الساعة 00:00 م
السبت 19 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

"نتنياهو" والمفاوضات بشأن حرب غزة.. "لعبة تضييع الوقت"

ساهم في رفع نسبة الضحايا المدنيين بشكل قياسي

ترجمة خاصة.. واشنطن بوست: "إسرائيل" أنشأت "مصنع ذكاء اصطناعي" للحرب واستخدمته في غزة

حجم الخط
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء (ترجمة خاصة)

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أنشأت “مصنع ذكاء اصطناعي” للحرب واستخدمته في غزة خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة الأمر الذي ساهم في رفع نسبة الضحايا المدنيين بشكل قياسي.

وذكرت الصحيفة أنه قبل سنوات من حرب غزة، حولت "إسرائيل" وحدة استخباراتها إلى ساحة اختبار للذكاء الاصطناعي، مما أثار جدلاً بين كبار القادة حول ما إذا كان البشر مشاركين بشكل كافٍ في العمليات.

وأشارت إلى أنه مع بدء حرب الإبادة، أغرقت قوات الاحتلال غزة بالقنابل، مستعينة بقاعدة بيانات تم جمعها على مر السنين تضمنت عناوين منازل، أنفاقًا، وبنية تحتية أخرى، لكن سرعان ما نفدت “بنك الأهداف”.

وللحفاظ على وتيرة الحرب السريعة، لجأت قوات الاحتلال إلى أداة ذكاء اصطناعي متقدمة تُدعى “البشارة” أو “الإنجيل”، والتي يمكنها بسرعة توليد مئات الأهداف الإضافية.

وقد سمح استخدام الذكاء الاصطناعي لقوات الاحتلال بمواصلة حربها دون انقطاع، فيما يُعد ذلك مثالًا على كيف ساهم البرنامج الذي استمر لعقد من الزمن في وضع أدوات الذكاء الاصطناعي في قلب عمليات استخبارات إسرائيلية في الحرب المتواصلة منذ أكثر من 14 شهرًا.

التطور التدريجي لاستخدام الذكاء الاصطناعي

تبنت قوات الاحتلال علنًا وجود هذه البرامج، التي يعتبرها بعض الخبراء المبادرة العسكرية الأكثر تقدمًا في الذكاء الاصطناعي على الإطلاق.

لكن تحقيقًا أجرته صحيفة واشنطن بوست يكشف تفاصيل غير معروفة من قبل عن كيفية عمل هذا البرنامج القائم على التعلم الآلي، إلى جانب تاريخ تطوره السري الذي استمر لعقد من الزمن.

يكشف التحقيق أيضًا عن جدل حاد داخل أعلى مستويات القيادة العسكرية، بدأ قبل سنوات من 7 أكتوبر، بشأن جودة المعلومات الاستخباراتية التي يجمعها الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت التوصيات التي يقدمها تخضع للتدقيق الكافي، وما إذا كان التركيز على الذكاء الاصطناعي قد أضعف قدرات الاستخبارات التقليدية للقوات الإسرائيلية.

تزايد عدد الضحايا ومخاوف حول الذكاء الاصطناعي

يعتقد بعض النقاد الداخليين أن برنامج الذكاء الاصطناعي كان قوة خلف الكواليس ساهمت في تسريع عدد الشهداء في غزة، الذي وصل الآن إلى 45,000 شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.

ويشير أشخاص مطلعون على ممارسات القوات الإسرائيلية، بما في ذلك جنود خدموا في الحرب، إلى أن الجيش الإسرائيلي وسّع بشكل كبير عدد الضحايا المدنيين المقبول مقارنة بالمعايير التاريخية.

ويعتقد البعض أن هذا التغير ممكن بسبب الأتمتة، التي جعلت من السهل بسرعة كبيرة توليد كميات كبيرة من الأهداف، بما في ذلك الأهداف ذات المستوى المنخفض من المقاومين الذين شاركوا في هجوم طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023.

واعتمد تقرير واشنطن بوست على مقابلات مع أكثر من 12 شخصًا مطلعين على الأنظمة، والعديد منهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة التفاصيل المتعلقة بالأمن القومي السري، بالإضافة إلى وثائق حصلت عليها الصحيفة.

وقال ستيفن فيلدشتاين، الزميل الأول في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، الذي يبحث في استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب: “ما يحدث في غزة هو مقدمة لتغير أوسع في كيفية خوض الحروب”.

وأكد أن القوات الإسرائيلية خفضت النسبة المقبولة للضحايا المدنيين أثناء الحرب على غزة، لافتا إلى أنه "عند الجمع بين التسريع الذي تقدمه هذه الأنظمة – والأسئلة المتعلقة بالدقة – تكون النتيجة النهائية هي عدد أكبر من الضحايا مما كان يُتصور في الحروب السابقة".

وأوضح مسؤول استخباراتي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أن “أنظمة معالجة البيانات الضخمة” تتطلب توقيع ضابط على أي توصيات تقدمها. وأضاف أن “البشارة” وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى لا تتخذ قرارات بشكل مستقل.

شهدت وحدة الاستخبارات 8200، المعروفة بقدراتها الفائقة في الإشارات الاستخباراتية، تغييرات كبيرة منذ عام 2020 تحت قيادة يوسي سارئيل، الذي أجرى تحولات جوهرية في عمل الوحدة وممارسات جمع المعلومات الاستخباراتية.

