الساعة 00:00 م
الخميس 09 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.64 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.71 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

بالفيديو والصور بعد نجاتهم من الموت.. شهادات حيّة لتفاصيل الرعب في جنين

حجم الخط
شهادات حية
غزة/ جنين – إيمان شبير – وكالة سند للأنباء

يومان من الرعب، عاشها أهالي مدينة ومخيم جنين شمال الضفة الغربية، امتلأت برائحة الموت والدم الذي ملأ زقاق المخيم ومحيطه، لحظات كانت وكأنها آخر الأنفاس في الحياة، تحت دوي قصف الطائرات وقنص الجنود لكل شيء يتحرك.

جرحى وشهداء في الطرقات، صرخات دوّت في سماء المخيم طلبًا للنجدة، آلاف ينزحون من بيوتهم لخارج المخيم، مشاهد أعادت للأذهان المجزرة التي شهدها المخيم عام 2002، عندما سوّيت منازله بالأرض، واستشهد العشرات من سكانه.

وانسحب الجيش الإسرائيلي من مدينة جنين في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، بعد عدوان واسع أسفر عن ارتقاء 12 شهيدا، بينهم خمسة أطفال، وأكثر من 140 إصابة، بينها نحو 30 إصابة حرجة.

وبحسب التقارير منظمات طبية وحقوقية، فإن الاحتلال استهدف مستشفيات وفرق وسيارات إسعاف، وأعاق تحركاتها، كما حاصر نحو 13 ألفًا في المخيم وشرّد نحو 4 آلاف، واعتدى عليهم أثناء خروجهم من منازلهم بقنابل الغاز والمسيل للدموع.

وللاقتراب أكثر من تلك المشاهد، التقت "وكالة سند للأنباء" صحفيين ومسعفين من مخيم جنين، واستمعت لشهود عيان خرجوا من بيوتهم رغمًا عنهم؛ لتنقل صورة الأحداث من قلب الوجع والقهر.

"جدران بيتنا فوّهة قناصة للاحتلال"..

تقول إيناس عباهرة من حي البساتين بجنين: "اقتحموا البيت يوم الاثنين عند الساعة الثامنة صباحًا بعد تفجير باب العمارة، التي تضم عائلتنا وعوائل أعمامي، وكنا نتابع الأحداث أولًا بأول ولم ننم الليل من حجم الدمار والرعب في المنطقة".

وتسرد ما جرى مع عائلتها، "اقتحم الجيش منزلنا بطريقةٍ وحشية وهمجية، يوجهون بنادقهم نحونا، ثم صادروا هواتفنا واعتقلوا أخي، وحاصرونا في شقة وأغلقوا علينا البيت وأخذوا المفتاح معهم".

وتكمل: "حاصرونا في الشقة وقطعوا عنّا الكهرباء والمياه، وكنا نسمع أصوات هدم في الشقق العلوية، وعندما انتهوا من التخريب، سمحوا لنا بالخروج الساعة السادسة مساءً وقيّدونا بالحركة".

حينها شاهدت عائلة "عباهرة" تخريب لا يُمكن وصفه، اقتلاع بلاط الأرض، كتابة على الجدران باللغة العبرية، وتكسير الأبواب وكل ما في الشقة.

واتخذ الجيش الشقق العلوية للبناية نقطة عسكرية للقناصة، حيث فتح في جدرانها فوهات للقنص باتجاه المخيم وأخرى باتجاه حي البساتين، وفق "عباهرة"، مضيفة: "كان صوت رصاص كثيف، كنا تحت الضغط، سحبوا هواتفنا لم نستطع الاطمئنان على أقاربنا، أو حتى نعرف إلى أين وصل حجم الدمار، فقط ننتظر مصيرنا بشقة مظلمة والخوف يُحاصرنا من كل جانب (..) إنه شعور قاهر".

جنين 6.jpg

 

مشاهد تُعيد الذاكرة إلى التغريبة..

وعن مشهد ترحيل الآلاف من سكان المخيم من منازلهم تحت التهديد وإطلاق القنابل والرصاص، تحدثنا أم حسين ضبايا، والدة الشهيد متين من حارة الحواشين بالمخيم، والتي كانت من بين النازحين، تقول بعد تنهيدة طويلة: "شفتِ التغريبة الفلسطينية، هكذا خرجنا جميعًا من بيوتنا، لم يكن معنا سوا الله وملابس الصلاة، تجرعنا الويل قديمًا وحاضرًا".

وتوضح "ضبايا"، أن الجيش الإسرائيلي اتصل بهم في ساعة متأخرة من الليل وأخبرهم تحت التهديد بضرورة إخلاء منزلهم، "اخلوا البيت سوف نقصفه"، مشيرةً إلى أن أصوات الرصاص والانفجارات كانت مرعبة وشديدة.

وتسرد لحظة الخروج من المنزل بخطواتهم المثقلة: "كُنا نجر أنفسنا جرًّا، لا ندري أين نذهب، كلما مررنا بشارع نرى فوهات البنادق مُسلّطة علينا، ويأمرنا الجيش بالرجوع، وهكذا بقينا نذهب إلى أماكن ونعود بسبب إجبارهم لنا، إلى أن ذهبنا إلى المستشفى للجلوس فيه".

وتصف دمار مخيم جنين، "ما رأيتموه على وسائل الإعلام لا ينقل صورة الواقع كما رأيناه نحن بأعيننا، اللغة كلها عاجزة عن وقف حجم الدمار والتخريب في الحارة والمخيم".

