الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

إهمالهم طبيًا "قتل بالبطيء"..

"دقة" و"الرفاعي".. يواجهان ظلم السجّان بجسدين اجتمع عليهما المرض والقيد

حجم الخط
الأسرى المرضى.
يوسف فقيه – وكالة سند للأنباء

ينتاب القلق عائلتي الأسيرين المريضين بالسرطان وليد دقة (60 عامًا)، وعاصف الرفاعي (20 عامًا) باعتبارهما الحالتان الأخطر في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد قرارهما إلى جانب أسرى آخرين خوض إضراب عن الطعام لـ 3 أيام ابتداءً من يوم غد الخميس، ضمن خطوات نضالية شرعوا بها قبل أيام للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم، وأساليب علاجهم والسماح بتواصلهم مع ذويهم.

ويرقد في مستشفى سجن الرملة 15 أسيرًا، يفتقدون لأدنى متطلبات الرعاية الطبية والعلاج المناسب، ما دفع بهيئة شؤون الأسرى والمحررين بمطالبة منظمة الصحة العالمية بالتوجه الفوري لإنقاذ حياة الأسرى المرضى هناك، والذين ينتظرون الموت في ظل الإهمال الطبي والجرائم الطبية التي تمارس بحقهم.

وذكرت الهيئة ونادي الأسير، أن الأسرى المرضى شرعوا بخطوات نضالية تصاعدية من بينها خطوة الإضراب عن الطعام؛ احتجاجًا على ظروف احتجازهم القاسية، في ظل تصاعد أعداد المرضى، وانتهاج جريمة الإهمال الطبي بحقهم، والمماطلة بتوفير احتياجاتهم الأساسية، وتجاهل جملة من مطالبهم الحياتية.

وعلى رأس المطالب التي يسعى الأسرى المرضى لتحقيقها، تحسين الظروف الصحية للأسيرين "دقة" و"الرفاعي" والسماح لهما بالتواصل اليومي مع أهاليهم.

كما يطالبون بالسماح بإدخال الملابس التي يحتاجها الأسرى المرضى، وإخراج الأسيرتين فاطمة شاهين وعطاف جرادات من قسم السجينات المدنيات، ووقف تدخلات وإشراف الأسرى الجنائيين على عمليات الطبخ وتوزيعها على الأسرى وتحديداً المرضى.

إضافة لذلك، يطالب الأسرى المرضى من خلال خطواتهم النضالية، بالسماح بإدخال الكانتينا لكافة الأسرى المرضى وليس لجزء منهم، ومراعاة نوعية الأكل التي تتناسب مع أمراضهم، وتكثيف الطاقم المشرف على الأسرى المرضى.

وفي سبيل تحقيق تلك المطالب، قالت هيئة الأسرى إن الأسيرين "دقة" و"الرفاعي" سيُرجعان الوجبات والأدوية، حتى يتم التواصل مع أهاليهم عن طريق الهاتف على الأقل، مشيرة إلى أن هذه الخطوات ستتوسع مع مرور الأيام في حال لم يكن هناك تجاوب لمطالبهم.

وبحالة من الخوف على حياة ابنه، يشير والد الأسير عاصف الرفاعي إلى أن لجوء نجله كأسير مريض بالسرطان وبأمس الحاجة للعلاج لمقاطعة الدواء ووجبات الطعام، يعكس حجم المعاناة والأوضاع السيئة التي وصل لها ابنه عاصف ووليد دقة.

ويقول الرفاعي لـ "وكالة سند للأنباء"، إن نجله عاصف يدخل المرحلة الخامسة والأخطر في مرض السرطان، وذاهب إلى الموت بسبب الإهمال الطبي واصفًا وضعه النفسي بأنه "صعب جدًا".

وبصوتٍ يملؤه القهر والعجز يضيف: "ابني يفتقد الدعم النفسي وهو بأمس الحاجة إليه، ونحن كعائلة نعيش أجواءً من القلق والخوف على حياته، خاصة بعد القرار الأخير ببدء إرجاع الطعام والدواء".

عاصف الرفاعي.jpg
 

ويلفت إلى أنّ الأطباء أخبروا نجله في السجن، أنه سيضطر للعلاج الكيماوي ما دام على قيد الحياة، في إشارة لصعوبة وضعه الصحي وانتشار المرض بجسده، خاصة في ظل تواجده في "مسلخ الرملة" أو مستشفى الموت البطيء"، كما يصفه والد الأسير.

