الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

في الذكرى الـ27 لهبة النفق..

الأنفاق والحفريات.. خطر ينخر بأساسات المسجد الأقصى

حجم الخط
هبة النفق.
القدس - بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

أشجار معلقة بالهواء، وحجارة تتساقط بين فينة وأخرى، انهيارات في بعض الحجارة التاريخية، هكذا يبدو الحال الذي وصل إليه المسجد الأقصى المبارك، في ظل استمرار الحفر بأساساته وتحت مرافقه وأسواره منذ عشرات السنوات.

ففي سباق مع الزمن، لا يتوقف الحفر والتدمير والتخريب لأساسات المسجد الأقصى المبارك، ليس ابتداءً من هبة النفق عام 1996، عندما أُعلن عن افتتاح نفق أسفل المسجد، وليس انتهاءً بما وصل إليه حاله الآن، حيث تتهاوى بعض أحجاره التاريخية بين فترة وأخرى، نتيجة خلخلة بنيانه والحفريات المتواصلة أسفله.

وتصادف اليوم، الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول، الذكرى السابعة والعشرين لهبة النفق، التي انطلقت شرارتها من مدينة القدس عندما كلّف رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها بنيامين نتنياهو، رئيس بلدية الاحتلال آنذاك إيهود أولمرت، بافتتاح النفق الغربي، مما أثار حفيظة الفلسطينيين، ويهبوا نصرة لمسجدهم.

وامتدت "الهبة" التي انطلقت من القدس، من شمال فلسطين إلى جنوبها، واستشهد فيها 63 فلسطينيا بينما أصيب أكثر من 1600 آخرون بجروح متفاوتة.

هبة-النفق.jpg
 

عمليات الحفر في محيط المسجد الأقصى لم تكن وليدة تلك السنوات، فمنذ عام 1865 بدأ الحفر بإشراف بريطاني، تحت مسمى استكشاف أرض فلسطين، ولكن الحقيقة كان البحث عن أي أثرٍ يسهل احتلال الأرض، واستمرت الحفريات بذات المسمى حتى عام 1967؛ ليعلن بعدها صراحة بأن هدف الحفريات هو البحث عن آثار الهيكل المزعوم.

استمرار الحفر والتوسعة..

الباحث في تاريخ القدس والمرشد السياحي أسامة مخيمر، يؤكد أن الحفريات التابعة للنفق الغربي الذي تسبب افتتاحه بهبة النفق لم تتوقف قبل ذلك العام ولا بعده، إذ نُفذت وما زالت تُنفذ حفريات بهدف توسعته.

ويضيف "مخيمر" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الحفريات مستمرة ولم تتوقف حتى الآن في النفق الذي افتتح بابه عام 1996، منوهًا إلى أن ما تم افتتاحه حينها هو باب للخروج من النفق حيث كان زوار النفق قبل ذلك العام يدخلون ويخرجون من الباب ذاته، فتم افتتاح مخرجًا لتسهيل حركة زوار النفق ومنع اكتظاظهم.

ويستطرد: "كان النفق الغربي حين افتتاحه، يمتد على ما يقارب 470 مترًا، إلا أنه اليوم أصبح أعمق بما يقارب العشرة أمتار".

ويوضح أنه لا يمكننا تقدير عدد الأنفاق؛ لأن الكثير من الحفريات يدخل في إطار توسعة نفق معين، لكن يمكن الحديث عن 26 من الأنفاق المعلومة والمعلن عنها، منها 6 أنفاق مفتوحة بشكل رسمي لدخول السائحين عبر قطع تذكرة، والسير في مسارات النفق.

ويصف ضيفنا، طبيعة الأنفاق بأنها ممرات ضيقة، لا يتجاوز عرضها نصف متر وارتفاعها 180 سنتيمترا، وتضم قاعات يصل عرض بعضها 8 أمتار وطولها 10 أمتار، كانت في غالبيتها ممرات قديمة تعود لفترات تاريخية مختلفة، وجزء منها كانت قنوات للمياه أو للمياه العادمة، حولها الاحتلال اليوم لتصبح مسارات سياحية؛ في محاولة لإيجاد أية بقايا للهيكل المزعوم أو أي إرث يهودي في مدينة القدس.

ويسعى الاحتلال من وراء ذلك، لإثبات أنّ هذه الأرض هي "أرض الميعاد" وفق الزعم التوراتي، إضافة للهدف السياسي الرامي لطمس كل ما هو عربي إسلامي فوق الأرض وفيها باطنها، وفق "مخيمر".

الأنفاق أسفل المسجد الأقصى.jpg
 

وعما عثر عليه خلال عمليات الحفر، يحدثنا: "حتى اليوم لم يتم العثور إلا على بعض الآثار الرومانية التي نسبها الاحتلال للهيكل، في محاولة لطبع صورة لدى السائح الأجنبي بأن هذه الأرض هي التي كان فيها أجداد اليهود".