وتسرد، "اللحظات الأولى للعدوان الإسرائيلي مرعبة، لا نوم أو كهرباء أو مياه، ما جرى أعادنا إلى أحداث عام 2002 عندما قصفوا بيوتنا والشباب التي استشهدت بأعداد كبيرة".

جنين 5.jpg
 

أما المواطن سري سمور الذي يقطن في حي الزهراء داخل بناية مكوّنة من 5 طوابق، تقطنها 10 أسر، يقول: "يوم الاثنين الساعة السابعة صباحًا حضرت جرافة عسكرية إلى الحيّ، وجرّفت الشارع الذي أقطن فيه بشكل كامل، وأصبح غير صالح لسير المركبات أو على الأقدام".

ويصف "سمور" ما جرى في جنين: "بدون كلام منمق نحن أمام نكبةٍ جديدة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، الناس خرجت من بيوتها مكرهةً بسبب عدم توفر مقوّمات الحياة، وثمة بيوت قُصفت دون سابق إنذار".

"قلعوا عيني حين استهدفوا الكاميرا"..

لم يقتصر الاستهداف على المدنيين والأطفال والنساء، بل طال القصف "كاميرا الحقيقة" التي تنقل وتُوثّق الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

عبر البث المباشر، استهدف الجيش الإسرائيلي بقناصته عبر رصاصاتٍ متتالية كاميرا التلفزيون العربي والذي كان يبث جرائم الاحتلال عبر الهواء مباشرة.

ربيع المنير مصور التلفزيون العربي في الضفة الغربية يحكي لنا:" الرصاص الإسرائيلي مزّق كاميرتنا، حينها شعرت أنهم قلعوا عيني".

ويتابع أن أحد الجنود تعمّد استهداف الكاميرا بعدة رصاصات مباشرة، ما اضطر ومن معه من الصحفيين للابتعاد قليلًا والاختباء بمكان أقل خطرًا، لافتًا إلى أنّهم لم يتمكنوا من الخروج من المخيم إلا بمركبات الهلال الأحمر الفلسطيني.

ويصف بكلمات حانية علاقته بكاميرته، "أنا أعمل في التصوير منذ الصغر، والكاميرا جلست معي أكثر من أي شخص آخر، فقدت الكاميرا التي تُرافقني في كل وقتٍ وحين، ودائمًا المعدات تكون بجانبي، أعتني بها كالطفل الصغير".

ويرى ضيفنا أنّ الكاميرا هي وسيلة المصور الصحفي الوحيدة التي يستطيع بها تعزيز صورة فلسطين، ونقل جرائم المحتل وظلمه للشعب الفلسطيني، مؤكدًا رغم الاستهداف: "أنا مستمر ومش رح أوقّف عن عملي".

ويستحضر الفرق بين حرب أوكرانيا الذي شارك في تغطيتها في وقت سابق، والحرب في فلسطين، معقبًا: "في بلادنا "جيش مقابل إنسان والكل فيها مستهدف حتى الكاميرات، بينما في أوكرانيا جيش مقابل جيش".

وعن أصعب المواقف التي مررت بها في التغطية؟، يُجيبنا: "منظر الأهالي وهي تخرج من بيوتها مكرهةً، وإصابة الناس العُزل، منظر مأساوي ومواقف تئن لها القلوب عندما رأينا الأطفال ترتجف من هول ما شاهدوه".

"المسعف إنسان"..

أما المسعف فادي جرار، فيصف شعوره بـ "القهر" أمام الجنود المدججين بالعتاد العسكري، وعلى الأرض جريح ينزف لا يستطيع إنقاذه.

ويستطرد "جرار"، "أحسست بقرب الموت مني وأنا أحاول الزحف على الأرض لأنقذ المصاب، أو أسحب جثة أحد الشهداء؛  فرصاص الاحتلال كان أسرع من خطواتنا البسيطة".

ووجد المسعفون والطواقم الطبيعة صعوبة بالغة في الوصول للشهداء والجرحى خلال العدوان على المخيم، حيث عرقل الاحتلال وصولهم، ومنعهم أكثر من مرة، بل واستهدفهم بالرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع.

المسعف حازم مصاروة يروي لنا أيضًا: "المشاهد التي رأيناها في جنين صعبة جدًّا، كنا نحاول ننقذ المصابين والصواريخ والرصاص تسقط بجانبنا، والطائرات المسيّرة قريبة منا".

ويوضح "مصاروة" أن غالبية الإصابات كانت بمعظم أنحاء الجسم، ومنها شظايا في الرأس والأطراف العلوية، واصفًا ذلك بـ "مشاهد شرسة وصعبة جدًّا" ستؤدي لاحقًا إلى تهتك في أعضاء الجسم العلوية أو السفلية.

جنين 1.jpg
 

ولا يختلف الوضع كثيرًا مع المُسعف عز البيكاوي من بلدة يعبد إذ يقول: "أصعب شيء تعرضنا له نحن المسعفين في هذا العدوان، هو تدمير البنية التحتية للشوارع؛ ما تسبب في إعاقة دخول مركبات الإسعاف إلى المناطق المستهدفة".

ويُشير إلى أنّ الآليات العسكرية الإسرائيلية كانت تتواجد في كل مكان وعند أطراف المخيم، كما أنّ البنادق كانت تُوجه بشكلٍ مباشر نحو المسعفين والطواقم الطبية، وخلال عمليات الإنقاذ يُطلق الجنود الرصاص التحذيري وقنابل الصوت والمسيل للدموع لإعاقة عملهم.

جنين 4.jpg

354365330_803068634736774_5583172178006300039_n.jpg

اسعاف 2.jpg

اسعاف 1.jpg