مع صباح كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك، يبدأ توافد العشرات من المحتاجين إلى تكية نابلس الخيرية، ويرابطون أمامها طلبا للحصول على وجبة تسد رمقهم عندما يحين موعد إفطار ذلك اليوم.
رجال ونساء وشيوخ، أصابهم الفقر، ولم يعودوا قادرين على توفير لقمة العيش لأنفسهم ولمن يعيلون، فوجدوا في تكية نابلس وغيرها من التكايا الخيرية ملاذا يُسكتون جوعهم بما تقدمه لهم من وجبات إفطار.
وتكية نابلس الخيرية التي أسستها لجنة زكاة نابلس عام 20212، واحدة من عدة تكايا تزايد عددها ونشاطها في السنوات الأخيرة لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الفقراء والمحتاجين بفعل تصاعد العدوان الإسرائيلي والإجراءات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، من حصار خانق واقتحامات متكررة.
وبينما كان الطهاة يعدون وجبات الإفطار داخل تكية نابلس، جلست المواطنة "أم عامر" على كرسي قبالة باب التكية المغلق، وعيناها تارة على الباب وتارة أخرى على الساعة بانتظار موعد توزيع الوجبات لتأخذ نصيب عائلتها المكونة من 6 أفراد.
وقالت "أم عامر" لمراسل "وكالة سند للأنباء" إن التكايا الخيرية تمثل فرجًا وملجأً للفقراء والمحتاجين، يوفر عليهم حرج السؤال وطلب المساعدة من الآخرين، خاصة في شهر رمضان.
وأشارت إلى أن عائلتها كانت تعيش بوضع مادي مقبول قبل أن يخسر زوجها عمله في مجال البناء بفعل تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفشي البطالة.
أما حمدي عبد الرازق (55 عاما) والذي يملك بسطة لبيع السكاكر، فقال لنا إن أوضاعه المادية تبدلت منذ عام ونصف، ولم يعد قادرا على توفير أساسيات المعيشة لعائلته المكونة من 6 أفراد.
وأضاف: "كنت أعمل في الداخل المحتل، وكان وضعي المادي جيدا، قبل أن تغلق المعابر وأفقد عملي، وأحمدُ الله على وجود هذه التكية التي تساعدني في تأمين قوت عيالي".
عمل تطوعي
وتفتح تكية نابلس بابًا للعمل التطوعي بمشاركة عشرات الشبان من طلبة المدارس والجامعات.
وداخل مطبخ تكية نابلس، كان ثمانية متطوعين يجهزون الوجبات ويضعونها في عبوات خاصة لتسليمها إلى مستحقيها، فيما كان آخرون يساعدون بنقل طرود الطعام لإيصالها إلى محتاجيها في الأماكن البعيدة.
وقال لنا مشرف تكية نابلس عدي بري، إن التكية توزع كل يوم ما بين 1500-1600 وجبة إفطار، يتم إعدادها بمكونات عالية الجودة والقيمة الغذائية.
وأوضح أن التكية يعمل بها اثنان من الطهاة، ويساعدهم عدد من موظفي لجنة الزكاة، ومتطوعون يتراوح عددهم بين 10-15 متطوعا.
من جانبه، قال المتطوع خالد، وهو من طلبة أكاديمية القران الكريم التابعة للجنة زكاة نابلس، إنه يتطوع لأول مرة في تكية نابلس، "طمعا بالأجر والثواب من الله تعالى، واستغلالا لوقتي في مساعدة المحتاجين".
احتياجات متزايدة
وتعمل تكية نابلس طوال أيام شهر رمضان، فيما يقتصر عملها بقية السنة على يومين أسبوعيا.
وقال رئيس لجنة زكاة نابلس محمد الشنار لمراسل "وكالة سند للأنباء" إن اللجنة تسعى لتوسيع وتطوير مقر التكية لتحسين خدماتها وزيادة طاقتها الإنتاجية، مبينا أن ذلك يأتي ضمن سعي اللجنة لكي تكون التكية مفتوحة أمام المحتاجين طوال أيام الأسبوع.
وأشار الشنار إلى تزايد حاجات الناس بسبب ظروف الحياة وهو ما يضع على كاهل لجنة الزكاة والمؤسسات الخيرية مسؤوليات كبيرة لتلبية تلك الاحتياجات.
وأوضح أن جزءا من المستفيدين من التكية مسجلون لدى لجنة الزكاة، وبعضهم الآخر غير مسجل، إذ أن تكية نابلس لا تغلق أبوابها أمام أي سائل.
وعبر عن اعتقاده بأن الغالبية العظمى ممن يأتون إلى التكية هم محتاجون فعلا، مضيفا: "نحن نتحرى عن أوضاع المستفيدين، لكننا لن نحرم الكثيرين بسبب قلة من المحتالين إن وجدوا".
ولتوسيع قاعدة المتبرعين، اعتدت تكية نابلس سياسة تقوم على استقبال اية تبرعات نقدية أو عينية مهما بلغت قيمتها أو حجمها.
وقال الشنار: "فتحنا الباب أمام التبرعات بأشكالها كافة، ولا نرفض أي تبرع مهما كان صغيرا".
وأشار إلى أن بعض المتبرعين يقدم عجلا كاملا، وبعضهم يقدم مبلغ 30 شيكلا، فيما يأتي أحدهم بكيلوغرام واحد من الأرز.
وأوضح أن توسيع قاعدة المتبرعين للتكية يضمن توفر موارد بشكل دائم، ويتيح زيادة عدد المستفيدين، كما يشعر الجميع أنه يساهم في عمل الخير، وبهذا يعم الخير ويتعزز النسيج الاجتماعي.