كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، أن الحكومة البريطانية أوقفت إصدار تراخيص جديدة لمبيعات الأسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي وسط إجرائها مراجعة شاملة في ظل تصاعد الضغوط عليها على خلفية حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
وذكرت الصحيفة أن النائب العام البريطاني ريتشارد هيرمر تدخل في القرار الحكومي المرتقب بشأن حظر مبيعات الأسلحة البريطانية ل"إسرائيل"، في الوقت الذي يكافح فيه المسؤولون للتمييز بين الأسلحة "الهجومية" و"الدفاعية".
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها، إن هيرمر أبلغ مسؤولي وزارة الخارجية أنه لن يوافق على قرار حظر بعض مبيعات الأسلحة بشكل كامل حتى يتمكنوا من تحديد أي منها يمكن استخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي.
وبحسب الصحيفة فإن الصراعات القانونية في أعلى مستويات الحكومة هي السبب الرئيسي وراء تأخير اتخاذ القرار، الذي أصبح أكثر حساسية في الأسابيع الأخيرة مع تصاعد الأزمة في الشرق الأوسط.
ولم يعلق متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية على دور هيرمر، لكنه قال: "إن هذه الحكومة ملتزمة بدعم القانون الدولي. لقد أوضحنا أننا لن نصدر أي مواد قد تستخدم لارتكاب أو تسهيل انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي.
وأضاف أن "هناك عملية مراجعة مستمرة لتقييم مدى امتثال (إسرائيل) للقانون الإنساني الدولي، والتي بدأها وزير الخارجية منذ اليوم الأول لتوليه منصبه. وسنقدم تحديثًا بمجرد اكتمال عملية المراجعة هذه."
محاولة منع الأسلحة الهجومية
أطلق ديفيد لامي مراجعة حول ما إذا كان ينبغي للمملكة المتحدة أن تستمر في بيع الأسلحة لإسرائيل في ظل استمرار البلاد في هجومها على غزة .
وتحدث وزير الخارجية عن حظر بيع الأسلحة "الهجومية" ولكن السماح لمصنعي الأسلحة بمواصلة توريد الأسلحة "الدفاعية".
وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة تصدر إلى (إسرائيل) معدات عسكرية بقيمة 18 مليون جنيه إسترليني فقط كل عام، فإن الحكومة الإسرائيلية حساسة تجاه أي تلميح إلى أن بريطانيا تعتقد أن (تل أبيب) انتهكت القانون الإنساني الدولي.
ويقال إن بنيامين نتنياهو منزعج بالفعل من قرار لامي بسحب اعتراض المملكة المتحدة على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضده. والآن يراقب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن كثب نتائج مراجعة الأسلحة البريطانية.
وكان من المتوقع أن يعلن لامي نتائج مراجعته قبل أن يغادر أعضاء البرلمان لقضاء إجازتهم الصيفية. ولكن القرار تأخر لأن كبار أعضاء الحكومة غير متأكدين من قدرتهم على الدفاع عن التمييز بين الهجوم والدفاع في المحكمة.
ويقوم المسؤولون بفحص كل نوع من أنواع أنظمة الأسلحة على حدة في محاولة لتحديد الغرض الذي تم استخدام كل منها من أجله.
وقد أخبر هيرمر، المسؤولين أنهم بحاجة إلى التأكد من أن أي سلاح لا يزال يُباع لم يُستخدم في انتهاك القانون الإنساني الدولي.
ومن المفهوم أيضًا أن ستارمر يلعب دورًا نشطًا في عملية صنع القرار، على الرغم من أن المراجعة تجري رسميًا من قبل وزارة الخارجية.
ويحرص المسؤولون على تجنب تكرار ما حدث في عام 2019، عندما قضت محكمة الاستئناف بأن مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية غير قانونية وأن الوزراء لم ينظروا في ما إذا كانت قد استخدمت لانتهاك قانون حقوق الإنسان في اليمن.
دعوى قضائية
في الأسبوع الماضي، تقدمت مجموعة من المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان بدعوى إلى المحكمة العليا تتهم الحكومة بالتصرف بشكل غير عقلاني برفضها حظر مبيعات الأسلحة.
وكجزء من دعواهم، قدموا أكثر من مائة صفحة من شهادات الشهود التي تتضمن مزاعم بأن الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب وتركوا دون علاج في المستشفى ولم يتمكنوا من الفرار من القصف العنيف.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على العملية: "القانون الإنساني الدولي غامض، لكنه يقول إننا بحاجة إلى إظهار أننا أخذنا في الاعتبار كل الاحتمالات. ولهذا السبب فإن العائق الرئيسي هنا قانوني، وليس دبلوماسيا".
وبينما تستمر عملية المراجعة، يبدو أن الحكومة أوقفت إصدار تراخيص جديدة لمبيعات الأسلحة إلى (إسرائيل). ويقال إن المصدرين الذين يتقدمون بطلبات للحصول على تراخيص جديدة يتلقون رسائل من وزارة الأعمال والتجارة تفيد بتعليق الطلبات إلى حين اكتمال عملية المراجعة.
ورغم هذا فإن التأخير في إجراء المراجعة تسبب في استياء بعض قطاعات الحكومة البريطانية. ففي وقت سابق من هذا الشهر استقال دبلوماسي بريطاني في دبلن من منصبه لأن الوزراء لم يحظروا بعد مبيعات الأسلحة إلى (إسرائيل).
وأكد الدبلوماسي مارك سميث لهيئة الإذاعة البريطانية أنه يعتقد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "ترتكب جرائم حرب أمام أعين الجميع".