يشهد شمال الضفة الغربية تصعيدًا عسكريًا واسعًا بعد أن وسّع جيش الاحتلال عملياته من مدينة جنين ومخيمها إلى طولكرم والمناطق المحيطة، وسط اشتباكات عنيفة مع فصائل المقاومة الفلسطينية التي تصدت لمحاولات التوغل الإسرائيلي بعمليات نوعية على أكثر من محور.
ففي طولكرم، حذر رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة، من تصاعد عمليات النزوح من المخيم، تحت التهديدات الإسرائيلية، في ظل مواصلة العدوان على مدينة ومخيم طولكرم، لليوم الثاني على التوالي.
وأكد سلامة لوكالة سند للأنباء أن أكثر من ألف لاجئ نزحوا من المخيم، تحت تهديد السلاح الإسرائيلي، من أصل نحو 15 ألفًا، ولم يتمكنوا من إخراج حاجياتهم وأغراضهم الشخصية، وحوّل الجيش منازلهم إلى ثكنات عسكرية.
وأشار أن تلك العائلات خرجت فقط بملابسها، دون تمكنها من اصطحاب أية أغراض شخصية أو أغطية وملابس، في ظل الأجواء الباردة.
وبين أن جرافات الاحتلال العسكرية تواصل عمليات التجريف والهدم وتخريب البنية التحتية في المخيم، إلى جانب استمرار الجيش في عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني، واتخاذ بعض الشبان كدروع بشرية.
ولفت سلامة إلى وجود نقص كبير في المواد التموينية والأدوية وحليب الأطفال، مناشدًا الجهات المسؤولة بذل مزيد من الجهود لتأمينها.
وأعلنت سرايا القدس-كتيبة طولكرم، صباح اليوم الثلاثاء، أن مقاتليها برفقة كتائب القسام وشباب الثأر والتحرير نصبوا عدة كمائن لقوات الاحتلال التي حاولت التسلل إلى المخيم من جهات متعددة.
وأكدت مصادر ميدانية محلية، تحقيق إصابات مباشرة في صفوف الجنود بعد استهدافهم بوابل كثيف من الرصاص والعبوات المتفجرة.
وامتدت الاشتباكات إلى محيط حاجز "تسناعوز" غرب طولكرم، حيث باغت المقاومون قوات الاحتلال المتمركزة هناك بإطلاق نار كثيف، مؤكدةً فصائل المقاومة مواصلة تصديها لمحاولات الاحتلال المتكررة، رغم القصف الجوي المكثف وتصعيد العمليات العسكرية.
وكانت مدينة طولكرم قد شهدت مساء أمس تصعيدًا خطيرًا، حيث فرضت قوات الاحتلال حصارًا مشددًا على مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي ومستشفى الإسراء، تزامنًا مع عمليات تجريف واسعة طالت مركز المدينة ومحيط الدوار الرئيسي.
وصرّح رئيس بلدية طولكرم رياض عوض لـ "وكالة سند للأنباء" أن جرافات الاحتلال اقتلعت أشجارًا وضربت محولًا رئيسيًا للكهرباء، ما تسبب في انقطاع التيار عن أجزاء واسعة من المدينة، كما استهدفت الاعتداءات الخط المغذي لشبكة المياه، ما اضطر البلدية إلى إغلاق المحابس الرئيسية ووقف إمداد المنازل بالمياه.
حصار جنين لليوم الثامن..
أما في جنين، تستمر المعارك الضارية بين المقاومة وجيش الاحتلال الذي يواجه هجمات مكثفة بالعبوات الناسفة وإطلاق النار المباشر خلال محاولاته اقتحام المخيم، وتسببت العمليات العسكرية في نزوح آلاف العائلات نتيجة التدمير الواسع للمنازل والبنية التحتية.
وقال الصحفي عميد شحادة، من مدينة جنين، إن الحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جنين يدخل يومه الثامن على التوالي، وسط عمليات عسكرية واسعة النطاق تشمل التهجير القسري للسكان والتدمير الممنهج للمنازل.
وأوضح "شحادة" في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء"، أن اليوم الأول من العدوان شهد ارتقاء أكبر عدد من المواطنين، حيث استشهد عشرة مدنيين خلال الساعات الأولى، وفي اليومين الثاني والثالث، بدأت قوات الاحتلال بطرد العائلات عبر إلقاء قنابل بين المنازل لدفعهم نحو الخروج من منطقة واحدة محددة مسبقًا.
وأضاف "شحادة"، أن الاحتلال وضع كاميرات إلكترونية لأخذ بصمات الوجه بهدف تنفيذ اعتقالات ممنهجة.
وأشار إلى أنه لم يتبقَّ في المخيم سوى عشر عائلات تقريبًا، تعمل قوات الاحتلال على طردها بشكل تدريجي.
ومنذ اليوم الرابع وحتى الثامن، كثّف الجيش عملياته العسكرية ليشمل تفجير وحرق وتجريف ما لا يقل عن 100 منزل، ما وصفه شحادة بـ"العقوبات الجماعية" بحق سكان المخيم.
وأكد شحادة أن الاحتلال احتجز جثامين ثلاثة شهداء من بين 16 فلسطينيًا قتلتهم قواته خلال العدوان الأخير، بينهم منفذون لعملية فندق.