تنهمك فاطمة أحمد (37 عاما) في إزالة مخلفات الحرب من أنقاض وردم وبقايا شظايا الصواريخ من شقتها بمدينة غزة، وتتلفت حولها عاجزة عن تحديد موعد زمني للانتهاء من تلك الأعمال الشاقة لهول الدمار الذي أصابها.
فعندما وصلت فاطمة إلى شقتها السكنية في حي تل الهوا غربي المدينة، فرحت لأنها وجدتها لا تزال قائمة ويمكنها العيش فيها، لكن قبل أن تسكنها كان يتوجب عليها القيام بالكثير من أعمال التنظيف وإزالة الردم وإصلاح العديد من الثغرات فيها، وهذا أمر صعب يحتاج إلى مجهود كبير.
وتسببت حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في 7 شهر أكتوبر/ تشرين أول 2023، بتدمير أجزاء واسعة من شقة فاطمة.
وتقول لـ"وكالة سند للأنباء": "وجدت ثغرة كبيرة في حائط الصالة فأصبحت مكشوفة تطل على الشارع مباشرة، وهناك فجوة أخرى في حائط غرفة ثانية".
وتتابع "أنظر لشقتي كأنها كنز ثمين لأنها قائمة، رغم الدمار والركام اللذين حلّا بها، فأنا أعد محظوظة من بين عشرات آلاف البيوت التي مسحت بشكل كامل، شمرت عن ساعدي، وأمسكت بمكنسة مهترئة، وبدأت في كنس الركام".
واستغلالاً للوقت، قررت فاطمة البدء بإعادة ترميم شقتها مباشرة لتتمكن من العيش فيها، بدلاً من عذاب الخيام ومعاناة المكوث في مدارس الإيواء، مع تحول معظم المنازل في قطاع غزة إلى أكوام من الأنقاض.
وغير بعيد عن شقة فاطمة، يسند محمد أيوب (55 عاما)، رأسه على حائط منزله في حي الزيتون واليأس يملأ قلبه، لا يعرف ماذا يفعل، لكن قراره ثابت فهو لن يغادر منزله ليعيش في خيمة أو مركز إيواء، رغم الخطر المحدق بأبنائه.
في بيت "أيوب"، كل شيء خراب، غرف النوم مليئة بالركام، والمطبخ تعرض لقصف مدفعي وسقط بالكامل، والحمام حائطه مهدم، والفتحات تتوسط سقف المنزل، ورغم ذلك قرر العيش وسط هذا الدمار.
يقول "أيوب"، لـ"وكالة سند للأنباء": "اضطرت لاستصلاح بيتي، رغم الخطورة العالية، لكني مجبر على ذلك، فلا توجد أي شقق سكنية صالحة للعيش".
وبعد أن انتهى "أيوب" من أول مهمة وهي إزالة الركام من منزله، اشترى قطعاً من النايلون المقوى وبعض الأخشاب ومسامير حديدية ومطرقة، وأخذ يغلق الثغرات في بيته.
وعلى سلم مصنوع من الحبال يتدلى من سطح منزله، تسلق "أيوب" محاولا إصلاح شبكة الصرف الصحي التي تعرضت للتدمير، وبعد عمل شاق استغرق أكثر من يومين، قفز فرحاً عن السلم الركيك وهتف "بيتي أصبح جاهزاً للعيش".
وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الأشغال العامة أول أمس الأحد، فإن من المتوقع أن يتجاوز عدد الوحدات السكنية المهدمة كلياً، أو تلك المتضررة جزئيا بشكل بليغ 280 ألف وحدة سكنية، جراء الحرب التي شنتها قوات الاحتلال على مدار أكثر من 15 شهرا.
وفي بيان اشتمل على أرقام حول عمليات التدمير الكبير التي طالت القطاع، ذكرت وزارة الأشغال أن عدد الحالات التي تم حصرها ميدانيا حتى الآن تبلغ قرابة 250 ألف وحدة سكنية؛ منها 170 ألف وحدة سكنية هدم كلي، و 80 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن.