الساعة 00:00 م
الإثنين 05 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.8 جنيه إسترليني
5.09 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.08 يورو
3.61 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

الاحتلال يمنع إدخال الحليب.. موت آخر يُطارد أرواح 3500 طفل في غزة

غالبيتهم أطفال.. 57 فلسطينيًا لفظوا أنفاسهم بسبب سياسة التجويع بغزة

الرضيعة جنان السكافي ضحية جديدة لسوء التغذية.. تحذير من تداعيات خطيرة لأزمة الجوع بغزة

في ظل المجاعة المتفاقمة..

بالفيديو المعكرونة والبقوليات.. بدائل الطحين لأهالي غزة في صناعة الخبز

حجم الخط
المعكرونة
غزة - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

"لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، كثيراً ما رددنا هذه المقولة في أحيان كثيرة، لكنَّا بتنا الآن نعيش واقعاً أُنعِش فيه الفقرَ وقُتِل الأعِزةُ المحتاجون، فلم تكتفِ "إسرائيل" بالحرب العسكرية على قطاع غزة فحسب، بل اتخذت من التجويع سياسة للابتزاز وسلاحاً آخر للحرب والقتل.

فبينما يُطبق الاحتلال حصاره على أهالي قطاع غزة بشتى الطرق ويمنعُ إدخال الدقيق والمساعدات بإغلاق معابر القطاع لأكثر من شهرين متتاليين؛ يقرصُ الجوع بطون الصغار والكبار، ما ألجأ سكان القطاع للبحث عن بدائل يسدون بها جوع أطفالهم، أو توفير حفنة من خبز علَّها تكفي لقوت يوم.

ومع إعلان وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وبرنامج الأغذية العالمي نفاد مخزون الدقيق، وارتفاع سعر الكيس الواحد إلى أكثر من ألف شيقل، يزداد خطر المجاعة يومًا بعد يوم.

وعلى إثر ذلك، لجأ الغزيون لاستخدام المعكرونة وأصنافاً أخرى من البقوليات كبديل للدقيق لصناعة الخبز، الذي يعد الركن الأساسي الذي يسد الجوع، ويُكفَل همُه إن وُجِد!

@anoszeno

مين عمروا جرب يعجن المعكرونة ويعملها خبز ؟ أنا عجنت المعكرونة وعلمتها خبز بسبب ارتفاع اسعار الطحين بالأسواق#لا_تعتاد_المشهد #gaza #حسبي_الله_ونعم_الوكيل

♬ الصوت الأصلي - Anas Zeno 🇵🇸

"مُضطرون.. قبل أن نموت من الجوع"..

السيدة أم محمد الخولي أحد النازحات في مدارس حي الزيتون شرق مدينة غزة، تُبدي قلقها إزاء أزمة الدقيق التي تجتاح قطاع غزة، والتي تعكس مشهداً تكرر في مجاعة شمال القطاع التي استمرت أشهراً طِوال.

تقول السيدة "أم محمد" لمراسلة "وكالة سند للأنباء"، إن عائلتها لجأت لاستخدام المعكرونة كبديل للطحين، في ظل الغلاء الفاحش له وارتفاع سعره لأكثر من ألف شيكل للكيس الواحد بوزن 25 كيلو.

وتضيف:" حتى المعكرونة لم تكن متوفرة إلا بكميات بسيطة، إلى أن اختفت تماماً من الأسواق مع ازدياد الطلب عليها، وما تبقى منها ارتفع سعره فوق المعقول".

وعن سؤالنا "كيف تستخدمين المعكرونة كبديل للطحين"؟ تُجيب ضيفتنا:" أصبحنا نطحن المعكرونة بالمطحنة اليدوية أو خلاط قوي، حتى تصبح ناعمةً مثل الطحين".

وتتُابع حديثها:" ثم نخلطها بكمية صغيرة جداً من الطحين المتبقي لدينا إن توفر، حتى تتماسك العجينة، ونُضيف عليها الخميرة والملح والماء الفاتر، ونطهوها على الصاج أو الفرن التقليدي".

أما عن طعمه، فلم ترَ ضيفتنا بُداً إلا أن تتقبل الأمر الواقع، فالطعم والقوام يختلفان عن خبز الدقيق، مُبينةً أن خبز المعكرونة أقرب منه للبسكويت، كما أنه قاسٍ ولا يُشبع، ولا ينتفخ مثل الخبز العادي وينفد بسرعة".

