الساعة 00:00 م
الإثنين 21 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

إفادة رئيس "الشاباك" أمام المحكمة: "طلب تجسس واستبعاد متعمد من المفاوضات" ماذا أيضًا؟

مبادرات الخبز في غزة.. "عندما يصبح الخبز رزقًا يُهدى"

لقيمات تحت النار.. موائد الغزيين لأجل البقاء على قيد الحياة لا لـ "الشبع"

من حكايا الجوع في زمن الحرب..

لقيمات تحت النار.. موائد الغزيين لأجل البقاء على قيد الحياة لا لـ "الشبع"

حجم الخط
موائد الغزيين في الحرب.jpg
غزة- وكالة سند للأنباء

في رائحة الخبز المحترق من تنور بدائي، وفي مذاق العدس المسلوق على نار الحطب، تتجلى مأساة شعب يواجه حرب إبادة لا ترحم، لكنه لا يزال يحاول بين ركام المنازل، أن يصنع حياة تليق بالبقاء.

في غزة، حيث الموت يحوم في كل لحظة، تحولت الموائد إلى معارك صمود، وأصبح الطعام رسالة حياة تقف في وجه الجوع والعدوان.

"نأكل لنعيش لا لنشبع"..

على مدخل خيمة منصوبة على أنقاض منزلها في حي الزيتون بمدينة غزة، تجلس أم فادي، تحرك قدراً صغيراً فوق موقدة من الحطب، تقول بصوت مبحوح: "هذا عدس، صار هو الفطور والغداء والعشاء، لم نرَ الأرز منذ أسابيع، لا طحين ولا سكر ولا زيت. صرنا نطبخ بأي شيء، أحياناً نغلي الحشائش الخضراء التي نجدها بين الركام".

وبغصة تخنق صوتها تتابع: "في 1987 أكلنا الزعتر والماء، لكن اليوم لا زعتر ولا ماء نقي، ولا حتى كرامة، صار الجوع سلاح يستخدموه ضدنا، وصرنا نأكل لنعيش لا لنشبع".

وبالكاد تجد العائلات في غزة اليوم ما يسد رمقها، فالمعونات شحيحة، والاحتلال يمنع دخول المواد الغذائية، والناس يعتمدون على ما توفره بعض المبادرات المحلية أو ما يُخبأ في زوايا البيوت من مؤن قديمة.

أصناف لا تشبه المائدة.. 

ولم تعد موائد الغزيين تحمل أصناف الطعام المعتادة، وباتت الوجبات تقتصر على العدس المسلوق أو المطحون، الخبز المصنوع من الطحين الفاسد أو بقايا الشعير، والمعلبات القديمة التي تم توزيعها سابقًا كمساعدات، أو الحمص المجفف بعد نقعه لساعات طويلة، حتى أن هذه الأصناف، تُعتبر ترفًا للكثيرين.

وعن الجوع وسوء الحال يحدثنا أبو عمار، وهو رب أسرة مكوّنة من سبعة أفراد، ويقيم في أحد مراكز الإيواء: "أحيانًا نقسم رغيفًا واحدًا على الجميع، والله أطبخ ماء وأضيف له بصلة إذا توفرت، حتى أحس إنو في شي على النار يلهي الأولاد عن الجوع".

تحضير الوجبة أضحى تحديًا..

ولأن الحرب سرقت من أطفال غزة كل شيء، يتقاسم الأطفال هنا الجوع مع الكبار، لا شيء يسد جوعهم أو رغبتهم بتناول قطعة حلوى أو ما كانوا يعتادون على شرائه قبل الحرب من حاجيات لذيذة.

تقول الطفلة سلمى (10 سنوات): "زمان ماما كانت تجيب لي شوكولاتة كل جمعة، الآن ما بدي شوكولاتة، بدي بس آكل خبز مش محروق".

أما محمود الشاب الجامعي فيقول: "أحاول أن أجمع بقايا الخشب من البيوت المهدمة، علشان أطبخ لأهلي، رائحة حرق الخشب مؤذية وتشعرنا بالاختناق، لكن لا يوجد وسيلة أخرى، كل وجبة صارت كأنها تحدٍ للحياة".

ويتابع: "كل ما نأكله اليوم هو برهان على أننا لا زلنا أحياء، الطعام صار رسالة صمود، وصحن العدس صار صرخة في وجه كل من يحاصرنا ويمنع عنا الحياة".

وفي ظل هذه الأوضاع، أصبح إعداد الطعام عملية محفوفة بالخطر، فالغارات لا تميز بين بيت ومخبز، بين قدر على النار وهدف للاحتلال، لكن موائد غزة، مهما خلت من الأطعمة، فهي مليئة بما هو أعمق، إنها موائد البقاء رغم الجوع، موائد المقاومة رغم الحصار.

فكل لقمة تُؤكل هنا، هي شهادة حيّة على إرادة لا تُقهر، حتى في ظل حرب تسعى لقتل كل شيء حتى الجوعى.

وقال برنامج الأغذية العالمي، أمس الأحد، إن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم بشكّل خطير، وإن نحو مليوني شخص غالبيتهم من النازحين يعيشون دون مصدر دخل ويعتمدون كليًا على المساعدات الغذائية.

وأضاف برنامج الأغذية، أن المخزون الغذائي يتناقص بشكّل حاد مما يُنذر بكارثة إنسانية وشيكة في القطاع، في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الغذائية إلى غزة.

وأكد على حاجة قطاع غزة الماسّة إلى تدفق فوري ومستمر للغذاء لتفادي انهيار كامل في الأمن الغذائي، مشددًا على أن المدنيين غزة يواجهون ظروفًا إنسانية كارثية ونقصًا حادًا في مقومات الحياة الأساسية.

وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق معابر قطاع غزة، وإيقاف إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية صباح الثاني من مارس/آذار الجاري، حيث انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي استمرت 42 يومًا.