونية نابلس..

وفي عادة خاصة بأهالي مدينة نابلس، تستبق العائلات حلول شهر رمضان بإقامة العزائم والولائم لنساء العائلة "الولايا"، في عادة قديمة لا زالت عائلات نابلس تتمسك بها منذ عشرات السنين.

وعن ذلك تحدثنا السيدة بيان خراز: "الدعوة الرسمية على الطعام تكون خلال شهر شعبان، حيث يدعو الرجل بناته وأخواته وبناتهن وعماته وخالاته لتناول طعام الغداء، وهو ما يعرف عندنا بالشعبونية".

وتتابع: "أما في رمضان فتكون الزيارات لنساء العائلة، وتقديم الهدايا الرمزية كالملابس أو أواني مطبخ وخلافه"، وبابتسامة خجولة تقول: "لكن ذلك لا يعني أن لا نفطر في بين والدي مرتين على الأقل في رمضان".

وفي جنين، تستبق بعض العائلات أيضا "فقدة الولايا" قبل حلول شهر رمضان بنحو أسبوع، بزيارات لمنازلهن وتقديم الهدايا من مونة ومواد غذائية واستهلاكية خاصة بشهر الصيام، وفق ما حدثتنا به السيدة آلاء زكارنة.

وتضيف "زكارنة": "عائلة زوجي تحضر الهدايا قبل رمضان، وتشمل مونة ومواد غذائية، ويتم تقديمها لبنات العائلة قبل رمضان بأسبوع، وأحيانًا تكون الهدايا عبارة عن أدوات وأواني منزلية".

العزائم حاضرة في الجنوب..

ولا تنحصر "فقدة الولايا" على نابلس أو مدن شمال الضفة، حتى وإن اختلفت المسميات، ففي الخليل جنوب الضفة الغربية تحرص العائلات على دعوة البنات والأخوات على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك، في طقوس ثابته ومتعارف عليها عند العائلات هناك.

وعن ذلك تحدثنا سوزان العويوي: "أنتظر شهر رمضان أنا وأخواتي بلهفة، فهو شهر العزائم والولائم ولمة العائلة الكبيرة على مائدة الإفطار".

والدعوة على مائدة الإفطار هي الشيء الأساسي لدى عائلات الخليل وفقًا لـ "العويوي"، مضيفة: "بعض العائلات تقدم مبلغًا ماليا أيضا لبناتهن خلال العزومة، لكن الشيء الأساسي هي العزومة".

وبسعادة وامتنان تقول: "لدي أربع أخوة إضافة لوالدي، يعني هناك 5 عزائم لي في رمضان على الأقل، فوالدي ممكن أن يدعونا أكثر من مرة".

"الفقدة" في غزة..

أما في قطاع غزة، فرغم الأوضاع المادية الصعبة التي تعيشها العائلات جراء الحصار المتواصل، إلا أن صلة الرحم تعد طقسًا وركنًا أساسيًا خلال شهر الصيام، إلا أن الهدايا قد تختلف بحسب القدرة المادية للرجل، وفق ما حدثتنا عن مها إبراهيم من حي النصر بغزة.

تقول "مها": "منذ بداية رمضان، يبدأ الأب وأولاده بزيارة بناته وأخواته، منهم من يحمل الهدايا التي تكون عبارة عن مونة رمضان من كالتمر والفواكه المجففة، ومربى، وحلاوة طحينية، وزيت، وبقوليات، ومواد غذائية تستخدم للسحور".

وتضيف لـ "وكالة سند للأنباء": "هناك نوع آخر من الهدايا التي تقدمها بعض العائلات أيضاً، كأواني المطبخ، وخلال تلك الزيارات يدعو الأب بناته أو أخواته لمائدة الإفطار".

وعادة ما تكون الزيارات خلال ساعات النهار للأعمام والأخوال، لكن زيارة الأهل تكون بعد الإفطار، وفق ضيفتنا، مردفة: "وخلال السنوات الأخيرة، تطورت بعض الهدايا لتكون عبارة عن زينة رمضان أو توزيعات للأطفال لتشجيعهم على الصيام والصلاة".

وتختم بالقول: "رغم هذه الأجواء والفرحة بزيارات الأهل لبعضهم البعض، إلا أن شهر رمضان قد يمضي على بعض العائلات دون أن يتمكن الرجل من زيارة قريباته بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، وخجله من زيارتهن دون تقديم الهدايا".