وتظهر الفحوصات الطبيّة التي أُجريت للأسير الرفاعي قبل أشهر، تفشي الخلايا السّرطانية في عدة أجزاء من جسده، ووصلت إلى القولون وأجزاء جديدة من الأمعاء، والغدد، والكبد، وأنّ المرض في مرحلة متقدمة.

واعتقلت قوات الاحتلال، الرفاعي في الـ24 من سبتمبر/ أيلول العام الماضي، رغم إصابته بالسرطان، وتأكيد التقارير الطبية مستوى الخطورة التي كان يواجهها في فترة تعرضه للاعتقال، علمًا بأنه أسير سابق تعرض للاعتقال وهو طفل، وهذا هو الاعتقال الرابع له.

موت بطيء..

ولا يختلف حال عائلة الأسير الرفاعي عن الأسير وليد دقة المصاب بالسرطان والذي تم نقله قبل يومين ، إلى مستشفى "اساف هروفيه" بعد تدهور حالته الصحية.

وتشير زوجته سناء سلامة لحالة الترقب والقلق التي تعيشها العائلة في ظل الأخبار الواردة عن زوجها وحول ما يجري معه، ولمدى قدرته على تجاوز الأزمة الصحية في ظل ظروف الاعتقال القاسية.

وبألم يعتصر قلبها، تتحدث "سناء" لـ "وكالة سند للأنباء": "وليد يعاني من وضع صحي حساس، وبحاجة لمسيرة تأهيل طويلة جدا، ويجب أن لا يتعرض لأي انتكاسة أو عدوى خلال هذه الأشهر، لكي يستطيع الوقوف على قدميه".

وتقول، إن إرجاع الوجبات والأدوية من الأسرى المرضى "تعبير عن حجم المعاناة والظروف الصعبة التي يعيشونها ودفعت بهم نحو هذه الخطوة".

وبنبرة قلق تردد: "الأسرى يحاولون الضغط داخل السجون لانتزاع حقوقهم، والإضراب عن الطعام والدواء أحد الوسائل، ونتأمل أن يعقبها وسائل أكثر فعالية في مواجهة سلطة السجون"، مشددةً على ضرورة الوقوف معهم بشكلٍ جاد وسريع.

وتعقد لجنة الإفراجات اليوم الأربعاء، في الرملة، جلسة للنظر في طلب الإفراج المبكر عن الأسير "دقة"، بسبب وضعه الصحيّ، لكن النيابة العامة الإسرائيلية تنوي رفض الطلب بحسب ما أفادت به صحيفة "يسرائيل هيوم".

وليد دقة.jpg
 

وتجدر الإشارة إلى أن الأسير وليد دقة (60 عامًا) من مدينة باقة الغربية بالداخل المحتل، وهو معتقل منذ 25 من آذار/ مارس 1986، ويعد أحد أبرز الأسرى في سجون الاحتلال، وصدر بحقه حُكم بالسّجن المؤبد، جرى تحديده لاحقًا بـ37 عامًا، وأضاف الاحتلال عام 2018 على حُكمه عامين ليصبح 39 عامًا.

وأظهرت الفحوصات الطبية في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2022 إصابته بنوع نادر من سرطان يصيب نخاع العظم، والذي تطور عن سرطان الدم الذي تم تشخيصه قبل قرابة عشر سنوات، وتُرك دون علاج جدي.

"مرشحون للاستشهاد"..

من جانبه، ينظر رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، بـ "قلق شديد؛ لوصول الأسرى المرضى لهذا القرار الصعب والمر، مما يعكس حجم الاستهداف من قبل سلطات الاحتلال".

ويتابع حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "من نتائج سياسة الإهمال الطبي، أننا نستقبل بين الحين والآخر شهيدًا جديدًا بسبب هذه السياسة، والعدد المرشح للاستشهاد أصبح كبيرًا؛ نتيجة للأمراض التي تتعمق أكثر في أجسادهم في ظل عدم اكتراث ولا مبالاة من سلطات الاحتلال".

ويشير فارس إلى أن الأسرى المرضى يريدون تسليط الضوء على قضيتهم، وبالحد الأدنى إمكانية ممارسة ضغط على الاحتلال لينالوا فرصة حقيقية للعلاج.

