الساعة 00:00 م
الإثنين 21 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

مبادرات الخبز في غزة.. "عندما يصبح الخبز رزقًا يُهدى"

لقيمات تحت النار.. موائد الغزيين لأجل البقاء على قيد الحياة لا لـ "الشبع"

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

في ظل إغلاق المخابز وتفشّي الجوع..

مبادرات الخبز في غزة.. "عندما يصبح الخبز رزقًا يُهدى"

حجم الخط
مبادرة الخبز بغزة
غزة- وكالة سند للأنباء

في زقاق ضيق بحي الزيتون بمدينة غزة، كانت السيدة "أم سائد" تجلس على عتبة منزلها المتواضع، تحتضن ربطة خبز وصلتها للتو من شاب يركب دراجة هوائية نظرت إليه بعينين دامعتين، وهمست: "ما توقعت يومًا أن يصير الخبز رزقًا يُهدى.. وليس يُشترى فقط".

مشهد إنساني يتكرر يوميًا في غزة، حيث أجبرت أزمة الوقود وشح الدقيق، عشرات المخابز على الإغلاق، ودفعت بآلاف العائلات إلى مواجهة الجوع بلا خيارات.

أفران الرحمة..

في ظل هذا الواقع، ظهرت مبادرات شعبية تسعى لتوزيع الخبز مجانًا على العائلات المتضررة، واحدة من هذه المبادرات هي"خبز الكرامة"، التي يديرها شباب متطوعون بالتعاون مع تبرعات فردية.

تقول فاطمة أحمد (38 عامًا)، إحدى مؤسسي المبادرة: "بدأنا بأفران صغيرة متنقلة، وكنا ننتج 300 ربطة يوميًا، واليوم وصلنا إلى أكثر من 1200 ربطة في اليوم، نوزعها على الأسر الفقيرة في الدرج والزيتون".

وتتابع: "الناس لا يطلبون أكثر من خبز، لكن هذا الخبز عند البعض صار حلمًا، نحمل الأرغفة في الصباح، ونوزعها كأننا نحمل الدفء في زمن بارد جدًا".

امتنان وألم..

ولا يخفي المستفيدون من هذه المبادرات امتنانهم ولا ألمهم، وتحدثنا السيدة أم محمد (63 عامًا)، من سكان حي الدرج: "كنا نقف في الطابور ساعات ولا نجد خبزًا أولادي ينامون بلا عشاء".

وتتابع: "منذ أسبوعين، يأتي شاب كل صباح ويضع ربطة خبز عند بابنا، دون أن يطرق حتى، هل تعرف ما معنى أن تشم رائحة الخبز في بيتك من جديد؟".

"صار رغيف الخبز أغلى من الذهب، هذه المبادرات أنقذتنا من الجوع حرفياً، الحكومة مش قادرة، لكن الناس لبعضها". تقول "ضيفة سند".

بينما يحكي إبراهيم (22 عامًا)، أحد المتطوعين في التوزيع: "أنا نفسي أعيش على مساعدات، لكن قررت أن أشارك في التوزيع، ما نراه في عيون الناس ينسينا تعبنا، كتير بيبكوا وهم بياخدوا الخبز".

ويضيف: "أزمة الخبز لا تُقاس فقط بعدد الأرغفة، بل بكرامة الناس، مبادرتنا مش بس طحين وماء، بل رسالة بأن الناس لبعضها، والإنسانية لا تحتاج تصريح دخول أو كهرباء".

ومن رحم الحاجة، ولدت عشرات المبادرات التي تهدف لتوفير الخبز للبيوت الفقيرة، أبرزها مبادرة "خبز الناس"، والتي تعمل على جمع التبرعات لشراء الطحين والخبز من أفران لا تزال تعمل بشكل جزئي، ومن ثم توزيعه مباشرة للأسر المتعففة.

وفي حيّ الزيتون، تستقبل أم أكرم (49 عامًا) الخبز كل صباح من شابة متطوعة تقول: "كنت أخبز لأطفالي على نار الحطب، اليوم، عندما يطرق الباب شاب ومعه الخبز، أشعر أن الدنيا لسا فيها خير".

إحصائيات صادمة

رئيس جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة عبد الناصر العجرمي يقول، إن نحو 70% من سكان القطاع كانوا يعتمدون بشكل رئيسي على المخابز المتعاونة مع برنامج الغذاء العالمي لتأمين احتياجاتهم اليومية من الخبز.

ويوضح العجرمي، في تصريح خاص لـ"وكالة سند للأنباء"، أن 25 مخبزًا كانت تعمل ضمن البرنامج، وتنتج يوميًا ما يقارب 300 طن من الخبز، وهي كمية تكفي لتلبية احتياجات نحو مليوني مواطن.

ويضيف، أن البرنامج كان يخطط لتوسيع نطاق عمله ليشمل عددًا أكبر من المخابز، غير أن توقف التوريد ونقص المواد الأساسية نتيجة الإغلاق الكامل للمعابر حال دون ذلك، ما أدى إلى توقف المشروع بالكامل في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في القطاع.

وكان قطاع غزة يضم قرابة 140 مخبزًا قبل بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، دُمر منها حتى الآن 25 مخبزًا بشكل كلي، بين مخابز آلية ونصف آلية. كما تعاني المخابز المتبقية من أزمات حادة في الوقود والطحين تهدد بتوقفها الكامل عن العمل، وفق العجرمي.

وأكد العجرمي في ختام حديثه، أن برنامج الغذاء العالمي أبلغهم استعداده لاستئناف دعم المخابز فور السماح بإدخال الدقيق والوقود عبر المعابر، وهو ما لا يزال مرهونًا بشروط سياسية وأمنية تفرضها سلطات الاحتلال، وتعيق وصول الاحتياجات الأساسية إلى سكان القطاع.

وتتفاقم هذه المعاناة، في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، الذي شمل إغلاقًا تامًا لجميع المعابر، بما في ذلك معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع، مما أدى إلى انقطاع تام في إمدادات الطحين والوقود والمواد الغذائية والطبية.

وبحسب تقارير أممية وحقوقية، يواجه نحو 2.3 مليون فلسطيني خطر المجاعة، في ظل تدمير البنية التحتية الغذائية ومنع دخول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ.

ويُعد الخبز أحد السلع الأساسية التي بات الحصول عليها يمثل تحديًا يوميًا للسكان، خاصة في ظل تدمير عشرات المخابز وشح الوقود اللازم لتشغيلها.

ومطلع شهر أبريل/ نيسان الجاري، أعلن برنامج الأغذية العالمي، أن جميع المخابز المدعومة من قبله وعددها 25 مخبزا في قطاع غزة، أغلقت أبوابها بسبب نفاد الدقيق والوقود المتوفر لديه.

وقال البرنامج العالمي في بيان سابق له، أنه كان يوزع يوميًا أكثر من 306,000 كيلوغرام من دقيق القمح لتشغيل المخابز في جميع أنحاء القطاع، بالإضافة إلى الخميرة والسكر والملح.

وأشار إلى أنه مع استمرار إغلاق الحدود ومنع دخول المساعدات، نفدت الإمدادات اللازمة، مما أدى إلى وقف دعم إنتاج الخبز في جميع المخابز المدعومة من البرنامج.