الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

صراع من أجل البقاء والصمود

شهادة حيّة من غزة .. وقائع مخفية عن القصف والتجويع

حجم الخط
قصف غزة.webp
غزة - وكالة سند للأنباء

من قلب غزة الجميلة الحزينة، التي غزاها الاحتلال الإسرائيلي، ودمر أحياءها ولا يزال يواصل القصف والمجازر، يقدم عاصم النبيه، عضو لجنة طوارئ بلدية غزة، شهادة تكشف جوانب أخرى من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ 70 يومًا.

وقدم النبيه شهادته في اليوم الـ 67 للحرب المستمرة، وفق مدونة حكايا غزة، ليروي للعالم جانبًا مما عجز الإعلام عن نقله عن جرائم الاحتلال وتداعيات عدوانه الكارثية في المدينة التي يكافح مئات الآلاف فيها للصمود واستمرار الحياة بعدما تجذروا فيها رافضين التهجير القسري.

جانبان للحرب

يقول النبيه: الحرب الدائرة في مدينة غزة الآن تنقسم إلى قسمين، الأول له علاقة بعدم توفر المعلومات والأخبار حول حقيقة حرب الإبادة التي تحدث في المدينة، وأنا الآن أتحدث عن الشمال، حيث مدينة غزة التي أتواجد فيها منذ بداية الحرب تقريباً وأجولها بحكم عملي في البلدية. والحرب الثانية هي حرب ماء وغذاء وهذه تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

عاصم النبيه.png
 

حرب الإبادة دائرة ولكنّ ما يصل في الإعلام عن شمالي القطاع لا يعبّر أبداً عن الواقع، وفق النبيه، مبينًا على سبيل المثال، عندما تصدر إحصائية عن عدد الشهداء في القطاع حتمًا تكون خطأ لأن الأرقام التي تصدر من شمال غزّة وبالتحديد من المدينة هي أرقام غير صحيحة وغير منطقية، أي أقل من الحقيقة.

وأكد أن هناك عشرات الشهداء يرتقون في قصف منازل ولا أحد يدري عنهم شيئا، مشيرًا إلى أن الإعلام لا يغطي ما يحدث في مدينة غزة.

ونتيجة توغل الاحتلال في غزة وأحياء شمال غزة، وانقطاع الاتصالات والإنترنت، فإن الكثير من جرائم الاحتلال ومجازره تبقى طي الكتمان ولا يعلم بها أحد، فيما لا تسمح قوات الاحتلال لوسائل الإعلام أو الصحفيين بالتحرك لتغطية الأحداث.

البحث عن لقمة الطعام

الوجه الآخر للحرب، حسب النبيه، هول الصراع من أجل البحث عن لقمة الطعام، "فكُلْ يوم بتِطلع فيه الشمس تِبدأ الناس تفكّر، كيفْ تأمّن الحدّ الأدنى من الأكل ومن الميّة".

يقول: هناك ناس أنا رأيتهم لم يستحموا من أربعين أو من خمسين يوما، غير عن الكوارث البيئية والصحية التي تصيب الناس سواء أمراض جلدية أو معوية أو غيرها، وأنا هنا لا أتحدث عن طبقة دوناً عن أخرى، إنّما عن طبقات المجتمع كافة.

وحول الطعام، أشار إلى أن الأيام الماضية كان هناك تجمّعات لبسطات صغيرة في شارع الصحابة، في شارع يافا، في الجزء الشرقي من شارع الوحدة تحديداً منطقة الجرجاوي، قرب محطة أبو عاصي، وهي بسطات تبيع إندومي أو قليلا من الأرز أو العدس، بكميات محدودة وبأسعار خيالية جداً.

وقال: أنا اشتريت قبل أسبوع 4 كيلو غرامات طحين بمئة شيكل، أي بارتفاع بنحو 12 ضعفاً مقارنة بسعره الأساسي: ثمانية شيكلات (دولاران تقريباً) وطبعاً الناس صاروا يهنّوني إنّو ألف مبارك والله إنّو إنت لقيت 4 كيلو طحين!".

