بعد عدوان إسرائيلي استمر ليومين تخلله حصار مشدد، انسحبت قوات الاحتلال من مخيم نور شمس وشرقي طولكرم؛ مخلفةً دمارًا واسعًا في البنى التحتية والشوارع والمنازل وكبّدت الأهالي معاناة مضاعفة.
هذا الاجتياح، صنّفه الاحتلال أنه يأتي ضمن "عملية عسكرية" بدأها فجر الأربعاء الماضي وشملت في محافظات طولكرم وجنين وطوباس شمالي الضفة، هي الأوسع منذ العام 2002؛ وأسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين.
وفي روايته لمراسلة "وكالة سند للأنباء" تحدث أحد سكان "نور شمس"، عما فعله جيش الاحتلال بالمخيم خلال فترة الاجتياح الذي وصفه بـ "الكبير" وجاء بعد حملة تحريض إسرائيلية، باعتباره حاضنة قوية للمقاومة.
وقال شاهد عيان إنّ قوات الاحتلال دهمت مخيم نور شمس فجر الأربعاء ، بداية، بآليات عسكرية من ضمنها جرافات "D9"؛ قبل أن يفرضوا طوقًا أمنيًا على المخيم، تزامنًا مع نشر قناصة على أسطح البنايات.
استخدام طفلة "درع بشري"..
ولفتت النظر إلى أن الاحتلال استخدم طفلة بعمر 10 سنوات كـ "درع بشري"، وأجبروها على التقدم أمامهم وطرق أبواب المنازل وفتحها في حارة المنشية، قبل أن يقتحموها، واستمر ذلك لساعتين.
ونوه إلى أن بعض البيوت اقتحمها الاحتلال وجمع أفرادها بغرفة واحدة دون السماح لهم بالحركة أو تناول الطعام والشراب، وحطّم جنود الاحتلال محتويات المنازل واعتقلوا الشباب منها.
تفجير وإحراق المنازل..
وذكر أن الاحتلال فجّر بعض المنازل وأشعل في أخرى النار، بعد الخروج منها، مبينًا: "الحرائق كانت تمتد على بعض البيوت المجاورة دون المقدرة على السيطرة عليها".
ووفقًا لما أفاد شاهد العيان، فإن قوات الاحتلال منعت طواقم الدفاع المدني وفرق الإغاثة من الدخول إلى مخيم نور شمس للسيطرة على الحرائق، واستهدفتها بالرصاص.
وأوضح "ضيف سند": "أحد البيوت التي أشعل الاحتلال النار فيها كان بجانبه محل لبيع أسطوانات غاز الطبخ، ومنازل مأهولة بالسكان، والنيران امتدت للمنازل المجاورة؛ وتم السيطرة على النيران قبل وصولها لمحل الغاز وتجنب كارثة حقيقية".
واستطرد: "نتيجة لهذا الحريق أصيب بعض المواطنين بعمارة مجاورة بالاختناق، والاحتلال رفض السماح للطواقم الطبية والدفاع المدني بالدخول لإخلائهم".
وأشار إلى أن "بعض الشبان تحركوا على مسؤوليتهم الخاصة، وتطوعوا لإخماد الحريق وسيطروا عليه بشكل جزئي، وعندما حاولوا إخلاء سكان العمارة تعرضوا لإطلاق نار من قبل قناصة الاحتلال".
واستهدفت قوات الاحتلال، خلال الاقتحام، خطوط المياه في المخيم؛ ما أدى لانقطاع الماء عن العديد من المناطق، كما قُطع التيار الكهربائي عن بعض المنازل.
وأجبرت قوات الاحتلال بعض العائلات على إخلاء منازلها والتوجه إلى الشارع الرئيسي قرب مخيم نور شمس؛ قبل أن تمنعهم الآليات من التقدم قرب الشارع الرئيسي وتُعيدهم مرة أخرى لداخل المخيم؛ "جنود الاحتلال منعوا المواطنين من الوصول لمنازلهم وأجبروهم على البقاء في الطرقات".
وقال السكان المحليون في روايات استطلعتها "وكالة سند للأنباء" حول العدوان على مخيم نور شمس، إن قوات الاحتلال فجّرت عددًا من المنازل داخل المخيم دون إخلاء المواطنين من المنازل المجاورة لها.
وأوضح السكان: "في حارة العيادة بالمخيم، فجر جنود الاحتلال منزل الشهيد عبد الجبار صباغ (الدحروكي)، دون إخلاء المنزل المجاور له، ما أدى لاندلاع النيران في فناء المنزل؛ قبل أن يتمكن الأهالي من السيطرة عليها وسط خطر خروجهم على الساحة بسبب تواجد القناصة".
تحقيق ميداني وتعذيب..
ونبهت المصادر إلى أن الاحتلال اعتقل مواطنًا وأبناءه من منزلهم في حي المنشية بـ "نور شمس"، ونقلوهم لمركز تحقيق ميداني بساحة البلعاوي عند دوار سيف بالمخيم".
واعتقلت قوات الاحتلال، خلال الاقتحام، عددًا من الشبان واعتدت عليهم بالضرب المبرح. وأكدت المصادر: "العديد من الشبان أفرج عنهم ونقلوا لطواقم الإسعاف نتيجة ما تعرضوا له من أذى وتعذيب".
واستطردت: "بعض الشبان نقلهم الاحتلال لمعسكر تسانيعوز، وعرضو عليهم جثامين الشهداء المحتجزة، من ضمنهم قائد كتيبة طولكرم الشهيد محمد جابر (أبو شجاع)، ويقولون لهم: قتلنا لكم أبو شجاع".
وبعد أربع محاولات اغتيال من الاحتلال استشهد أمس الخميس قائد كتيبة طولكرم محمد جابر المعروف بـ"أبو شجاع"، وعدد من رفاقه واحتجز الاحتلال جثامينهم.
وفي رواية أحد الشبان أفاد أنهم اعتقلوه من دوار العليمي ونقلوه إلى ساحة البلعاوي (مركز تحقيق ميداني)، ثم اعتدى عليه جنود الاحتلال بالضرب المبرح لأنه قال إنه من فلسطين، وحاول الضابط الإسرائيلي إجباره على القول إنه من "إسرائيل".
يُذكر أنّ الضفة الغربية تشهد تصاعدًا في عمليات الاقتحام الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة قبل عشرة أشهر، ووفقًا لمصادر طبية فلسطينية، خلفت هذه الاعتداءات أكثر من 667 شهيدًا وأكثر من 5600 جريح منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.