سلطت صحيفة بوليتيكو الأمريكية الضوء على الجدل المستمر بشأن احتمال سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى خارج دولة الاحتلال في ظل صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى محاولات رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ضمان المرور الآمن لنتنياهو للسفر إلى حفل لإحياء الذكرى الثمانين لتحرير معسكر أوشفيتز-بيركيناو، على الرغم من مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضده.
وصرح توسك للصحفيين قبل يومين "أؤكد، سواء كان رئيس الوزراء أو الرئيس أو وزير التعليم - كما يتم الإعلان عنه حاليًا - في (إسرائيل)، أن كل من سيأتي إلى أوشفيتز للاحتفالات سيتم ضمان سلامته ولن يتم احتجازه".
وجاء في قرار نشره مكتب توسك: "تعتبر الحكومة البولندية المشاركة الآمنة لقادة (إسرائيل) في احتفالات 27 يناير 2025، كجزء من تكريم الأمة اليهودية".
وجاءت هذه التأكيدات بعد أن طلب الرئيس البولندي أندريه دودا، من حزب القانون والعدالة المعارض، هذا الأسبوع من الحكومة السماح لنتنياهو بحضور الحدث.
وكتب دودا إلى حكومة توسك يطلب فيها عدم اعتقال نتنياهو إذا وطأت قدمه الأراضي البولندية لحضور الاحتفال، الذي سيقام في 27 يناير/كانون الثاني.
الجنائية تؤكد ضرورة اعتقال نتنياهو
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وتعني مذكرة المحكمة الجنائية الدولية أنه يمكن اعتقال نتنياهو إذا سافر إلى أي من الدول الـ 120 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية - على الرغم من أن بعض الدول، بما في ذلك فرنسا والمجر، أعلنت أنها لن تعتقله .
وقالت المحكمة الجنائية الدولية في بيان لوسائل الإعلام يوم الجمعة إن الدول الأعضاء لديها "ملزمة قانونا" بتنفيذ قراراتها .
وذكرت المحكمة أنها تعتمد على الدول لضمان تنفيذ قراراتها، مضيفة أن "الدول لا يمكنها أن تحدد بشكل أحادي صحة القرارات القانونية التي تصدرها المحكمة.
وبحسب وكالة الأنباء البولندية "إنتيريا"، التي حصلت على نسخة من رسالة دودا ، كتب الرئيس: "يتعين على حكومة بولندا أن تضمن [لنتنياهو] إقامة غير مضطربة على أراضي بلادنا في هذه الظروف الاستثنائية تمامًا".
ولم يعرب نتنياهو علنا عن رغبته في حضور الاحتفال، ولم تتم دعوته للقيام بذلك من قبل منظمه متحف أوشفيتز، الذي قال لوسائل الإعلام البولندية إنه وجه الدعوات فقط إلى ناجين من الهولوكوست.
ومؤخرا قال مقرر الأمم المتحدة المعنيّ بالنظام الدولي، يروغوس كاتروغالوس، إن عدم تنفيذ مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه، يوآف غالانت، هو "انتهاكٌ للقانون الدولي".
وأكد "كاتروغالوس"، في تصريحات إعلامية له أن قرار الجنائية الدولية باعتقال "نتنياهو" و"غالانت" يظهر بكل وضوح ارتكاب جرائم في فلسطين.
وبيّن أن كل من تصدر مذكرة اعتقال ضده "يجب أن يتم اعتقاله إذا كان موجودًا على أراضي دولة وقّعت وصادقت على نظام روما الأساسي، والتصرُّف بشكل مختلف سيكون انتهاكًا جديدًا للقانون الدولي، مثل الاستمرار في بيع الأسلحة لإسرائيل".
وأوضح "كاتروغالوس"، أن المادة 37 من نظام روما الأساسي تنص بوضوح على أن رؤساء الدول والحكومات الذين يرتكبون الجرائم لا يتمتعون بالحصانة.
وفي سابقة تاريخية، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق "نتنياهو" و"غالانت"، مؤكدةً أنّ هناك أسبابًا منطقية للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب، وأشرفا على هجمات ضد المدنيين، بما يشمل استخدام الجوع كسلاح، ورأتّ أنّ قبول "إسرائيل" باختصاص المحكمة غير ضروري.
وتُعد مذكرة الاعتقال بحق "نتنياهو" و"غالانت" أول مرة تستهدف فيها المحكمة الجنائية الدولية شخصية تعد حليفا وثيقا للولايات المتحدة، منذ احتلال "إسرائيل" لأرض فلسطين، والتي توصف بأنها دولة محمية من المساءلة، وأن قادتها يتمتّعون بالمناعة ضد أية ملاحقة.