ويلفت إلى أن الحركة الأسيرة بصدد بلورة رؤية واستراتيجية عمل فيما يتعلق بالتفاعل مع قضية الأسرى على اختلاف عناوينها؛ ليتم تشكيل حالة تفاعل جدية، وتحريك الشارع وكل أدوات الضغط المتاحة في إطار عمل منظم من قبل الأسرى.

وعن دور المنظمات الحقوقية في ملف الأسرى المرضى، يقول فارس إنّ المجتمع الدولي يمارس ضغطًا على السلطة لمنع تقديم الخدمات للأسرى وعائلاتهم.

ويستطرد: "رغم أن منظمات مستقلة تحتكم بمعايير أخلاقية وتصدر نشرات حول الأسرى والانتهاكات، لكنها غير قادرة على تحشيد الدعم والضغط على الاحتلال، وهناك منظمات هي جزء من منظومات سياسية، مثل منظمة الصحة العالمية التي لا تقوم بدورها، رغم معرفتها عن الأسرى الشهداء الذين ارتقوا بسبب الإهمال الطبي".

ويستدل على ذلك بالقول: "تشريع الاحتلال قانون والقراءة الأولى في الكنيست قبل شهرين لتقييد العلاج للأسرى ومنحهم العلاج في المسائل الضرورية جداً، لم يلق ردة فعل من منظمة الصحة العالمية والمنظمات الحقوقية، التي تشدد في شعاراتها على أن حق العلاج للأسرى حق مطلق لا يجب أن يخضع لأي قيد".

الأسرى المرضى.webp
 

غياب المساءلة..

بدورها، تعتبر مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان سحر فرنسيس، أنه أمر خطير جداً أن يلجأ أسير مريض لمقاطعة العلاجات والأدوية، وهذا يعكس المعاناة والوضع الخطير الذي وصل له.

وتُشير "فرنسيس" في حديثٍ مع "وكالة سند للأنباء" إلى أنّ الإهمال الطبي وما يُعانيه الأسير فيما يُسمى بعيادة سجن "الرملة" دفع به نحو هذه الخطوة التي يتحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تبعاتها.

وتؤكد أن حالة الأسير "دقة" والأسرى المرضى صعبة وتعكس سياسية مستمرة منذ عشرات السنوات بالإهمال الطبي في السجون، المتمثلة بعدم توفير العلاج في الوقت المناسب، وعدم التجاوب مع الحاجة للفحوصات الدورية والمتخصصة في كثير من الحالات، بالإضافة لعدم نقل المرضى على وجه السرعة لمستشفيات مدنية خارج عيادة سجن الرملة.

وتصف مستشفى سجن الرملة بأنه يفتقر لكل مقومات المستشفى الحقيقي، مردفة: "النتائج واضحة، وآخرها استشهاد الأسير خضر عدنان والأسرى الآخرين الذين قضوا بسبب الإهمال الطبي داخل هذه العيادة".

وتلفت إلى أنّ إدارة السجون لا توفر طاقمًا طبيًا من الخبراء، ولا تجري فحوصات طبية دورية بشكل سنوي، وهذا ينم عن إهمال، وتورط من الأطباء في هذه السياسة التي قد تُفقد الأسير حياته، أو تجعله فرسيةً للأمراض حتى بعد الإفراج عنه.

وترى فرنسيس، أن المشكلة تكمن لدى المنظمات الحقوقية باقتصار دورها على إدانة ممارسات الاحتلال والدعوة لوقفها، فيما يتعلق بالرعاية الصحية وحقوق الإنسان.

وتستطرد: لا يوجد آلية لإلزام دولة الاحتلال، إضافة لغياب المساءلة ومحاكمة الاحتلال وملاحقته على هذه الجرائم، فتشعر أنها محصنة، ولا تدفع ثمنًا، فلا تلتزم بواجباتها بموجب القوانين الدولية بشأن الأسرى".

وتشير معطيات "هيئة الأسرى" إلى وجود أكثر من 700 أسير يعانون من أمراض بدرجات مختلفة وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، من بينهم 24 أسيرًا ومعتقلًا على الأقل مصابين بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، لكنّ إدارة السجون تتعمد سياسة الإهمال الطبي بحقهم.