"ما إلنا خيار ثاني ويبقى أحسن من الجوع"، وتحاول "الخولي" سد جوع أطفالها بما توفر، مُوضحةً "الطحين مش موجود، والمعابر مسكرة، فصرنا نبحث بأي وسيلة نوفر خبز للأولاد".

هذه ليست المعاناة الوحيد لعائلة "الخولي" التي وصفت حالها بـ"العيش على الأمل بالله"، فأصوات الطائرات والقصف المستمر لا يتوقف، الكهرباء مقطوعة والمياه ملوثة، والمعدة فارغة والطوابير على الأفران لا نهاية لها، ولا يوجد دقيق".

وفي ظل هذا الجوع والأزمة الخانقة أصبح الناس لا يأكلون إلا وجبة واحدة يومياً والعائلة كلها تتشارك رغيفين من الخبز لسد رمقهم.

"لا نريد ابتكار وصفات.. نُريد العيش بكرامة"..

كل عائلة تحمل بينا جنباتها حَكايا وأسرار، ومرار لا يتجرعه غيرهم "أم محمد" الخولي، أصبحت تخلط الأرز المطحون مع المعكرونة حتى تصنع الخبز لأبنائها، أما السيد "أبو علاء" فيحاول طحن العدس، بينما يحاول الجميع اختراع طرق جديدة للعيش.

يقول السيد "أبو علاء" لمراسلتنا: إن الأسواق شبه فارغة، والمعكرونة وصلت أسعاراً خيالية عمَّا كانت عليه سابقاً، وليس بمقدور جميع الناس شراؤها.

ويُبيِّن أن بعض الناس لجأوا لطحن الحمص، الأرز والشعير، وأي أي شي يمكن ينطحن، لكنها حلول مؤقتة، والأزمة أعمق من مجرد خبز، نحن نريد "العيش بكرامة، لا أن نبتكر وصفات بسبب الجوع".

أمَّا روان عاشور، تروي تجربة عائلتها لـ"وكالة سند للأنباء"، فبعد أن اقتحمت المجاعة بيوت أهالي غزة، شرعت عائلة "عاشور" باستخدام بدائل الدقيق قبل أن ينفد تماماً، إذا أن البدائل كذلك تحتاج إلى بعض الدقيق لصنع أرغفة خبز تصلح للأكل الآدمي!

لكن ضيفتنا استخدمت طريقةً أخرى لصناعة الخبز من المعكرونة تمثلت بـ "نقعها" أولاً في الماء لمدة تتراوح بين 6 إلى 7 ساعات، حتى تحصل على قوامٍ طري مناسب لتشكيل عجينة، ثم تضيف وعاءً من دقيق على معجون المعكرونة – وهي خطوة ضرورية- حتى تتماسك، ثم تُضاف الخميرة والملح.

تقول "عاشور": "هذه أول مرة نستخدم فيها المعكرونة كبديل للدقيق، رغم أننا عايشنا مجاعةً أشد في شمال طاع غزة في أوقات سابقة من هذه الحرب، لكن حينها لم تكن تتوفر المعكرونة بالأساس".

وتشير إلى أن كيساً من المعكرونة بجانب إناءٍ صغير من الدقيق، يصنع من 14 إلى 16 رغيفاً من الخبز.

وتتابع حديثها بدهشة: "لا يوجد فرق كبير بين المعكرونة والطحين سواء في الشكل أو الطعم"، مستدركةً:" لكن خبز المعكرونة يصبح يابساً يوماً بعد يوم، فنأكله بالإجبار في ظل عدم توفر الغاز للتسخين الفوري"، وكلها أزمات مركبة في قطاع غزة.

مجاعة تتفشى..

وفي ظل الإغلاق التام لمعابر قطاع غزة للشهر الثاني على التوالي، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 91% من السكان يواجهون أزمة غذائية خانقة، وسط نقص حاد في المواد الأساسية.

إلى ذلك أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان له تابعته "وكالة سند للأنباء"، أن المجاعة تتفشى في قطاع غزة بمستويات كارثية، مشيرًا إلى ارتفاع حاد في معدلات الوفاة الطبيعية بين السكان، لا سيما بين الأطفال وكبار السن.

وأوضح المرصد أن هذا هو أطول حصار شامل يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، محذرًا من تفاقم الكارثة الإنسانية مع دخول الحصار شهره الثالث.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي بارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية الحاد إلى 57 حالة، معظمهم من الأطفال، إلى جانب مرضى وكبار في السن.