بالتزامن مع مرور عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة، تتعامل الحكومة الفرنسية بطريقة أكثر حدة مع الناشطين والمتضامنين مع القضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة.
ومن خلال منع التظاهر يثير تزايد قمع أنشطة الدعم لفلسطين في فرنسا قلق المدافعين عن الحريات العامة والجمعيات المناهضة لإسرائيل المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.
وقد استدعى النظام القضائي الفرنسي عددا من السياسيين والنقابيين والناشطين والفنانين إلى المحاكمة، بعد إدلائهم بتصريحات لصالح القضية الفلسطينية أو إدانتهم للسياسة الإسرائيلية.
وتعتبر رئيسة حزب "فرنسا الأبية" في الجمعية الوطنية، ماتيلد بانو، والنائبة الفلسطينية في البرلمان الأوروبي، ريما حسن، من أبرز الشخصيات التي تم استدعاؤها من قبل الشرطة القضائية في إطار التحقيقات بتهمة دعم الإرهاب في أبريل/نيسان الماضي.
واعتقلت السلطات الفرنسية الناشط المؤيد لفلسطين، إلياس دي إمزالين، ومن المقرر إحالتها إلى القضاء في 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري عقب استخدامه كلمة "انتفاضة" في مظاهرة بباريس، واتهامه بالدعوة إلى انتفاضة مسلحة.
وتعليقا على ذلك، قالت رئيسة منظمة "أوروـ فلسطين" الناشطة أوليفيا زيمور، التي اعتقلت بسبب مقالاتها ونشاطها بتهمة التحريض على الإرهاب، إن كلمة "انتفاضة" أصبحت محظورة بشدة خلال الاحتجاجات رغم أن التسمية تعود إلى "انتفاضة الحجارة في فلسطين".
واستنكرت "زيمور"، في حديث إعلامي، ما يجري بالقول إن "استمرار إسرائيل في استخدام الأسلحة ضد المدنيين لمدة عام لا يصدم أحدا، بل ويستمرون في الادعاء بأن لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكن عدم إدانة حماس باعتبارها منظمة إرهابية، أو التحدث عن حق الانتفاضة أو تحرير فلسطين، فهو أمر مرفوض بشدة في فرنسا".
وعن الشعارات المستخدمة في المظاهرات، أوضحت زيمور أن "الإبادة الجماعية" لا تزال محل خلاف، "لأنهم يعتبرون أنها مخصصة للإبادة الجماعية لليهود فقط، وكل من يستخدمها خارج هذا السياق يُتهم بمعاداة السامية".
وتعتبر فرنسا الدولة الأوروبية الوحيدة التي حظرت المظاهرات لمدة 3 أسابيع تقريبا قبل أن تستسلم الحكومة بعد فوز الجمعيات المؤيدة لفلسطين بالاستئناف أمام المجلس الإداري ضد هذا المنع، وإصرار الناشطين على التظاهر حتى مع فرض غرامات قدرها 135 يوروا وتعرضهم للاعتقالات.
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم الاحتجاجات الداعمة لغزة يُسمح به في أغلب الأحيان داخل أحياء الطبقة العاملة مثل ساحة الجمهورية أو باربيس وكليشيه، في حين يُمنح حق التظاهر للإسرائيليين أو الداعمين لإسرائيل في أرقى الأحياء، مثل جادة الشانزيليزيه أو ساحة تروكاديرو القريبة من برج إيفل الذي أضيء بألوان إسرائيل مرتين، تحت حراسة أمنية مشددة.
كما تم تقييد عمل المنظمات والجمعيات الداعمة للقضية الفلسطينية بالحظر طوال فترة الألعاب الأولمبية بباريس، ومُنع رفع العَلم الفلسطيني في أي مناسبة رياضية.
وبدعم أمريكي مطلق يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 140 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل مجازرها بغزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.