تتزايد يوماً بعد يوم، العديد من المبادرات المجتمعية في قطاع غزة والتي تهدف لتحفيف وطأة حرب الإبادة الإسرائيلية؛ التي دخلت شهرها العاشر على التوالي، وأوقفت جميع مناحي الحياة في القطاع المنهك أصلاً بسبب الحصار المفروض عليه منذ العام 2006.
ونبعت أهمية هذه المبادرات من خلال قناعات المجتمع الغزي، بأنه لا سبيل لهم سوى الاعتماد على أنفسهم في ظل عالم صامت متفرج لا يحرك ساكناً سوى مشاهدة الإبادة على شاشات التلفاز، فكانت من ضمن هذه المبادرات "الخيمة المتعددة الاستخدامات"، وسط القطاع والتي تخدم شريحة ما يقارب 1500 طالب وطالبة، و1500 سيدة.
وتقول المتحدثة باسم جمعية الإغاثة الزراعية، إلين أبو العطا، إن هذه المبادرة تأتي ضمن سلسة مبادرات مجتمعية تنفذها الجمعية، حيث جرى إنشاء خيم متعددة الاستخدامات في 5 مراكز إيواء.
وتضيف أبو العطا في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الهدف من المبادرة خلق مساحات للاستخدامات المتعددة داخل هذه المراكز من حيث النشطات الترفيهية للأطفال ونشاطات تعليمية، وجلسات تفريغ نفسي للسيدات وتقديم خدمة رعاية أولية داخل هذه المراكز، لتحسين جودة حياة النازحين داخل مراكز الإيواء.
فكرة المشروع..
من جانبها، تقول مديرة الخيمة التعليمية أماني سويدات، وهي إحدى القائمات على الخيم التعليمية ضمن مشروع الخيم متعدد الاستخدامات، إن فكرة المشروع جاءت بعد أن لوحظ وجود تشتت واضح لدى الأطفال، فقررنا تجميع الأطفال وإدخال لهم الأساليب التعليمية والترفيهية، وإعطائهم نبذة عن كيفية أن يتحدث الطالب عن مشاكله والانضباط داخل الخيمة.
وتوضح سويدات في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الفئة المستهدفة هي من عمر 5 سنوات حتى الصف السادس الابتدائي، كونها من أكثر الفئات مهمشة خلال الحرب وأصبحت تظهر لديهم عدم الانتظام وأساليب عشوائية، لافتة إلى سعادة الأطفال البالغة والتي باتت واضحة من خلال انتظارهم من الصباح الباكر على باب الخيمة التعليمية لتلقي التعليم.
ويبلغ عدد المنتسبين لديها ما يقارب 250 طالباً، وتم توزيعهم على عدة مجموعات تقوم بتعليمهم 22 معلمة، بحيث تبلغ المدة الزمنية للحصة ما يقارب نصف ساعة بسبب عدم وجود مكان آخر، معربة عن طموحها بأن يتم توسيع هذا المشروع لاستيعاب الفئات الأخرى المهمشة وإشراكها في الخيم التعليمية والأنشطة الإبداعية.
وأثنت سويدات، على جهود الاتحاد الأوروبي وجمعية الإغاثة الزراعية من خلال دعمهم لمثل هذه المشاريع التي تدعم الطلبة والسيدات على حد سواء.
وللسيدات نصيب..
ومن خلال تجول مراسل "وكالة سند للأنباء"، على مشروع الخيم متعددة الاستخدامات وسط مدينة دير البلح، حيث كانت تعقد ورشة عمل للسيدات حول أبرز المشاكل والهموم اليومية التي يتعرضن لها خلال الحرب تقول "أم شاهين" وهي إحدى السيدات المشاركات والنازحة من مدينة بيت حانون إلى مدينة دير البلح، إن ما دفعها للانضمام للمشروع هو ما تقدمه المبادرة لمساعدة الأطفال، وأساليب التعليم اليومية وإشغال أوقات فراغهم وكذلك حلقة حفظ القرآن، بالإضافة لمناقشة مواضيع إيجابية ومتنوعة مع السيدات، وورش عمل.
مبادرة النور التعليمية..
وفي السياق تقول مديرة الخيمة إكرام أحمد، والتي أطلقت على مشروعها مبادرة النور التعليمية، إن المبادرة يتم فيها دراسة المواد الأساسية وحلقة لتحفيظ القرآن وجلسات تفريغ نفسي للأطفال من خلال التلوين ومسارح الدمى ورواية القصص والموسيقى، وكذلك جلسات للسيدات والأمهات وأولياء أمور الطلبة من خلال التفريغ النفسي وسماع احتياجاتهم ومشاكلهم.
وتضيف أحمد في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الخيمة تضم 350 طفلاً من جميع أطفال المخيم وما يقارب 40 سيدة من خلال التفريغ النفسي وتخفيف ضغط الأشغال اليومية، وليس الهدف منها التعليم فقط وإنما حماية الطفل من الشارع وتغيير سلوكه قدر المستطاع بسبب ما يتعرض له من الظروف المحيطة بسبب أجواء، والاستماع لمشاكله من خلال الطفل نفسه أو والدته بمعنى أن تكون الخيمة بمثابة منزل آخر للطفل أو الوالدة.
آثار إيجابية..
من جانبها، عبرت الطالبة جنى اسليم والنازحة من مدينة تل الهوى بغزة إلى مدينة دير البلح وسط القطاع عن أمنيتها بالعودة لمدرستها الأساسية والعودة للحياة الطبيعية، مشيرةً إلى أنه رغم كل المعاناة حاولت أن تعود للدراسة واسترجاع ما تعلموه سابقاً.
وفي السياق، تقول الطالبة يارا جهاد مهنا والنازحة من مدينة النصر بغزة إلى مدينة دير البلح، إنها لديها إصرار كبير على التعليم والتعلم رغم قصف مدرستها بمدينة غزة وقررت الانضمام للخيم التعليمية بسبب انقطاعها عن الدراسة لشهور بسبب حرب الإبادة.
ويعرب الطالب عبد الكريم اللوح والنازح من شمال القطاع إلى وسط القطاع، إنه يشعر بسعادة بالغة في الانضمام للخيمة التعليمية والتي تركت أثراً إيجابياً لديهم، مشيراً إلى أن الأنشطة في الخيمة التعليمية متنوعة وترفيهية أيضاً كالمسابقات وتوزيع الجوائز.