كما أن بعض قطع الآثار المعروضة هي آثار مزورة لم تكن موجودة بالأساس، ولم يعثر عليها، إنما وضعت قصدًا لدعم الرواية المزورة، تبعًا لـقوله.

وينوه "مخيمر"، إلى أن الحفريات لم تتوقف سوى لفترات قصيرة إما بسبب الهبات أو الأوضاع السياسية، ولعل أطول فترة توقفت بها الحفريات كانت فترة انتفاضة الأقصى عام 2000، ولكنها عادت بوتيرة أقوى وأسرع مع انتهاء الانتفاضة.

وتتركز هذه الحفريات بالجانب الغربي والجنوبي والجنوبي الغربي لسور المسجد الأقصى، وتمتد لتصل إلى عين سلوان، مرورًا بعدد من أحياء البلدة، وهناك بعض الحفريات في الجهات الشمالية والشرقية والتي تؤثر على منازل وأحياء البلدة القديمة من القدس، وفق "مخيمر".

وعن أثر هذه الحفريات، يبين ضيف سند، أن سور المسجد الأقصى وسور البلدة القديمة لم يتأثر كثيرًا بالحفريات بسبب أن أساسه حجارة رومانية وصليبية ضخمة، يصل وزن بعضها لأكثر من ٢٥ طن، بالتالي يصعب تأثرها بهذه الحفريات، إلا أنها أثرت بشكل بسيط في الحجارة العثمانية للسور بسبب ضعف الحجارة التي استخدمت بالفترة العثمانية مما تسبب بسقوط عدد منها.

أما عن أثرها على المسجد الأقصى، يعتقد "مخيمر" أن الحفريات واقعيًا لم تصل لأسفل المسجد الأقصى، باستثناء ما حدث عام 1980، حين وصلت إحدى الحفريات إلى سبيل قاتباي، وبعدها اصطدموا ببداية الصخرة التي أقيم عليها مصلى قبة الصخرة، مما اضطرهم لتغيير مسار الحفر، إضافةً لكشفهم من قبل حراس المسجد الأقصى، فعملت الأوقاف الإسلامية حينها على سد النفق بالباطون.

انفاق.jpg
 

ويعود سبب تساقط حجارة المسجد الأقصى المتكرر خلال الأشهر الأخيرة إلى قوة أدوات الحفر في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى، وأساس هذه المنطقة غير مدعم ولم يُرمم منذ زمن بعيد إضافةً إلى قلة الصيانة داخل المسجد الأقصى؛ بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال على دائرة الأوقاف الإسلامية، وفق ضيفنا.

ويردف: "جميع الحفريات أسفل محيط الأقصى وبلدة سلوان تديرها وزارة الأديان الإسرائيلية وسلطة الآثار الإسرائيلية، بدعم من عدة جهات، على رأسهم صندوق إرث المبكى التابع بشكل مباشر لحكومة الاحتلال، إضافةً لجمعيات استيطانية أخرى مثل جمعية عطيرت كوهانيم.

تاريخ الحفريات..

من جهته، يقول عضو لجنة القدس في هيئة علماء فلسطين محمود الشجراوي، إن الحفريات الأولى بالقدس بدأت في فترة الخلافة العثمانية، حين بدأت بريطانيا وفرنسا الحفر لإيصال المياه لداخل الحي المسيحي وكنيسة القيامة بحجة عدم وجود مياه، ومع احتلال فلسطين سلّمت بريطانيا وفرنسا الاحتلال الإسرائيلي خرائط تلك الحفريات.

ويوضح في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": أنّ "الحفريات أسفل الأقصى يمكن التأريخ لها بعد أربعة أيام فقط من احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس، حين هدمت جرافات الاحتلال حارة المغاربة المجاورة تماماً لحارة البراق، والبدء بعمليات التوسعة والحفر".

ويكمل الشجراوي: "الحفريات اليوم باتت تشكل خطراً حقيقاً على المسجد الأقصى بأسواره ومصلياته، حيث ظهرت تصدعات حقيقية في المصلى المرواني، وفي مصلى الأقصى القديم، والجامع القبلي، إضافةً لانهيارات في خمسة أو ستة مواضع من تربة المسجد الأقصى".

وتزيد خطورة الحفريات، لما لها من آثار مرعبة، تتجلى في التذكير بسقوط أحجار مصلى الأقصى القديم، وهي حجارة الأعمدة الضخمة التي تحمل المصلى القبلي ومحرابه ومنبره، وفق "الشجراوي".

انفاق 3.jpg
 

ويتابع ضيفنا أنّ "تساقط الحجارة في مصلى الأقصى القديم لا يحمل سوى معنى واحد، وهو وجود حفريات ضخمة تحت هذه الأعمدة، وأن هناك اهتزازات قوية جداً تحدث نتيجة الحفر بالآليات الكبيرة".