تبنى سارئيل تطوير “البشارة”، وهو برنامج تعلم آلي يعتمد على مئات الخوارزميات التنبؤية، يتيح للجنود استجواب كميات ضخمة من البيانات المعروفة داخل الجيش باسم “المسبح”.

يستعرض البرنامج البيانات من الاتصالات الملتقطة، ولقطات الأقمار الصناعية، ووسائل التواصل الاجتماعي، ويستخرج إحداثيات الأنفاق، والصواريخ، والأهداف العسكرية الأخرى.

وتتم مراجعة التوصيات التي ينجح محللو الاستخبارات في التحقق منها من قبل ضابط كبير قبل إضافتها إلى بنك الأهداف.

التسريع مقابل الدقة

صرّح مسؤول عسكري سابق شارك في العمل على الأنظمة بأن البرنامج استطاع ضغط أسبوع من العمل إلى 30 دقيقة باستخدام أدوات التعرف على الصور.

على سبيل المثال، استطاع الجنود اكتشاف تغييرات طفيفة في صور الأقمار الصناعية على مدى سنوات تشير إلى أن فصائل المقاومة دفنت قاذفة صواريخ أو حفرت نفقًا جديدًا في الأراضي الخالية في قطاع غزة.

أداة أخرى تُدعى “لافندر” تستخدم خوارزميات لتحديد مزاعم احتمالية انتماء شخص فلسطيني إلى أحد فصائل المقاومة.

يمكن للبرنامج بسرعة إنشاء قائمة ضخمة من الأهداف البشرية المحتملة. وتشمل أدوات أخرى أسماء مثل “الكيميائي” و”عمق الحكمة” و”الصياد”، بالإضافة إلى أداة “التدفق” غير المعلن عنها سابقًا، والتي تتيح للجنود استجواب مجموعات بيانات متعددة.

مخاوف داخلية من أخطاء متكررة

أثار بعض قادة وحدة 8200 القلق بشأن التكنولوجيا. أشارت مراجعة داخلية إلى أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بمعالجة اللغة العربية كانت تحتوي على أخطاء، مثل عدم فهم كلمات أو عبارات عامية رئيسية.

كما أظهرت تقارير أن قادة كبار لم يكونوا على دراية بما إذا كانت التوصيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي أو التحليل البشري.

ووفقًا لاثنين من القادة العسكريين السابقين، فإن التركيز المفرط على التكنولوجيا أضعف “ثقافة التحذير” داخل الوحدة، مما جعل من الصعب على المحللين التحذير بشأن التهديدات الناشئة. واعتبر بعضهم أن ذلك كان سببًا رئيسيًا في عدم استعداد الاحتلال لهجوم 7 أكتوبر.

أفادت مصادر بأن استخدام الذكاء الاصطناعي في غزة ساعد في تسريع قرارات الاستهداف. ومع ذلك، أبدى بعض الجنود مخاوف بشأن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا.

على سبيل المثال، أداة “لافندر” تستخدم مؤشرات مثل الانتماء إلى مجموعات واتساب معروفة، أو تغيير العناوين بشكل متكرر لتحديد أهداف بشرية.

في الأيام الأولى للحرب، كان مصنع الأهداف يعمل بكامل طاقته، مع حوالي 300 جندي يعملون على مدار الساعة.

وذكر أحد الجنود أن القواعد التي كانت تتطلب قطعتين من المعلومات البشرية لتأكيد هدف تم تخفيضها إلى واحدة، وأحيانًا لم يكن هناك تحقق إضافي على الإطلاق.

وتثير هذه الممارسات أسئلة حول مدى الامتثال للقانون الدولي الإنساني، الذي يلزم الأطراف المتحاربة بضرورة التوازن بين المكاسب العسكرية المتوقعة والأضرار الجانبية المحتملة للمدنيين.

قال خبير الذكاء الاصطناعي هايدي خلاف إن الأنظمة الحالية تحتوي على أخطاء مدمجة تجعلها غير مناسبة لاتخاذ قرارات تتعلق بالحياة والموت.

الثقافة المتغيرة داخل وحدة 8200

 

تحت قيادة سارئيل، أُعيد تنظيم وحدة 8200 لتصبح أكثر تركيزًا على التكنولوجيا. أصبح 60% من موظفي الوحدة في عام 2023 يعملون في أدوار تتعلق بالهندسة والتكنولوجيا، أي ضعف ما كان عليه الحال قبل عقد من الزمن.

وقد أدى ذلك إلى تقليص عدد المحللين اللغويين والفرق التي تركز على تحليل البيانات التقليدية، وإحلال التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي محل العمليات البشرية في كثير من الأحيان.

لكن هذا التحول أثار جدلاً داخليًا. أعرب قادة سابقون عن قلقهم من أن التركيز على التكنولوجيا قد أدى إلى تآكل الثقافة التقليدية للوحدة، التي يفترض أنها تركز على التحذير والتفاعل السريع مع التهديدات الناشئة.

قال صحفي إسرائيلي يعمل على تأليف كتاب عن وحدة 8200: “القضية الأساسية هي أنك لا تستطيع استبدال الشخص الذي يصرخ ‘انتبه، هذا خطير’ بكل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في العالم. لقد كانت هذه هي الغطرسة التي أصابت الوحدة بأكملها.”

ويتطلب القانون الإنساني الدولي من الأطراف المتحاربة تحقيق التوازن بين المكاسب العسكرية المتوقعة والأضرار الجانبية للمدنيين. ومع ذلك، فإن المعاهدات الدولية لا تتناول صراحة استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب.