لا زالت مخيمات النزوح في قطاع غزة تعُج بالخير والأمل وسط الركام والدمار وقِلة الحيلة، منتهجةً سبيل العلم لإحياء ما دمرته الحرب الإسرائيلية على مدار 14 شهراً من مرافق ومؤسسات تعليمية، واستهداف لكوادر المعلمين والطلبة؛ إلا أنَّ مبادرات العلم قائمةً لتُحيي حرفاً وتهدم جهلاً كاد يطرق الأبواب.
وفي إطار إحياء العلم، شرعت مؤسسة "فكر فلسطين"، بإطلاق مبادرة تستهدف دعم العملية التعليمية في قطاع غزة؛ لاستئنافها من خلال توفير الأجهزة والتقنيات اللازمة لدعم التعليم كبديل عملي في ظل التحديات الميدانية القائمة.
وتأتي هذه المبادرة في ظل تدمير آلة الحرب الإسرائيلية 123 مدرسة وجامعة بشكل كامل، و335 بشكل جزئي، إضافة لاستشهاد أكثر من 750 من المعلمين والمعلمات العاملين في القطاع التعليمي، وأكثر من 11 ألفاً و500 طالب وطالبة في جميع المراحل الدراسية، وذلك وفقاً لإحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم في غزة.
ويستلهم عامر كردي أحد القائمين على مبادرة "بدي أتعلم.. أنا المستقبل" فكرة المشروع، من الحاجة المُلحة لتوفير بيئة تعليمية مستقرة ومستدامة للأطفال الذين يعانون من انقطاع التعليم بسبب الظروف الصعبة.
التعليم التزام طويل الأمد..
ويقول "كردي" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، "إن التعليم بالنسبة لنا ليس مجرد أولوية، بل هو التزام طويل الأمد تجاه أطفال غزة ومن خلال هذه الجهود، نسعى لتمكين الأجيال القادمة".
وتستهدف المبادرة التي انطلقت في شهر يونيو/ حزيران الماضي في مواصي القرارة جنوب قطاع غزة، الأطفال من الفئة العمرية من 5 إلى 7 سنوات.
وبحسب "الكردي"، فإن الفئة المستهدفة هي الأطفال من عمر 5 إلى 6 سنوات وهي الصف التمهيدي، وعمر 6 إلى 7 سنوات، وهي الصف الأول.
ويُكمل، تمتد المبادرة أربعة أيام في الأسبوع من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، وتستمر مدة 10 أسابيع.
ويتم خلال المبادرة تعلم المواد وهي "الحروف الأبجدية باللغتين العربية والإنجليزية، الكتابة والقراءة، كذلك الحساب "الرياضيات"، إلى جانب مجموعة من الأنشطة اللامنهجية، وفقاً لحديث ضيفنا.
بدورها، توضح المعلمة لينا غبيش أن المبادرة ماضيةٌ في مرحلتها الثانية التي بدأت في أيلول/ سبتمبر الماضي بمعدل 100 طالب، بينما كانت المرحلة الأولى في شهر حزيران بواقع 50 طالباً فيها.
وتُشير إلى أن مبادرة "بدي أتعلم.. أنا المستقبل"، لاقت إقبالاً كبيراً من الأطفال وأسرهم، وحماسًا كبيرًا للمشاركة في البرنامج واستفادتهم من الأنشطة التعليمية.
مشقة وصعوبات..
ولا تخلو أي فكرة من مشقة وصعوبات، فكان أبرز ما واجهه فريق "فكر فلسطين" في تنفيذ مبادرتهم، صعوبة توفير بنية تحتية مناسبة داخل المخيمات، كذلك نقص الموارد المادية والبشرية تبعًا لضيفتنا.
وتستدرك "غبيش" خلال حديثها لمراسلتنا، "لكننا تمكنا من تجاوز هذه العقبات من خلال توفير أماكن للتعليم ومدرسين، كما نعمل حالياً على تأمين التمويل اللازم لتوسيع نطاق المبادرة لتشمل مخيمات أخرى في قطاع غزة".
وتزيد "نسعى لتطبيق النموذج الناجح الذي استخدمناه في المرحلة التجريبية بهدف تحقيق أثر إيجابي على نطاق أوسع، ونأمل أن نتمكن من دعم المزيد من الأطفال وأسرهم".
796 مدرسة..
تدهور العملية التعليمية في غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لم يكن مقتصرًا على دمار المدارس فحسب، بل امتد ليشمل الأثر النفسي العميق الذي تركته الحرب على الطلاب والمدرسين على حد سواء.
ويقول مدير عام وحدة العلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم في غزة أحمد النجار، إنه قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، كان قطاع غزة يستوعب 800 ألف طالبة وطالبة في 796 مدرسة.