ويبيّن أن عدة انهيارات حدثت في تربة وبلاط المسجد عند باب السلسلة، وباب القطانين، في المنطقة المقابلة لباب المغاربة، بين المتحف الإسلامي والمسجد القبلي، لافتًا إلى أنّ هذه الانهيارات لا تتم إلا بفعل الحفريات الموجودة أسفل أساسات بعض المناطق بالمسجد.

ولم يقتصر أثر الحفريات على حجارة المسجد الأقصى، بل طال أشجاره الآخذة بالتساقط أو الموت لأن جذورها أضحت معلقة في الهواء، لأن أسفل منها نفق من الأنفاق، كما أن الاحتلال لا يسمح بزراعة الأشجار داخل المسجد الأقصى المبارك كأشجار بديلة للأشجار التي فقدت.

وعلى الرغم من كون معظم الحفريات قديمة، إلا أن الاحتلال عمل على تطويرها وبدأ فعلياً بتفريغ فضاءات أسفل بعض المناطق في المسجد الأقصى ومحيطه، فالأنفاق لم تعد مجرد ممرات وأنفاق طبيعية، بل أصبحت فضاءات مفرغة موجودة تحت الأرض في القدس، وقريبة جداً من المسجد الأقصى المبارك، وفق ضيفنا.

ويضيف "الشجراوي" أن عدد الحفريات في محيط الأقصى تجاوز الـ 55 حفرية، وفق الإحصائيات، منها 38 حفرية غرب المسجد الأقصى 18 حفرية في الجهة الجنوبية، لافتًا إلى أن الاحتلال أسس عددًا من القاعات داخل الأنفاق، منها ما يستخدم ككنيس يهودي تحت الأرض ومنها ما يستخدم لاجتماعات الحاخامات أو حكومة الاحتلال.

ويعمل الاحتلال في الحفر أسفل المسجد الأقصى، اليوم، دون أي قيود أو ردات فعل كما حدث في سنوات سابقة، كما أنه يحفر على مدار الساعة دون توقف ساعيًا لتغيير هوية المدينة فوق الأرض وتحتها.

ويرى "الشجراوي"، أنه من واجب الأوقاف الإسلامية الوقوف بجدية أمام مخططات الاحتلال والقيام بدورها على أتم وجه لصد مشاريع الاحتلال في المسجد.

ويُشدد على ضرورة أن يخلق أهالي القدس والداخل المحتل والضفة الغربية، استراتيجية للرباط والاعتكاف داخل المسجد الأقصى للوقوف أمام مخطط الاحتلال بالاستفراد بالمسجد وباطنه.

أما عن دور علماء الأمة، فيقول: "واجب عليهم أن يقولوا كلمتهم، وأن يسخروا كل المنابر للتحذير والتذكير المستمر بما يحدث في القدس والمسجد الأقصى المبارك".

حفريات اسفل الاقصى.jpg

بدوره، يشير الباحث في الأنفاق معاذ اغبارية، إلى أن العمل في الأنفاق أسفل المسجد الأقصى متواصل بإشراف حكومة الاحتلال، ويتم في عدة أنفاق مرة واحدة وعمليات التوسعة تتم في عدة اتجاهات، حيث يجري فتح أبواب جديدة بين الأنفاق تجعلها شبكة مترابطة.

ويضيف "إغبارية"، أن سلطات الآثار الإسرائيلية تعمل حاليًا على توسعة قنوات المياه القديمة أسفل المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى وحائط البراق باتجاه منطقة باب الخليل، ويجري ربطها بنفق يمتد حتى أسفل حارة المغاربة.

ويلفت في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن طواقم الاحتلال تمنعه من دخول مناطق العمل، مما يجعله جاهلًا في كثير من التفاصيل ولكن يوجد داخل الأنفاق التي تتم توسعتها أعمدة حديدية واسمنتية، إضافة لرافعات كبيرة ترفع التراب من داخل النفق إلى أراضي مجاورة للمنازل بلدة سلوان، وبعدها تنقل هذه الأتربة لورش عمل في جنوب البحر الميت.

ويردف أن عددًا من الأنفاق دخلت أسفل المسجد الأقصى وباتت تشكل خطرًا على أساساته خاصة في الجهة الجنوبية الغربية، التي يحاول الاحتلال تأسيس تسوية فيها على غرار المصلى المرواني من حيث المساحة.

وينبه في ختام حديثه، إلى أن الاحتلال يؤسس لجعل الأنفاق شبكة مترابطة ينفذ بعضها إلى بعض لبناء مدينة جديدة أسفل المدينة الحالية، لتصبح وسيلة جديدة لتهويد القدس وتزوير تاريخها الإسلامي.