وقبل العدوان كان كيس الطحين (25 ك) يباع بـ 40-45 شيكلا فقط.

وأشار إلى أن الفواكه والخضار معدومة نهائياً، حتى الشغلات البسيطة مثل البصل والبندورة والخيار مثلاً غير متوفرة، وذلك منذ بداية الحرب على غزّة.

وتتركز سلة القطاع الغذائية من الخضروات جنوب قطاع غزة، وهي مفصولة على الشمال، كما أن الاحتلال يمنع الوصول إلى أي أرض زراعية في كل القطاع تقريبا.

ويتحدث بمرارة عن عائلته، مبينًا أن 52 شخصا بمكان واحد، هم والديه وشقيقاته وخالته وأولادها وأولاد عمته، لهؤلاء جميعاً يُطبَخ فقط ما بين كيلو ونصف وكيلوين من الرز يومياً، حتى إنّ الأطفال يُعطَون بالكاسات لكي يكفي الأكل الجميع!

وأشار إلى أن الذي كان يتوفر على البسطات هو القليل الذي بقي في البقّالات لصغيرة، وجزء من النازحين أخذوا من بيوتهم قليلا من الأرز والعدس، ويباع بأسعار مضاعفة، وكل ذلك تقريبا أصبح حاليا غير متوفر.

أزمة المياه

وبخصوص المياه، أكد أن الناس تشرب فعلياً مياه ملوثة ومياه مالحة ومياi مختلطة بالصرف الصحي، منبها إلى أن بئر واحد تقريباً يشتغل هو القريب من شارع الصحابة، والناس هي التي تحضر السولات لتشغيل مولداته، والناس تقف طوابير للحصول على الماء.

يضيف: تقديراتي الشخصية بناء على ما ألاحظه في السوق، أو في البسطات أنّ الغذاء سينفذ خلال أيام، هذا ما كنتُ أقوله للإعلام منذ ثلاثة أسابيع، إنّنا نعاني من أزمة ماء وغذاء. حتى المعلّبات التي كانت موجودة في بداية الحرب مثل معلّبات التونة أو الفول أو الفاصولياء، هي غير موجودة الآن.

وتابع: إذا أنت محظوظ تجد شوية أندومي أو شوية عدس أو شوية رز أو ما تبقى من التمر إلّي في ناس قصته عن الشجر قبل شهر، جزء منه خربان ولكن الناس بتشتريه!

وأكد أن الناس حرفياً تشتري بضائع خربانة! مثل الطحين المنتهية صلاحيته، أو الرز المسوّس الناس تشتريه الآن و"تعمل حالها مش شايفة وتطبخ وتأكل".

وقال: أنا وزملائي وأهالينا، يعني لا أعتقد أنّ هناك من يأكل أكثر من 400 إلى 500 سعرة حرارية يومياً. هذا يشمل كل ما نأكله… وهذا حال الأطفال إلّي يمكن بياكللوا من 200 إلى 300 سعرة حرارية.

غياب المؤسسات الدولية

وأكد أنه لا توجد أي جهة توفر أي احتياجات للناس سواء في المنازل أو النازحين الذين لجؤوا بالآلاف إلى ما تبقى من مباني مجمع الشفاء الطبي.

وقال بمرارة: رجعنا إلى عصر الجمع والتنقيب قبل 2000 سنة… الناس بتطلع الصبح بتدوِّر على إشي تأكله، حتى المساعدات اللي بتدخل من معبر رفح محدودة ما بيوصلنا بالجهة الشمالية إشي منها".

وأضاف: نحن لا نرى طواقم للأمم المتحدة ولا للصليب الأحمر ولا حتى للمؤسسات الخيرية الصغيرة التي تتلقى تمويلها من تلك المنظمات… ما فش حدا عامل".

ويلخص المشهد بقوله: الصورة عن واقعنا غير واضحة، بل في أنّها مبسّطة، يعني الواقع ما بينحكاش عنه، سواء كان في الخسائر البشرية والقصف على المناطق الشمالية أو من ناحية توفير الغذاء.