الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

ناجون يروون لـ"سند".. لحظات ما قبل الموت وطاقة الفرج

حجم الخط
انتشال طفلة من خانيونس.jpg
غزة – مجد محمد – وكالة سند للأنباء

سويعات من الألم تعادل دهراً، تنقلك شعورياً من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، وكأنها أهوال يوم القيامة تنسدل فيها أحلام وذكريات وتفجع فيها قلوب تحت ركام وحجارة وأنقاض منازل مدمرة.

مجازر بشعة للشهر السابع على التوالي تتكرر يوماً بعد يوم، وقصص دمار لا تنتهي، ترتكبها طائرات جيش الاحتلال بصواريخ شديدة التفجير بحق المدنيين الآمنين في قطاع غزة دون أي ذنب لهم، لتحيل حياتهم إلى حياة أشبه بالجحيم.

وارتفع عدد الشهداء منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر2023 العام الماضي إلى 34 ألفًا و183 شهيدًا، بالإضافة لـ 77 ألفًا و143 إصابة، حتى اليوم الأربعاء الذي يوافق اليوم الـ201 للحرب.

فيما قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن تقديراته تشير إلى أن عدد المفقودين جراء الحرب في قطاع غزة تجاوز 13 ألفا، وإن بعضهم ما زال تحت الأنقاض، أو دفنوا في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرا في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية، وبعضهم تعرض للقتل داخلها.

رحلة العودة للحياة

يروي لنا الناجي محمد خليل (33 عاماً)، من مخيم البريج وسط قطاع غزة، تفاصيل ما عاشه لحظة انهيار منزله عليه جراء قصف منزل جيرانه، ويقول: "في حوالي الساعة الحادية عشر صباحاً تعرض المنزل المجاور لنا لقصف عنيف بصاروخي "براميل"، ما أدى لانهيار منزلي بشكل كامل وإصابتي أنا وزوجتي دون أي سابق إنذار أو تحذير لعملية القصف".

ويصف محمد في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، هول المشهد بأنه أشبه بزلزال كبير حيث كان يستعد لارتداء ملابسه وتجهيز نفسه للخروج من المنزل برفقة صديقه، وما هي إلا لحظات ليجد نفسه داخل الدولاب وسطح المنزل ينهال عليه هو وزوجته التي كانت في الغرفة المجاورة.

ويتابع محمد :" لحظات الانفجار الأولى تضعك في دوامة شديدة بحيث تشعر بأنه حفر لك قبرًا عبارة عن مسافة 50 متراً تحت الأنقاض، تجد فيه جميع أنواع المعاناة والمأساة سواد شديد وغبار ونيران دون أن تستطيع فعل شيء سوى أن تنتظر مصيرك إلى حين انتهاء الانفجار".

ويقول محمد، إنه للحظات عاش فيها أهوال يوم القيامة حيث كان السواد الحالك يحيط به من كل جانب دون أي رؤية للنهار وقدميه مقيدة تحت ركام سطح الباطون، ومن خلفه "حزام" باطون يغلق المنطقة الخلفية من الغرفة، مضيفاً"في هذه اللحظات لم أتوقع بتاتاً أن يتم إخراجي من تحت هذا الركام الهائل ولم أجد سوى نطق الشهادتين مراراً وتكراراً إلى حين لقاء المولى عز وجل".

وفي هذه اللحظات الصعيبة، تصرخ زوجة الشاب محمد والتي كانت في الغرفة المجاورة، ليتبادلا الحديث حول ما جرى معهما والاطمئنان على صحة بعضهما البعض، وسط فاصل من الركام لا يمكنهم من رؤية بعضهم سوى تبادل الصوت فقط، ليحاول طمأنتها أن الأعمار بيد الله وإذا كان لهم نصيب بالعيش فإنهم سيخرجون، أو انتظار الشهادة وخروج الروح إلى بارئها وحمد الله عز وجل أن أبنائهم الأربعة لم يكونوا في المنزل حيث كانوا ذاهبين للاطمئنان على صحة جدتهم القريبة من منزلهم كما هو الحال صباح كل يوم.

من جانبها تقول الزوجة إسراء (29 عاماً)، إنها بقيت تحت الركام حوالي الساعة والنصف قبيل إخراجها رأت فيها أصناف من الجحيم، حيث كانت تجلس في غرفتها لتقفز مسافة تقدر حوالي 6 أمتار ثم تعود لغرفتها بإصابات مختلفة في جميع أنحاء الجسد، وجدار اسمنتي يغلق عليها أي وجه للحياة.

في هذه اللحظات، بدأ الأقارب والجيران يتوافدون لمكان الانفجار للاطمئنان ومحاولة تفقد من بقي على قيد الحياة، ليصرخ محمد بأعلى صوته ويخبرهم بمكانه من تحت الركام وبعد عمليات من البحث وإزالة الركام أخرجوه ليدلهم بعدها على مكان زوجته لإخراجها.

وتوضح إسراء، أنها بدأت بالحديث مع أشقائها السبعة من تحت الركام، حيث تمكنوا بعد عناء شديد من تحطيم فتحة صغيرة في جدار سطح الباطون بواسطة معدات بدائية وإخراجها من تحت الركام.

ثلاثة أيام على قيد الحياة

الطفلة تالا محمد من مخيم البريج وسط قطاع غزة، هي قصة أخرى لآلة الحرب الإسرائيلية، والتي نزحت قبل أيام إلى مخيم النصيرات في منزل أحد أقاربها، للوصول لملاذ آمن يبقيها على قيد الحياة.

وتقول الطفلة تالا لـ"وكالة سند للأنباء"، إنه في لحظات من الاطمئنان كانت تجلس مع أمها وإخوتها وفجأة تعرض المنزل ليلاً لقصف إسرائيلي، لم أعرف بداية ماذا حدث سوى رؤية الحجارة تتساقط فوق رأسي وجسدي.

وتضيف "بقيت ثلاث أيام تحت الركام، حاولت فيها أن ألقط أنفاسي بصعوبة، لكنه في نفس الوقت كانت الصعوبة الأكبر أنهم اعتقدوا أنني شهيدة عقب انتشال ابنة جيراننا والتي اختفت ملامحها واعتقدوا أنها جثتي، حيث قاموا بعملية الدفن وانتهاء الأمر.

وتوضح تالا، أنهم عادوا للبحث عنها عقب إخبار جارهم الحاج أبو محمد بأنه ابنته مفقودة منذ ساعة الحدث، وبعد عمليات البحث والتأكد توصلوا إلى أن الطفلة التي تم دفنها هي "لينا"، ولست أنا، حينها بدأ والدها بمعاودة البحث وإخراجها من تحت الركام.

وبعد أيام من المعاناة مع الألم والإصابة، وفشل محاولات إنقاذها في مستشفى شهداء الأقصى، وسط القطاع تمكنت تالا من الحصول على تحويلة طبية إلى المشافي التركية لمنع بتر قدمها وحل مشكلة جهاز الأعصاب لديها.