قال حقوقيون أردنيون، إنه من الضروري بناء موقف عربي موحد وفاعل لمواجهة المخطط الأمريكي الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، معتبرين هذا المشروع يمثل "جريمة تطهير عرقي" ويمهد لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وكامل فلسطين المحتلة.
وأكد الحقوقيون في ندوة نظمها مركز دراسات الأمة والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان (وهما منظمتان غير حكوميتين)، اليوم الخميس، تحت عنوان "شروع التهجير الأمريكي الإسرائيلي للفلسطينيين من قطاع غزة"، وتابعتها "وكالة سند للأنباء"، على ضرورة تبني خطة فعالة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتوفير مقومات الحياة لسكانه.
وشدد المتحدثون خلال الندوة التي أدارها رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الأكاديمي رامي العياصرة، على أهمية تحصين الجبهة الداخلية ضد محاولات تحويل ملف التهجير إلى "أزمة داخلية مجتمعية"، مشيرين إلى ضرورة إبقائه في إطاره الحقيقي كـ"أزمة مع الإدارة الأمريكية".
ودعوا إلى وضع رؤية وطنية واضحة لدعم المقاومة الفلسطينية، والاستناد إلى "الإرادة الشعبية" في مواجهة هذه التهديدات.
من جانبه، أوضح الحقوقي وأستاذ القانون الدولي، الأكاديمي محمد علوان، أن ما يطرحه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من تهجير الشعب الفلسطيني في غزة ليس جديداً، بل سبق طرحه من قبل إدارات أمريكية سابقة، مؤكدًا أنه يمثل جريمة تطهير عرقي وتهجير قسري يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
وأشار الأكاديمي "علوان"، إلى أن الرأي الاستشاري الذي قدمته محكمة العدل الدولية قبل السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، يجرّم النقل القسري للأفراد، سواء بالآلة العسكرية أو دفعهم للهجرة عبر التضييق والحصار والظروف غير الملائمة للعيش.
ولفت إلى أن الأردن واستقبال المهجرين الفلسطينيين، في ظل تأكيده الدائم على حق العودة، وإدراكه أن قبول التهجير في غزة مقدمة للتهجير في الضفة الغربية، وربما لفلسطينيي الداخل في 48، وكل فلسطين المحتلة.
بدوره، حذّر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الحقوقي والأكاديمي عبد الله الأشعل، من أن ما طرحه "ترامب" حول التهجير يستند للعقلية "الصهيونية" التي تقوم على الإبادة وتفريغ فلسطين من سكانها، وعدم احترام القانون الدولي بإسناد أمريكي مطلق.
وأكد الحقوقي "الأشعل"، أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتهجير واستيلاء الكيان الصهيوني على كل فلسطين، لا سيما بعد 7 أكتوبر التي هزت أركان المشروع الصهيوني".
ودعا إلى أن "تتخذ القمة العربية موقفاً فاعلاً في وجه الضغوط الأمريكية، ولدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه في غزة، وأن يكون هذا الموقف الرافض لتهجير الفلسطينيين بالمطلق إلى أي دولة، وليس فقط الأردن ومصر.
حذّر من أن "نتنياهو يسعى للتخلص من الهاجس الذي تشكله غزة لأمن الكيان، مع التأكيد على أن التهجير سيجعل المنطقة في حالة غليان لن يستطيع أحد وقفها".
من جهته، أكد الوزير الأردني الأسبق، والحقوقي والأكاديمي صبري اربيحات، أن بلاده لا يمكن أن تقبل بمشروع التهجير الذي يهدد النظام السياسي للدولة ويمس شرعيته، لما يشكله هذا المشروع من تصفية للقضية الفلسطينية وإنهاء الوصاية الهاشمية على المقدسات.
وأوضح الوزير "الربيحات"، أن ما طرحه "ترامب" حول التهجير لا يزال مجرد فكرة ليست جديدة ولم تصل لمرحلة المشروع، وأن تطبيقها يعتمد على عدة عوامل، أبرزها الواقع الفلسطيني والواقع العربي والمنظومة الدولية، وإن القدرة على التحرك تجاه هذا الملف، قد يغير الواقع ويفرض حالة رفض عالمية.
وأشار إلى ضعف فاعلية التأثير الشعبي في ظل استمرار ممارسات محاصرته بشكل دائم، مع غياب العمل العربي المشترك في مواجهة "المشروع الصهيوني" بدعم غربي، والذي يواصل سعيه لتنفيذ مخططاته تجاه ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد وتجزئة الدول العربية، ليبقى الكيان الصهيوني متسيداً في المنطقة.
ومنذ 25 يناير الماضي، يروّج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
وتعمل مصر على بلورة خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، خشية تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير.
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي، بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وسط دمار هائل.